سيف الشرق
عضو قيم
- إنضم
- 12/2/19
- المشاركات
- 2,051
- التفاعلات
- 5,485
#تمهيد #خطاب_عمليات_فجر_الحرية_الكورية
هذا المقال التالي هو مجرد تمهيد لخطاب عمليات فجر الحرية الكورية
مقال توضيحي وتقديمي هام جدا جدا جدا.
كوريا الشمالية ... الوحش في بطن الجبل
هل نبالغ في تقدير قوة كوريا الشمالية؟!!
يقول القائد المصري الغني عن التعريف الفريق سعد الدين الشاذلي رحمة الله عليه في كتابه عن مذكراته عن حرب أكتوبر أنه أثناء زيارته إلى DPRK كوريا الشمالية في مطلع شهر إبريل عام 1973 أذهله حجم وقوة وعمق استعدادهم للحرب الواسعة مع أعداء كوريا الشمالية عبر شبكات معقدة ومتكاملة من التحصينات الجبلية والأنفاق وبناء المطارات والمصانع والبنى التحتية العسكرية في عمق بطون الجبال.
ولدرجة أن الفريق الشاذلي رحمه الله تعالى قال للرئيس الكوري وقتها: «سيادة الرئيس، إذا قامت حرب نووية فأخشى أن يدمر العالم بأجمعه وألا يبقى سوى كوريا الديمقراطية»
وهذا الكلام للفريق الشاذلي من نحو نصف قرن مضى يقصد به إنه من كثرة البنى التحتية المحصنة في الجبال والأنفاق وشبكاتها المعقدة بكوريا الشمالية فلو حدثت حرب نووية بالعالم فلن يبقى إلا كوريا الشمالية لكثرة ما جهزت به نفسها.
حتى شبكة أنفاق مترو العاصمة بيونج يانج شيدت على عمق أكثر من 100 متر وهي أعمق شبكة مترو أنفاق معروفة بالعالم كله.
يجب هنا أن نلاحظ أن كلام الفريق الشاذلي كان من نحو 50 عام مضت وأن الأمور لا تبقى على حالها فكوريا الشمالية تعلم مدى شراسة وتوحش عدوها الأمبريالي اللدود لذلك لا يجب أن نظن إنه خلال الخمسين عاما التي تلت زيارة الفريق الشاذلي بقيت الأمور على حالها كما كانت عليه قبل نحو 50 عاما.
كوريا الشمالية أمة عاملة ومثابرة بشدة ولديها إصرار على تحقيق عقيدتها السياسية العسكرية المتمثلة في عقيدة "الجوتشي" والتي ملخصها الشديد هو الاعتماد على الذات ما أمكن ذلك في كل شيء في كوريا الشمالية .. ولذلك نجد أن كوريا برغم صغر مساحتها وعدد سكانها إلا إنها أمة عجيبة جدا جدا نجحت في بناء صناعات هندسية ثقيلة معاصرة متنوعة ومتعددة المجالات.
فالصناعات العسكرية الكورية وصلت في كثير من جوانبها مراحل متقدمة جدا مع التركيز على عقيدة الاعتماد على الذات في كل شيء ما أمكن لهم ذلك، ولذلك نرى كوريا اليوم تقوم بتصنيع أجيال حديثة من الدفاع الجوي والدفاع الساحلي وبمستويات ممتازة جدا وقادرة على مواكبة جملة كبيرة من تهديدات ساحة القتالل المعاصرة.
الأمثلة على الصناعات الكورية المتقدمة لا تحصى فهي تصنع دبابتها بنفسها وتصنع سفنها وغواصتها وحتى الدفاع الجوي والدفاع الساحلي تقوم بتصنيعهم.
أتذكر ببعض المصادر أن مصانع كوريا الشمالية تنتج نحو من 100 ألف كلاشينكوف بالعام الواحد وهذا رقم كبير وضخم فضلا عن مصانع الدبابات الثقيلة والمدرعات المتنوعة وصناعة الصواريخ التي وصلت كوريا فيها لمراحل أكثر من ممتازة.
أما بخصوص الأعداد الضخمة الواردة لأفرع الأسلحة المختلفة الواردة بالمحتوى الرئيسي للموضوع فقد أدرجت مصادر معتمدة وأكثرها مصادر موثوقة جدا على معظم الأرقام الرئيسية بالتقرير كله في كل جوانبه.
بل من الطريف أن أذكر هنا أن هذا المحتوى أعددته عام 2017 وكنت أعددت نسخة مشابهة أولية في عام 2013 ولكن في عام 2017 أثناء إعداد هذه الدراسة أو المقالة أذكر هنا أنني كنت أتجاوز عن مصادر كثيرة وعن إدراجات عجيبة عن أعداد ومستويات التسليح الكوري الشمالي.
واعتمدت إدراج المصادر الموثوقة فقط في الدراسة مشيرا إلى كل مصدر بتفصيل كبير كما رأيتم بالدراسة.
العجيب بالفعل أنني تجاوزت فعلا عن تقديرات عجيبة عن الجيش الكوري .. على سبيل المثال مصادر موثوقة تتحدث عن إستلام كوريا الشمالية من الاتحاد السوفييتي والصين لـ 10000 دبابة أثناء الحرب الباردة تم تفكيك 3000 منها ولا يزال البقية تحت الخدمة أو بالمخازن جاهز للتشغيل للخدمة مع العلم إن هناك تقديرات لا تقل عن 4000 دبابة أخرى لدى كوريا الشمالية من التصنيع المحلي أي أننا نتحدث عن ما لا يقل بحال عن نحو 11000 دبابة جاهزة للخدمة العملياتية وهذا رقم لم أستطع وضعه بالتقرير وقمت بالتنويه العام له مع تقليص كبير بعدد الدبابات العاملة التي أوردتها بالدراسة.
