السعودية وإسرائيل.. "المملكة تريد التطبيع" فهل اختلفت الشروط؟
الحرة / خاص - واشنطن
11 يناير 2024
مع بداية الحرب بين إسرائيل وحماس في أعقاب هجوم مسلحي الحركة في أكتوبر الماضي، أبدى مراقبون تخوفا من أن يجهض ذلك الجهود الأميركية للوساطة بين السعودية وإسرائيل للوصول إلى اتفاق تطبيع بينهما.
وبينما يتساءل البعض عن مستقبل "التطبيع المحتمل" بين السعودية وإسرائيل، أكد سفير السعودية لدى المملكة المتحدة، الأمير خالد بن بندر، في حديث لشبكة بي بي سي" البريطانية، الثلاثاء، أن الرياض لا تزال مهتمة "بالتأكيد" بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مرددًا تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في وقت سابق من اليوم ذاته، و تصريحات مماثلة أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
وقال بلينكن للقادة الإسرائيليين، الثلاثاء، إن الرياض تريد تطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد انتهاء حرب غزة، لكنها لن توافق على أي اتفاق إذا لم تلتزم الحكومة الإسرائيلية بمبدأ حل الدولتين، حسبما صرح اثنان من المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين لموقع أكسيوس .
يُذكر أن السعودية أصدرت في السابع من أكتوبر، بيانا (بُعيد هجوم حماس) انتقدت فيه وضع الفلسطينيين، وجددت دعوتها للمجتمع الدولي بـ"ضرورة إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بحل الدولتين، بما يحقق الأمن والسلم في المنطقة ويحمي المدنيين".
المحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي، علق على الموضوع بالقول إن الرياض "عملت دوما على أن يعم السلام في المنطقة، رغم الصراعات المتجذرة بفعل الاحتلال".
وأضاف آل عاتي في حديث لموقع الحرة أن بلاده التي "تولي اهتماما كبيرا بكل ما يحقق السلام، ترى بأن الطرق الدبلوماسية هي المثلى للوصول إلى السلام وأن الاحتلال يعد العائق الأكبر"، حسب تعبيره.
ذات المحلل ربط أي تقارب مع إسرائيل بمبادرة واضحة تنتهي بـ"إنشاء دولة فلسطينينة، وتمتع الشعب هناك، بحق الوجود".
في الصدد، قالت صحيفة تايمز أوف إسرائيل " إنه في حين كانت إسرائيل قبل الحرب، مطالبة بأن تلتزم بإقامة دولة فلسطينية، فإنها ستحتاج الآن إلى قبول أكثر من ذلك وهو "عودة السلطة الفلسطينية إلى حكم غزة، وهو الأمر الذي قال المسؤولان الأميركيان اللذان تحدثا للصحيفة إن "نتنياهو رفضه".
وقال أحد المسؤولين الأميركيين إن بلينكن نقل بنفسه هذه الرسالة إلى القادة الإسرائيليين، الأربعاء ،و ذكر المسؤولان الأميركيان للصحيفة، أن واشنطن تعتقد بأنه لا يزال من الممكن التوصل إلى اتفاق قبل نهاية الولاية الأولى للرئيس، جو بايدن.
وأكد الدبلوماسي العربي، الذي تحدث للصحيفة الإسرائيلية، الجدول الزمني الأميركي بالخصوص، لكنه شكك في إمكانية التوصل إلى اتفاق في غضون أشهر.
وقال الدبلوماسي الذي لم تكشف الصحيفة عن هويته "يعترف المسؤولون الأميركيون سرا بأنه لا توجد فرصة لهذا النوع من الصفقات في ظل حكومة نتنياهو الحالية، التي لن توافق حتى على منح السلطة الفلسطينية أموالها الخاصة، ناهيك عن الالتزام بدولة فلسطينية"،
وكان هذا الدبلوماسي يشير إلى مئات الملايين من الدولارات من عائدات الضرائب الفلسطينية التي تحجبها إسرائيل عن رام الله.
