قوع الانقلاب العسكري بمصر عام 2013، بعد محاولات قصيرة لإصلاح تركة مبارك من الديون والفساد والهشاشة الاقتصادية، عادت مصر إلى السياسات نفسها مرة أخرى، ليبلغ حجم ديون مصر اليوم 125 مليار دولار، وفي الوقت نفسه تلتزم الدولة المصرية بالسياسات نفسها التي وضعها السادات وسار عليها مبارك، وهي زيادة الاستثمار في المرافق العامة والخدمات والمنتجعات السياحية والعقارية وإنشاء الطرق والكباري والقصور لتشغيل قطاع المقاولات، بجانب محاولة تطوير القطاع السلعي بتدمير التراث العمراني والسياحي سعيا وراء الأموال التي ادخرها المصريون أو وصلتهم بتحويلات من خارج مصر بالاستهلاك تارة وبالجباية مرات عديدة، فقد استفحل أمر الجباية في مصر مع قوانين جمع الضرائب على كل شيء تقريبا، من راديو السيارة وحتى العقارات.
مع تعميق التبعية الخارجية خاصة في ملف العلاقات مع إسرائيل، لضمان تدفُّق المساعدات والمنح والقروض، مع عدم إخضاع اقتصاد المؤسسة العسكرية لأي نوع من الرقابة أو المحاسبة، إلى جانب الاستمرار في الاعتماد على القروض الخارجية في تمويل العجز بين الموارد والإنفاق، وبالطبع تنفيذ توصيات وخطط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في رفع الدعم عن السلع الأساسية والطاقة وتقليص البيروقراطية وتسهيل إجراءات وضمانات الاستثمار الأجنبي.
وهي السياسات التي يُخبرنا جلال أمين أنها تجعل الاقتصاد المصري مرتبطا بالمصالح الأميركية ومصالح الدائنين الغربيين، ومرتبطا بما يمكن "أن يؤديه النظام المصري من خدمات للسياسة الأميركية والإسرائيلية".