بل حتى كلام الفريق الشاذلي عن قدرة بقائية كوريا الشمالية بساحة الحرب على أهميته التوضيحية الكبيرة والمؤثرة لم أدرجه بالتقرير.
ولنا اليوم بعد نحو 50 عام من كلام الفريق سعد الدين الشاذلي رحمه الله تعالى أن نتأكد تماما أن الوضع الآن ليس كما كان عليه منذ نحو 50 عام فالأمة الكورية مثابرة و وثابة وثورية وتتوسع في تجهيزاتها واستعدادتها لمواجهة الأعداء بما لا يمكن معه هزيمة الإرادة الكورية.
معلومة مثيرة أخرى أطرحها الآن وهي أنني أثناء إعداد هذه الدراسة عام 2017 كنت أدرس خطط العمليات المتوقعة من كوريا الشمالية إذا حاولت تحرير الشطر الجنوبي وإعادة التوحيد الكوري على غرار حرب فيتنام التي رضخت أمريكا خلالها في النهاية لتوحيد فيتنام تحت سلطة أعدائها في الحرب.
أثناء دراسة مخططات العمليات وبحثها وتطويرها عام 2017 كنت أميل إلى ترك مساحة محدودة من كوريا الجنوبية بدون تحريرها لتظل رأس جسر لصالح الأمريكان إن أرادوا الاستمرار في الحرب والمقاومة وذلك بهدف تحقيق أكبر استنزاف ممككن في الأمريكان من ناحية ومن ناحية آخرى لا يحاول الأمريكان عمل اختراقات أو انزالات عسكرية بأي أهداف استعراضية بحيث ترك تلك المساحة لهم لا يدفعهم لعمليات ثانوية يستغلها الأمريكان إعلاميا .. على سبيل المثال مثلا ثغرة الدفرسوار في حرب أكتوبر كانت استغلال معنوي ونفسي أكثر منه عسكريا وترك مساحة محدودة جدا للأمريكان داخل الشطر الجنوبي لن يدفعهم لتحقيق انتصارات إعلامية أو معنوية كما سيؤدي لاستمرار خط الإمداد اللوجستي لهم لكن في اتجاه محدد ومحكوم وتحت السيطرة من قوة كوريا الشمالية مما يسرع استنزاف الأمريكان.
هي مجرد أطروحة مخطط عمليات لتحرير الشطر الجنوبي من التواجد الأجنبي الأمبريالي.
لكن القيادة الكورية الشمالية العليا القائد كيم يونغ أون تحدث وقتها عن أن أهمية دراسة أن تكون خطة عمليات التحرير للشطر الجنوبي هي خطة تحرير كامل الشطر الجنوبي.
هذا المستوى من الثقة والخبرات في قدرة الحفاظ التام والكامل على تحرير الشطر الجنوبي كاملا لم يتولد لدى القيادة الكورية العليا من فراغ، بل القيادة الكورية أثبتت حنكتها ودهائها وذكائها الحاد.
وأنا الآن بعد دراسات موسعة وطويلة صرت أميل بدرجة كبيرة جدا إلى رأي القائد كيم يونغ أون في وضع خطط العمليات على أساس تحرير كامل الشطر الجنوبي ورد عادية أي هجمات معادية للعدو الأمبريالي.
أما بخصوص ما يحدث من هراء السياسة الكاذب ومقابلات قمة ونحوها فكان مصيرها الفشل من البداية لأن الأمريكان بطبيعة الحال لا يريدون التعامل مع كوريا الشمالية من منطلق الندية الكاملة أو حتى ندية منقوصة بل يريدون التعامل مع كوريا وكأنها عليها أن تسمع وتطيع لهم بدون كثير جدال أو مشاغبة.
وبالطبع هذا الأسلوب الأمريكي في نهاية المطاف سيصطدم بالقيادة الكورية وسيصل بالمحادثات لطريق مسدود تماما لأن أمريكا لا تدرك أن واقع الكوكب تغير كثيرا كما إن كوريا تمتلك قدرات تؤهلها لندية سياسية أكبر بكثير جدا من تلك التي تعاملها وتضعها بها أمريكا.
فمنذ البداية وهي محادثات محكوم عليها بالفشل فرغبة الأمريكان ونوايهام الظاهرة أصلا هي تحقيق خداع الطرف الكوري فكيف يمكن أصلا تحقيق حد أدنى من الثقة في علاقة بهذا الشكل فضلا عن الخلفيات التاريخية لكل طرف.
فالأمريكان مخادعين تماما حتى النخاع وأبسط وأوضح الأمور على ذلك أن القيادة الكورية قدمت فعليا للأمريكان تنازلات هائلة جدا كنت أنا نفسي أتعجب جدا من تقديم هذه التنازلات الكورية والأدهى إنها بلا أي مقابل حقيقي لها.
على سبيل المثال قدمت كوريا حسن نوايا هائل بتفكيك عدد من المنشئات العسكرية والصاروخية الهامة.
بل الأعجب والأدهى إن كوريا الشمالية قامت بإعادة رفات آلاف مؤلفة من الجنود الأمريكان ولم تحصل على أي مقابل حقيقي واقعي لتنازل بهذا الحجم الهائل.
فنظرة اليانكيز الأمريكي من البداية وطريقته في التفكير ستؤدي حتما لطريق مسدود تماما بين الطرفين نهاية المطاف وهو بالفعل ما حدث فعليا حتى إن وسائل الإعلام الرسمية الكورية الشمالية تحدثت صراحة علانية عن فشل القمة الثانية وانهيار للمحادثات وضياع فرصة نادرة جدا للأمريكان.