وأضاف "سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى يكون هناك ائتلاف جديد في إسرائيل، والذي قد لا يزال يعارض أي خطوات تجاه الفلسطينيين".
آل عاتي من جانبه لفت إلى أن الوفود الأميركية التي حلت بالرياض لمست من السعوديين موقفا واحدا وهو "ضرورة أن يتوقف القتال في غزة، وإنهاء الاحتلال ومنح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة".
وقال أيضا، إن الحديث عن اقتراب محتمل لأي شكل من أشكال التوافق حول القضية الفلسطينية خلال ما قيل إنه تفاوض بين السعوديين ووسطاء حول موضوع التطبيع بين الرياض وإسرائيل، هو ما أعطى زخما متجددا للقضية.
وتابع "السعودية اشترطت دائما وجوب أن يحل السلام " وأشار إلى أنه وبالرغم من أن هجوم السابع من أكتوبر "أبعد السلام المنشود نوعا ما" إلا أن فرص الوصول إليه لا تزال قائمة "شريطة أن تستجيب إسرائيل لمطالب وحققوق الفلسطينيين، بكما فيها حقهم في أن تكون لهم دولتهم الخاصة".
وختم قائلا "هذا رأيي كمحلل، أعتقد أنه إذا أرادت إسرائيل التطبيع يجب أن تستجيب للمطالب المتعلقة بحق الشعب الفلسطيني في التمتع بحرية إنشاء دولته".
والاثنين الماضي، أعلن بلينكن أنه ناقش في السعودية مسألة التطبيع مع إسرائيل وتنسيق الجهود لمرحلة ما بعد الحرب في غزة، وذلك في إطار جولة في المنطقة سعى خلالها لمنع تحوّل الحرب الراهنة إلى صراع إقليمي.
وجاء كلام الوزير الأميركي بعد لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في خيمته الشتوية على مشارف مدينة العُلا التي تضمّ مواقع مدرجة في قائمة التراث العالمي لمنظمة يونيسكو.
وقال بليكن قبيل صعوده إلى الطائرة للتوجّه إلى إسرائيل، إنّه في ما يتعلّق بالتطبيع "تحدّثنا عن ذلك في الواقع في كل محطة (من الجولة) بما في ذلك بالطبع هنا في السعودية".
وأضاف "هناك اهتمام واضح هنا بالسعي إلى ذلك، لكن الأمر سيتطلب إنهاء النزاع في غزة، وإيجاد مسار عملي لقيام دولة فلسطين".
إلى ذلك، نقلت "تايمز أوف إسرائيل" عن حسين أبيش، الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، قوله، إن المفاوضات ليست مرتطبة بتوقف القتال تمامًا في غزة،
ورأى أبيش أن التراجع الكبير في الهجوم الإسرائيلي والتحول من قبل الجيش الإسرائيلي لتحديد العمليات التي تستهدف قادة حماس والبنية التحتية العسكرية رفيعة المستوى يمكن أن يضع الأساس لاتفاق بين إسرائيل والرياض.
وأشار إلى أن السعودية التي تعتبر نفسها زعيمة العالمين العربي والإسلامي، لا يمكن تقبل أن يُنظر إليها على أنها تتخلى عن القضية الفلسطينية، بينما أصبحت القضية مرة أخرى موضع اهتمام دولي كبير، في إشارة إلى الاهتمام الدولي المتزايد بما يحدث في غزة والضفة الغربية.
أبيش قال أيضا إن إسرائيل لن تحتاج بعد، إلى الموافقة على الانسحاب من الضفة الغربية أو إقامة دولة فلسطينية على الفور، لكنها ستوافق بدلا من ذلك على أن إقامة الدولة هي "نهاية اللعبة" وفق وصفه.
وعرقلت الحرب بين حركة حماس وإسرائيل في قطاع غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر، جهود التوصل لاتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية.
ولم تعترف السعودية بإسرائيل ولم تنضمّ لاتفاقيات أبراهام الموقعة في 2020 برعاية أميركية بين إسرائيل وكلّ من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.