التغطية مستمرة لا تعذليه فإن العذل يولعه

motlaq

منتدى التحالف
صقور التحالف
إنضم
29/3/19
المشاركات
2,034
التفاعلات
6,721
راقية ابن زريق أو عينية ابن زريق، غالباً ما يُشار إليها بـ«لا تَعذَلِيه» أو «قمرٌ في بغداد»، وهي قصيدةٌ كَتَبها الشاعرُ العباسي ابن زريق البغدادي في سنواته الأخيرة في بلاد الغربة، كتب في سطورها مأساته بعد أن تَركَ موطنه الأصلي بغداد متجهاً إلى بلاد الأندلس. كان قد هاجر بغداد، تاركًا محبوبته لكسب لقمة العيش وبناء أحلامه والعودة لها، لكن الحظ لم يكن في صفه؛ فمرضَ في الأندلس واشتد مرضه حتى لاقى حتفَهُ في النهاية.
القصيدة خالدة في تاريخ الأدب العربي، وتدل على قدرة الشعر في صياغة «مشاعر الحب والألم» التي يشعر بها الإنسان. كما تُعد القصيدة من أشهر قصائد الحب ولوعة الاغتراب في الشعر العربي. على الرغم من أن ابن زريق البغدادي يعرفه عشّاق الأدب العربي، إلا أن هذه هي القصيدة الوحيدة التي وُجِدَت له، وُجِدَت القصيدة معه عند وفاته سنة 1029م/420 هـ، حيث عُثِرَ عليها عند رأسه. في القصيدة، يُخاطبُ ابن زريق حبيبته ويؤكد حبه لها حتى آخر نفس في حياته، ويترك في سطور القصيدة تجربته في المنفى ورحيله من أجل الرزق. لم يصغِ ابن زريق لكلام عشيقته عندما نصحته بعدم الرحيل؛ فأوضح في نهاية القصيدة أنه كان مُتَأَسِّف ونادم حيث لا يوجد له رفيق أو معين.

لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُقَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ
جاوَزتِ فِي لومه حَداً أَضَرَّ بِهِمِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ اللوم يَنفَعُهُ
فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاًمِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ
قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُفَضُلِّعَتْ بِخُطُوبِ الدهرِ
وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ واصِلَةًرزقَاً وَلا دَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ
رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُوَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ
وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلاشَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ
عَل اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَناجِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماً وَتَجمَعُهُ
وَإِن تُنلُّ أَحَدَاً مِنّا مَنيَّتُهُفَما الَّذي بِقَضاءِ اللَهِ يَصنَعُهُ
 

لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ​

قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ​

جاوَزتِ فِي لَومهُ حَداً أَضَرَّبِهِ​

مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ اللَومَ يَنفَعُهُ​

فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً​

مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ​

قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ​

فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ الدهرِ أَضلُعُهُ​

يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيتِ أَنَّ لَهُ​

مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ​

ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ​

رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ​

كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ​

مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ​

إِنَّ الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً​

وَلَو إِلى السِّندِ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ​

تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه​

للرزق كداً وكم ممن يودعُهُ​

وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ​

رزقَاً وَلادَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ​

قَد وَزَّع اللَهُ بَينَ الخَلقِ رزقَهُمُ​

لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ​

لَكِنَّهُم كُلِّفُوا حِرصاً فلَستَ تَرى​

مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ​

وَالحِرصُ في الرِزاقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَت​

بَغِيُ أَلّا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ​

وَالدهرُ يُعطِي الفَتى مِن حَيثُ يَمنَعُه​

إِرثاً وَيَمنَعُهُ مِن حَيثِ يُطمِعُهُ​

اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً​

بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ​

وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي​

صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ​

وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً​

وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ​

لا أَكُذب اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَرقٌ​

عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُهُ​

إِنّي أَوَسِّعُ عُذري فِي جَنايَتِهِ​

بِالبينِ عِنهُ وَقلبي لا يُوَسِّعُهُ​

رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ​

وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ​

وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا​

شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ​

اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلّي بَعدَ فُرقَتِهِ​

كَأساً أَجَرَّعُ مِنها ما أَجَرَّعُهُ​

كَم قائِلٍ لِي ذُقتُ البَينَ قُلتُ لَهُ​

الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبي لَستُ أَدفَعُهُ​

أَلا أَقمتَ فَكانَ الرُشدُ أَجمَعُهُ​

لَو أَنَّنِي يَومَ بانَ الرُشدُ اتبَعُهُ​

إِنّي لَأَقطَعُ أيّامِي وَأنفِنُها​

بِحَسرَةٍ مِنهُ فِي قَلبِي تُقَطِّعُهُ​

بِمَن إِذا هَجَعَ النُوّامُ بِتُّ لَهُ​

بِلَوعَةٍ مِنهُ لَيلى لَستُ أَهجَعُهُ​

لا يَطمِئنُّ لِجَنبي مَضجَعُ وَكَذا​

لا يَطمَئِنُّ لَهُ مُذ بِنتُ مَضجَعُهُ​

ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ الدهرَ يَفجَعُنِي​

بِهِ وَلا أَن بِي الأَيّامَ تَفجعُهُ​

حَتّى جَرى البَينُ فِيما بَينَنا بِيَدٍ​

عَسراءَ تَمنَعُنِي حَظّي وَتَمنَعُهُ​

بالله يامنزل القصف الذي درست​

اثاره وعفت مذ غبت اربعه​

هل الزمان معيد فيك لذتنا​

أم الليالي التي مرت وترجعه​

فِي ذِمَّةِ اللَهِ مِن أَصبَحَت مَنزلَهُ​

وَجادَ غَيثٌ عَلى مَغناكَ يُمرِعُهُ​

مَن عِندَهُ لِي عَهدُ لا يُضيّعُهُ​

كَما لَهُ عَهدُ صِداقٍ لا أُضَيِّعُهُ​

وَمَن يُصَدِّعُ قَلبي ذِكرَهُ وَإِذا​

جَرى عَلى قَلبِهِ ذِكري يُصَدِّعُهُ​

لَأَصبِرَنَّ لِدهرٍ لا يُمَتِّعُنِي​

بِهِ وَلا بِيَ فِي حالٍ يُمَتِّعُهُ​

عِلماً بِأَنَّ اِصطِباري مُعقِبُ فَرَجاً​

فَأَضيَقُ الأَمرِ إِن فَكَّرتَ أَوسَعُهُ​

عَل اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنا​

جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماً وَتَجمَعُهُ​

وَإِن تُنلُّ أَحَدَاً مِنّا مَنيَّتَهُ​

فَما الَّذي بِقَضاءِ اللَهِ يَصنَعُهُ​

 
عودة
أعلى