هذه نتيجة طبيعية وتقليدية ليس فيها جديد بالنسبة لمن يتفهم طبيعة المسارات السياسية الإملائية الأمريكية المتغطرسة التي لا تزال تعيش في أوهام إن أمريكا هي سيدة العالم بلا منازع وأنها تمارس دور الوصاية على العالم وتلعب في آن دور المشرع والقاضي والشرطي العالمي.
أما بخصوص لجوء كوريا الشمالية لأسلوب المحادثات السياسية مع اليانكيز فأستطيع من خلال خبرتي وتقديري للموقف أن أعطي التصور التالي عن تلك التوجهات الكورية، أنها أتت بسبب خذلان الأصدقاء أكثر من كونها أتت بسبب نوع من التوجس من الأعداء.
حتى أشرح ذلك بوضوح سأعرج بكم إلى تركيا ما قبل محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة الأخيرة وتحديدا قبل الانقلاب بأيام وأثناء أزمة إسقاط الطائرة الروسية.
أزمة تركيا الحقيقية وقتها لم تكن بأعدائها في وقتها المتمثل في الروس بل أزمة تركيا الحقيقية وقتها تمثلت في أصدقائها.
تركيا حين أسقطت الطائرة الروسية كانت فعليا على محك الدخول بحرب فعلية واسعة مع روسيا، والطريف جدا بالموضوع ليست أزمة روسيا وتركيا وقتها بل أزمة تركيا مع أصدقائها في الغرب وحلف الناتو.
فبعد إسقاط الطائرة الروسية شاهدنا سحب حلف الناتو لبطاريات الدفاع الجوي من تركيا في إشارة للروس بتخلي الحلف عن تركيا مما دعم موقف الروس ودفعهم للتصعيد أكثر وأكثر مما دفع بالموقف التركي في ظل هذا السياق للتراجع وتهدئة التصريحات ضد الروس مما دفع حلف الناتو لإعلان دعمه لتركيا وإنه ملتزم بالدفاع عن دول الحلف بإشارة إلى تركيا.
فلما تأخذ تركيا موقف حلف الناتو على سبيل الجدية وتقوم بتصعيد لهجتها ويتراجع الروس خطوة بسيطة يقوم حلف الناتو مجددا بإرسال إشارة جديدة للروس بتخليهم عن تركيا مما يدفع الروس للتصعيد والأتراك للتراجع، فيعود الحلف بعدها لدعم موقف تركيا والتزامه الصريح بالدفاع عنها أمام روسيا وظلت الأوضاع هكذا على ما أتذكر نحو أسبوعين أو ثلاثة أسابيع.
ومن خلال متابعتي الشخصية وجدت أن حلف الناتو يرغب بزج تركيا وروسيا في أتون صدام مسلح واسع النطاق يتخلص فيه الخلف من صداع الأتراك والروس معا ... بل ولا مانع آبدا لدى الحلف من تقديم دعم حقيقي للأتراك وقت المعركة ليس لتحقيق انتصار ساحق على الروس لأن الحلف لن يسمح للأتراك بهذه الصورة الفظة من الانتصار، ولكن دعم من النوع الذي يؤدي لاستمرار الحرب لأطول فترة ممكنة بين الروس والأتراك ويدعم الحلف تركيا لتحقيق أكبر نكاية واستنزاف في روسيا وتقوم روسيا أيضا بتخليص الحلف لفترة طويلة قادمة من صداع الأتراك ونهضتهم الكبيرة الصناعية والعسكرية والسياسية والاقتصادية.
كان واضحا جدا لأبسط متابع أن الحلف يدفع بتركيا كطعم للروس لتوريطهم بحرب يمكنها أن تستنزف الروس بشدة وحتى إن عجز الأتراك عن استنزاف الروس بالصورة المناسبة والمطلوبة من حلف الناتو فلا مانع ساعتها من تقديم دعم قوي للأتراك لتحقيق المعادلة المطلوبة من حلف الناتو بإنهاء الطرفين أنفسهم معا بهذه الحرب أي الترك والروس معا.
كان أبسط متابع للشؤون الجيوسياسية والعسكرية العالمية يستطيع وبسهولة أن يتلمح موقف حلف الناتو هذا من حليفتهم اللصيقة تركيا.
بشكل أوضح كانت مشكلة تركيا وأزمتها الحقيقية ليست الروس أنفسهم بقدر ما كانت مشكلتهم هي أقرب أصدقائهم في حلف الناتو نفسه
كل هذا أدى بي للضغط بشدة على القيادة التركية لتفويت هذا السيناريو الواضح الهادف لتوريط تركيا وبيعها والتخلص منها هي الروس في آن واحد معا، ضغوط قوية وشديدة بهدف تفويت هذا السيناريو حتى لو بتقديم اعتذار علني للروس على إسقاط طائرتهم وبرغم عناد الأتراك وشراستهم ولكن بنهاية المطاف تم تفويت السيناريو السابق وقدم الأتراك اعتذار للروس عن إسقاط الطائرة لأن مشكلتهم لم تكن في أعدائهم وقتها بقدر ما كانت في أصدقائهم أنفسهم.
وعندما قدم الأتراك الاعتذار للروس تسبب هذا في لغط كبير وجدال إعلامي كبير عن سر التراجع التركي المفاجئ والغريب هذا، مما دفعني وقتها لكتابة مقالة هامة جدا جدا أفسر وأشرح الموقف خلالها موضحا أن الأزمة الحقيقية لم تكن في الأعداء الروس بقدر ما هي الطعنة النافذة التي كان ينتوي أقرب أصدقاء تركيا لدفعهم للتورط مع الروس لحرقهم والتخلص منهم ولا مانع أيضا من التخلص من الروس معهم.
فطرحت وقتها مقالا طويلا بمواقع التواصل أشرح به كل هذه التفاصيل وأذكر أمثلة أخرى من دول إسلامية كبيرة آخرى مثل باكستان وأن موقف أصدقائها الأمريكان لا يمثل أي منفعة لباكستان بقدر ما يمثل ويجسد أكبر أزمة ومشكلة لبكاستان وذكرت بعض التفاصيل لذلك وقتها وأيضا أتذكر أنني ذكرت أيضا أن أزمة السعودية الحقيقية في حرب اليمن لا تتمثل في أعدائها بقدر ما تتمثل بأقرب حلفائها وبالطبع الأمريكان على رأسهم كما ذكرت تفاصيل آخرى متعددة تصب بالاتجاه نفسه مبينا أن الأزمة الحقيقية لتركيا بالخصوص ليست مع الروس بقدر ما هي أزمة مع أقرب أصدقائها بحلف الناتو.
والمقال المقصود هذا كان قوي وفصيح ومتماسك وشفاف مما شكل خروجا عن قواعد المألوف بأن تفاصيل مثل هذه الأحداث الجيوسياسية والجيوعسكرية تظل عادة من أهم أسرار الدول الكبرى ولا يكاد يوجد طرف يتجرأ على نشرها من العلن نظرا لأمور متعددة.
لكن نشري لهذا المقال المذكور بهذه الفصاحة والقوة والوضوح أظنه كان من الأسباب الرئيسية التي أدت بعدها بنحو أسبوع واحد أو أسبوعين فقط للدفع باتجاه القيام بمحاولة انقلاب عسكري بائسة في تركيا.
ومجددا ومن خلال محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا تتبرهن أن المشكلة والأزمة الحقيقية للأتراك في أكثر الأحيان لا تتعلق بأعدائهم بقدر ما تتعلق في من يزعمون إنهم أصدقائهم بل أقرب أصدقائهم بالغرب وحلف الناتو.
لذلك أتت لاحقا خطوات تفاهم تركية عديدة مع روسيا لتحقيق نوع من توازن علاقتها الخارجية ولتجنب السيناريو السيء للأزمة وأيضا للضغط على حلف الناتو الذي يسبب الأزمات والمشاكل بدلا من حلها وغيرها من أهداف متعددة آخرى.
وقد أتوقع ألا يمر هذا الكلام هينا على أطراف كثيرة متعددة ومنها كذلك من هم اليوم أيضا يزعمون أنهم أصدقاء تركيا وأتوقع منهم محاولات إثارة الأزمات والمشاكل لحليفتهم تركيا كالمعتاد لكنني أظن هذه المرة قد تكون مختلفة بعض الشيء وأن تمر الأمور بسلام نوعا ما.
الشاهد هنا أننا نرى بوضوح شديد أن أزمة تركيا الحقيقية لم تكن بأعدائها بقدر ما كانت من أقرب من يزعمون إنهم أصدقائها، ما حدث مع كوريا الشمالية خلال 2017 كان شيء مشابه ومتقارب بدرجة كبيرة مع السيناريو التركي السابق مع عدة اختلافات بسيطة.
كانت الأحداث في 2017 تتجه لاندلاع حرب حقيقية مع أمريكا في شبه الجزيرة الكورية مع كوريا وكنتا نقوم بتأجيل متعاقب ومتواصل لاندلاع الحرب نظرا للهشاشة الشديدة في مواقف أصدقاء كوريا الشمالية التقليديين.
كانتا روسيا والصين في 2017 نوعا ما لا تريدان الازعاج المتواصل كما أنهما تركا أمريكا تشدد العقوبات أكثر من مرة في مجلس الأمن على كوريا الشمالية بدون وقفها أو الاعتراض عليها.
أيضا تبرز هنا مشكلة كوريا الشمالية الحقيقية في أصدقائها أكثر من كونها أي خوف أو توجس أو أي رهبة من أي نوع من أعدائها.
لذلك مسار المفاوضات مع أمريكا لم يكن كما يظن الكثير إن كوريا الشمالية تحت إمرة الصين بل بالعكس تماما كان مسار المفاوضات نوع من الرسائل متعددة الاتجاهات للأصدقاء قبل الأعداء.
رسائل بأن القيادة الكورية محنكة و واعية وقادرة على شق مسارات غير متوقعة آبدا وقادرة على سبك سياسات خارجية شديدة القوة والثبات والاستقلال الحقيقي والتام عن كل الأطراف والتأكيد أن قرار كوريا الحقيقي ينبع فقط وحصرا من القيادة الكورية ذاتها وكذلك لتحقيق أهداق كثيرة وعديدة آخرى للأصدقاء والأعداء معا.
لكن بالمجمل كان انهيار مسار المحادثات مع أمريكا وفشله فشل كارثي أمر متوقع وغير مستبعد نظرا لاستعجال الأمريكان الشديد جدا في الحصول على كل التنازلات الممكنة من الكوريين وإلزامهم بتلك التنازلات بأسرع وقت ممكن وبدون حتى تقديم مقابل عقلاني لكل هذا.
وأمور كثيرة متعددة كلها تؤشر بوضوح أن الأمريكان سيحصلون على فشل فادح وكارثي بمسار هذه المحادثات مع القيادة الكورية.
ومن خلال متابعتي وخبراتي ودراساتي المتعددة أستطيع أن أرسم لكم بوضوح شديد مسار السياسيات والإستراتيجيات الكورية الشمالية الحالية.
وبما إن المخطط ومهندس العمليات الكوري الشمالي تعلم وهضم الكثير جدا من الخبرات والأحداث والدروس المستفادة المتعددة فأعتقد إنه سيقوم باستخدام محصلتها خلال تخطيطه القادم.
الإستراتيجية القادمة من كوريا الشمالية لن تعتمد على تفجير الأوضاع مع الأمريكان كما يشاع حاليا وكذلك لن تكون بالطبع إستراتيجية تهدئة مع الأمريكان؟!!
ويمكننا أن نقول إن المخطط الكوري سيعتمد على مد وإطالة لحظة حالة "التربص" للإستفادة بأكبر قدر ممكن من لحظة تفجير الأوضاع مع الأمريكان وعند لحظة ضعف شديد للمواقف الأمريكية على ساحات الصراعات الدولية قد تندلع أي أعمال شديدة الفجائية وغير متوقعة مطلقا من المخطط الكوري.
بشكل أوضح فأمام المخطط الكوري فرصة إعلامية واحدة فقط لتفجير الأوضاع مجددا مع الأمريكان مع كل تبعات ذلك أيا كان نوع تفجير الأوضاع ذلك.
هي فرصة واحدة فقط يجب إذن استغلالها إلى أقصى قدر ممكن تحقيقه على كل المستويات.
فمن يتوقع ركوع كوريا فهو مجنون تماما ومطلقا ولا يعرف ماذا يحدث آبدا .. أما خلاف ذلك فكل شيء متوقع وغير مستبعد وسيسعى المخطط الكوري للإستفادة من استمرار لحظة التربص المتبادل الحالية إلى أقصى قدر ممكن وخاصة أن أمريكا اليوم منهكة بشدة في محاولة احتواء المشكلة التي سببتها في فنزويلا وكذلك أمريكا متورطة في حالة تصعيد متواصل مع إيران وكذلك أمريكا متورطة بمحاولة لحاق التطورات السريعة جدا والمتواصلة في العسكرية الروسية وكذلك متورطة في الحروب التجارية والتكنلوجية مع الصين وكذلك متورطة بحروب تجارية وإعلامية مع الكثير من أقرب حلفائها.
هي لحظة وهن وضعف شديد للأمريكان .. لكنها برغم ذلك ليست كافية بعد بالنسبة لمخطط العمليات الكوري يندفع لحرب التحرير المنتظرة بكامل طاقتها الميدانية .. لذلك سوف يسعى مخطط العمليات المقصود إلى أكبر إستفادة ممكنة من لحظة التربص المتبادل الحالية بدون السماح بتسخين أو انفجار كامل للأوضاع أو يتم تبريدها وخسارة حالة التوتر والارباك وتشتيت المخطط الأمريكي التي يعانيها عبر فشل محادثات كوريا وتورطه في عشرات الجبهات في وقت واحد معا كما إنه يعاني تململ وتنافر أقرب حلفائه عنه حاليا نتيجة سياسات الحروب التجارية والإعلامية المتواصلة.
ومخطط العمليات الكوري لا أظنه يغفل عن كل هذا ولا يتابع معظم تفاصيله .. فهدف المخطط الكوري عندما يقوم بتطبيق خطط عمليات حرب التحرير الكبرى لشبه الجزيرة الكورية ألا يكون لوحده في مواجهة كامل قدرة العمليات الأمريكية وأن أبسط تشتيت للقوة السياسية العسكرية الأمريكية سيؤدي لانزال هزيمة ساحقة وكارثية بالأمريكان.
خبراء الأمن والعسكرية الأمريكان يقيمون القوة العسكرية الأمريكية بقدراتها على القيام بإدارة أعباء حربين متزامنتين بوقت واحد لكن بشرط أن تكون الحربان مع دول متوسطة القوة .. وكوريا الشمالية تتجاوز بسهولة هذا التصنيف السابق مما يعني أن الدخول بحرب مع كوريا الشمالية يتطلب من مخطط الحرب الأمريكية التفرغ للجيش الأمريكي تماما للحرب على الجبهة الكورية.
ونظرا لتعقد وتداخل وتراكب الأوضاع الجيوسياسية والجيوعسكرية العالمية سيكون من الصعب جدا جدا على المخطط الأمريكي الدفع باتجاه حرب ستكون انتحارية تماما مع كوريا الشمالية وخاصة في ظل حالة التربص الروسي والصيني شديدة النضج والوضوح.
فضلا عن تورط أمريكا بحالات متدرجة من الحروب الإعلامية والسياسية والتجارية وحتى العسكرية.
لذلك مخطط العمليات الكوري لا يغفل عما سبق ويسعى لاستثماره إلى أقصى مدى ممكن بدون أن يمنح الأمريكان فرصة إعادة تبريد كامل للوضع أو حتى تفجير كامل له.
فقط يسعى مخطط العمليات المقصود لأقصى اسثمار ممكن وإطالة للحظة الترقب والتوجس والتربص والخوف والرهبة لدى المخطط الأمريكي.
مما لا شك فيه إن عملية تحرير شبه الجزيرة الكورية من وطأة التواجد الاستعماري الأمبريالي قادمة في الطريق في لحظة ما قد تكون قريبة جدا جدا بصورة عسكرية مباشرة أو قد تزال بحاجة لمزيد من تجهيز ساحة التوازنات الدولية وموازين القوى الرئيسية بها لمزيد من التعديلات والهندسات والإصلاحات المتعددة.
لا يجب أن نغفل مسألة بالغة الأهمية هنا وهي أن مخطط العمليات المقصود لا يخطط فقط لعملية تحرير الشطر الجنوبي بل الأهم هو مرحلة ما بعد لحظة التحرير الحرجة الأولى وكيفية إستدامة إدارة الجغرافيا السياسية لشبه الجزيرة وإعادة توحيدها ودمجها تحت القيادة الوطنية وتحرير الإرادة الوطنية من أي وصاية أمبريالية وصد الهجمات الأمريكية المضادة وامتصاص واحتواء أي قدرة عمليات مضادة مؤثرة.
في العموم سوف نلاحظ بوضوح شديد نوع واضح من تناسق مواقف وسياسات العديد من دول العالم الكبرى
وأكتفي بهذا القدر.
والحمد لله رب العالمين.
خالص تحياتي.
سيف الشرق
سيف السماء
هذا المقال التالي هو مجرد تمهيد لخطاب عمليات فجر الحرية الكورية
مقال توضيحي وتقديمي هام جدا جدا جدا.
كوريا الشمالية ... الوحش في بطن الجبل
هل نبالغ في تقدير قوة كوريا الشمالية؟!!
يقول القائد المصري الغني عن التعريف الفريق سعد الدين الشاذلي رحمة الله عليه في كتابه عن مذكراته عن حرب أكتوبر أنه أثناء زيارته إلى DPRK كوريا الشمالية في مطلع شهر إبريل عام 1973 أذهله حجم وقوة وعمق استعدادهم للحرب الواسعة مع أعداء كوريا الشمالية عبر شبكات معقدة ومتكاملة من التحصينات الجبلية والأنفاق وبناء المطارات والمصانع والبنى التحتية العسكرية في عمق بطون الجبال.
ولدرجة أن الفريق الشاذلي رحمه الله تعالى قال للرئيس الكوري وقتها: «سيادة الرئيس، إذا قامت حرب نووية فأخشى أن يدمر العالم بأجمعه وألا يبقى سوى كوريا الديمقراطية»
وهذا الكلام للفريق الشاذلي من نحو نصف قرن مضى يقصد به إنه من كثرة البنى التحتية المحصنة في الجبال والأنفاق وشبكاتها المعقدة بكوريا الشمالية فلو حدثت حرب نووية بالعالم فلن يبقى إلا كوريا الشمالية لكثرة ما جهزت به نفسها.
حتى شبكة أنفاق مترو العاصمة بيونج يانج شيدت على عمق أكثر من 100 متر وهي أعمق شبكة مترو أنفاق معروفة بالعالم كله.
يجب هنا أن نلاحظ أن كلام الفريق الشاذلي كان من نحو 50 عام مضت وأن الأمور لا تبقى على حالها فكوريا الشمالية تعلم مدى شراسة وتوحش عدوها الأمبريالي اللدود لذلك لا يجب أن نظن إنه خلال الخمسين عاما التي تلت زيارة الفريق الشاذلي بقيت الأمور على حالها كما كانت عليه قبل نحو 50 عاما.
كوريا الشمالية أمة عاملة ومثابرة بشدة ولديها إصرار على تحقيق عقيدتها السياسية العسكرية المتمثلة في عقيدة "الجوتشي" والتي ملخصها الشديد هو الاعتماد على الذات ما أمكن ذلك في كل شيء في كوريا الشمالية .. ولذلك نجد أن كوريا برغم صغر مساحتها وعدد سكانها إلا إنها أمة عجيبة جدا جدا نجحت في بناء صناعات هندسية ثقيلة معاصرة متنوعة ومتعددة المجالات.
فالصناعات العسكرية الكورية وصلت في كثير من جوانبها مراحل متقدمة جدا مع التركيز على عقيدة الاعتماد على الذات في كل شيء ما أمكن لهم ذلك، ولذلك نرى كوريا اليوم تقوم بتصنيع أجيال حديثة من الدفاع الجوي والدفاع الساحلي وبمستويات ممتازة جدا وقادرة على مواكبة جملة كبيرة من تهديدات ساحة القتالل المعاصرة.
الأمثلة على الصناعات الكورية المتقدمة لا تحصى فهي تصنع دبابتها بنفسها وتصنع سفنها وغواصتها وحتى الدفاع الجوي والدفاع الساحلي تقوم بتصنيعهم.
أتذكر ببعض المصادر أن مصانع كوريا الشمالية تنتج نحو من 100 ألف كلاشينكوف بالعام الواحد وهذا رقم كبير وضخم فضلا عن مصانع الدبابات الثقيلة والمدرعات المتنوعة وصناعة الصواريخ التي وصلت كوريا فيها لمراحل أكثر من ممتازة.
أما بخصوص الأعداد الضخمة الواردة لأفرع الأسلحة المختلفة الواردة بالمحتوى الرئيسي للموضوع فقد أدرجت مصادر معتمدة وأكثرها مصادر موثوقة جدا على معظم الأرقام الرئيسية بالتقرير كله في كل جوانبه.
بل من الطريف أن أذكر هنا أن هذا المحتوى أعددته عام 2017 وكنت أعددت نسخة مشابهة أولية في عام 2013 ولكن في عام 2017 أثناء إعداد هذه الدراسة أو المقالة أذكر هنا أنني كنت أتجاوز عن مصادر كثيرة وعن إدراجات عجيبة عن أعداد ومستويات التسليح الكوري الشمالي.
واعتمدت إدراج المصادر الموثوقة فقط في الدراسة مشيرا إلى كل مصدر بتفصيل كبير كما رأيتم بالدراسة.
العجيب بالفعل أنني تجاوزت فعلا عن تقديرات عجيبة عن الجيش الكوري .. على سبيل المثال مصادر موثوقة تتحدث عن إستلام كوريا الشمالية من الاتحاد السوفييتي والصين لـ 10000 دبابة أثناء الحرب الباردة تم تفكيك 3000 منها ولا يزال البقية تحت الخدمة أو بالمخازن جاهز للتشغيل للخدمة مع العلم إن هناك تقديرات لا تقل عن 4000 دبابة أخرى لدى كوريا الشمالية من التصنيع المحلي أي أننا نتحدث عن ما لا يقل بحال عن نحو 11000 دبابة جاهزة للخدمة العملياتية وهذا رقم لم أستطع وضعه بالتقرير وقمت بالتنويه العام له مع تقليص كبير بعدد الدبابات العاملة التي أوردتها بالدراسة.
بل حتى كلام الفريق الشاذلي عن قدرة بقائية كوريا الشمالية بساحة الحرب على أهميته التوضيحية الكبيرة والمؤثرة لم أدرجه بالتقرير.
ولنا اليوم بعد نحو 50 عام من كلام الفريق سعد الدين الشاذلي رحمه الله تعالى أن نتأكد تماما أن الوضع الآن ليس كما كان عليه منذ نحو 50 عام فالأمة الكورية مثابرة و وثابة وثورية وتتوسع في تجهيزاتها واستعدادتها لمواجهة الأعداء بما لا يمكن معه هزيمة الإرادة الكورية.
معلومة مثيرة أخرى أطرحها الآن وهي أنني أثناء إعداد هذه الدراسة عام 2017 كنت أدرس خطط العمليات المتوقعة من كوريا الشمالية إذا حاولت تحرير الشطر الجنوبي وإعادة التوحيد الكوري على غرار حرب فيتنام التي رضخت أمريكا خلالها في النهاية لتوحيد فيتنام تحت سلطة أعدائها في الحرب.
أثناء دراسة مخططات العمليات وبحثها وتطويرها عام 2017 كنت أميل إلى ترك مساحة محدودة من كوريا الجنوبية بدون تحريرها لتظل رأس جسر لصالح الأمريكان إن أرادوا الاستمرار في الحرب والمقاومة وذلك بهدف تحقيق أكبر استنزاف ممككن في الأمريكان من ناحية ومن ناحية آخرى لا يحاول الأمريكان عمل اختراقات أو انزالات عسكرية بأي أهداف استعراضية بحيث ترك تلك المساحة لهم لا يدفعهم لعمليات ثانوية يستغلها الأمريكان إعلاميا .. على سبيل المثال مثلا ثغرة الدفرسوار في حرب أكتوبر كانت استغلال معنوي ونفسي أكثر منه عسكريا وترك مساحة محدودة جدا للأمريكان داخل الشطر الجنوبي لن يدفعهم لتحقيق انتصارات إعلامية أو معنوية كما سيؤدي لاستمرار خط الإمداد اللوجستي لهم لكن في اتجاه محدد ومحكوم وتحت السيطرة من قوة كوريا الشمالية مما يسرع استنزاف الأمريكان.
هي مجرد أطروحة مخطط عمليات لتحرير الشطر الجنوبي من التواجد الأجنبي الأمبريالي.
لكن القيادة الكورية الشمالية العليا القائد كيم يونغ أون تحدث وقتها عن أن أهمية دراسة أن تكون خطة عمليات التحرير للشطر الجنوبي هي خطة تحرير كامل الشطر الجنوبي.
هذا المستوى من الثقة والخبرات في قدرة الحفاظ التام والكامل على تحرير الشطر الجنوبي كاملا لم يتولد لدى القيادة الكورية العليا من فراغ، بل القيادة الكورية أثبتت حنكتها ودهائها وذكائها الحاد.
وأنا الآن بعد دراسات موسعة وطويلة صرت أميل بدرجة كبيرة جدا إلى رأي القائد كيم يونغ أون في وضع خطط العمليات على أساس تحرير كامل الشطر الجنوبي ورد عادية أي هجمات معادية للعدو الأمبريالي.
أما بخصوص ما يحدث من هراء السياسة الكاذب ومقابلات قمة ونحوها فكان مصيرها الفشل من البداية لأن الأمريكان بطبيعة الحال لا يريدون التعامل مع كوريا الشمالية من منطلق الندية الكاملة أو حتى ندية منقوصة بل يريدون التعامل مع كوريا وكأنها عليها أن تسمع وتطيع لهم بدون كثير جدال أو مشاغبة.
وبالطبع هذا الأسلوب الأمريكي في نهاية المطاف سيصطدم بالقيادة الكورية وسيصل بالمحادثات لطريق مسدود تماما لأن أمريكا لا تدرك أن واقع الكوكب تغير كثيرا كما إن كوريا تمتلك قدرات تؤهلها لندية سياسية أكبر بكثير جدا من تلك التي تعاملها وتضعها بها أمريكا.
فمنذ البداية وهي محادثات محكوم عليها بالفشل فرغبة الأمريكان ونوايهام الظاهرة أصلا هي تحقيق خداع الطرف الكوري فكيف يمكن أصلا تحقيق حد أدنى من الثقة في علاقة بهذا الشكل فضلا عن الخلفيات التاريخية لكل طرف.
فالأمريكان مخادعين تماما حتى النخاع وأبسط وأوضح الأمور على ذلك أن القيادة الكورية قدمت فعليا للأمريكان تنازلات هائلة جدا كنت أنا نفسي أتعجب جدا من تقديم هذه التنازلات الكورية والأدهى إنها بلا أي مقابل حقيقي لها.
على سبيل المثال قدمت كوريا حسن نوايا هائل بتفكيك عدد من المنشئات العسكرية والصاروخية الهامة.
بل الأعجب والأدهى إن كوريا الشمالية قامت بإعادة رفات آلاف مؤلفة من الجنود الأمريكان ولم تحصل على أي مقابل حقيقي واقعي لتنازل بهذا الحجم الهائل.
فنظرة اليانكيز الأمريكي من البداية وطريقته في التفكير ستؤدي حتما لطريق مسدود تماما بين الطرفين نهاية المطاف وهو بالفعل ما حدث فعليا حتى إن وسائل الإعلام الرسمية الكورية الشمالية تحدثت صراحة علانية عن فشل القمة الثانية وانهيار للمحادثات وضياع فرصة نادرة جدا للأمريكان.
هذه نتيجة طبيعية وتقليدية ليس فيها جديد بالنسبة لمن يتفهم طبيعة المسارات السياسية الإملائية الأمريكية المتغطرسة التي لا تزال تعيش في أوهام إن أمريكا هي سيدة العالم بلا منازع وأنها تمارس دور الوصاية على العالم وتلعب في آن دور المشرع والقاضي والشرطي العالمي.
أما بخصوص لجوء كوريا الشمالية لأسلوب المحادثات السياسية مع اليانكيز فأستطيع من خلال خبرتي وتقديري للموقف أن أعطي التصور التالي عن تلك التوجهات الكورية، أنها أتت بسبب خذلان الأصدقاء أكثر من كونها أتت بسبب نوع من التوجس من الأعداء.
حتى أشرح ذلك بوضوح سأعرج بكم إلى تركيا ما قبل محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة الأخيرة وتحديدا قبل الانقلاب بأيام وأثناء أزمة إسقاط الطائرة الروسية.
أزمة تركيا الحقيقية وقتها لم تكن بأعدائها في وقتها المتمثل في الروس بل أزمة تركيا الحقيقية وقتها تمثلت في أصدقائها.
تركيا حين أسقطت الطائرة الروسية كانت فعليا على محك الدخول بحرب فعلية واسعة مع روسيا، والطريف جدا بالموضوع ليست أزمة روسيا وتركيا وقتها بل أزمة تركيا مع أصدقائها في الغرب وحلف الناتو.
فبعد إسقاط الطائرة الروسية شاهدنا سحب حلف الناتو لبطاريات الدفاع الجوي من تركيا في إشارة للروس بتخلي الحلف عن تركيا مما دعم موقف الروس ودفعهم للتصعيد أكثر وأكثر مما دفع بالموقف التركي في ظل هذا السياق للتراجع وتهدئة التصريحات ضد الروس مما دفع حلف الناتو لإعلان دعمه لتركيا وإنه ملتزم بالدفاع عن دول الحلف بإشارة إلى تركيا.
فلما تأخذ تركيا موقف حلف الناتو على سبيل الجدية وتقوم بتصعيد لهجتها ويتراجع الروس خطوة بسيطة يقوم حلف الناتو مجددا بإرسال إشارة جديدة للروس بتخليهم عن تركيا مما يدفع الروس للتصعيد والأتراك للتراجع، فيعود الحلف بعدها لدعم موقف تركيا والتزامه الصريح بالدفاع عنها أمام روسيا وظلت الأوضاع هكذا على ما أتذكر نحو أسبوعين أو ثلاثة أسابيع.
ومن خلال متابعتي الشخصية وجدت أن حلف الناتو يرغب بزج تركيا وروسيا في أتون صدام مسلح واسع النطاق يتخلص فيه الخلف من صداع الأتراك والروس معا ... بل ولا مانع آبدا لدى الحلف من تقديم دعم حقيقي للأتراك وقت المعركة ليس لتحقيق انتصار ساحق على الروس لأن الحلف لن يسمح للأتراك بهذه الصورة الفظة من الانتصار، ولكن دعم من النوع الذي يؤدي لاستمرار الحرب لأطول فترة ممكنة بين الروس والأتراك ويدعم الحلف تركيا لتحقيق أكبر نكاية واستنزاف في روسيا وتقوم روسيا أيضا بتخليص الحلف لفترة طويلة قادمة من صداع الأتراك ونهضتهم الكبيرة الصناعية والعسكرية والسياسية والاقتصادية.
كان واضحا جدا لأبسط متابع أن الحلف يدفع بتركيا كطعم للروس لتوريطهم بحرب يمكنها أن تستنزف الروس بشدة وحتى إن عجز الأتراك عن استنزاف الروس بالصورة المناسبة والمطلوبة من حلف الناتو فلا مانع ساعتها من تقديم دعم قوي للأتراك لتحقيق المعادلة المطلوبة من حلف الناتو بإنهاء الطرفين أنفسهم معا بهذه الحرب أي الترك والروس معا.
كان أبسط متابع للشؤون الجيوسياسية والعسكرية العالمية يستطيع وبسهولة أن يتلمح موقف حلف الناتو هذا من حليفتهم اللصيقة تركيا.
بشكل أوضح كانت مشكلة تركيا وأزمتها الحقيقية ليست الروس أنفسهم بقدر ما كانت مشكلتهم هي أقرب أصدقائهم في حلف الناتو نفسه
كل هذا أدى بي للضغط بشدة على القيادة التركية لتفويت هذا السيناريو الواضح الهادف لتوريط تركيا وبيعها والتخلص منها هي الروس في آن واحد معا، ضغوط قوية وشديدة بهدف تفويت هذا السيناريو حتى لو بتقديم اعتذار علني للروس على إسقاط طائرتهم وبرغم عناد الأتراك وشراستهم ولكن بنهاية المطاف تم تفويت السيناريو السابق وقدم الأتراك اعتذار للروس عن إسقاط الطائرة لأن مشكلتهم لم تكن في أعدائهم وقتها بقدر ما كانت في أصدقائهم أنفسهم.
وعندما قدم الأتراك الاعتذار للروس تسبب هذا في لغط كبير وجدال إعلامي كبير عن سر التراجع التركي المفاجئ والغريب هذا، مما دفعني وقتها لكتابة مقالة هامة جدا جدا أفسر وأشرح الموقف خلالها موضحا أن الأزمة الحقيقية لم تكن في الأعداء الروس بقدر ما هي الطعنة النافذة التي كان ينتوي أقرب أصدقاء تركيا لدفعهم للتورط مع الروس لحرقهم والتخلص منهم ولا مانع أيضا من التخلص من الروس معهم.
فطرحت وقتها مقالا طويلا بمواقع التواصل أشرح به كل هذه التفاصيل وأذكر أمثلة أخرى من دول إسلامية كبيرة آخرى مثل باكستان وأن موقف أصدقائها الأمريكان لا يمثل أي منفعة لباكستان بقدر ما يمثل ويجسد أكبر أزمة ومشكلة لبكاستان وذكرت بعض التفاصيل لذلك وقتها وأيضا أتذكر أنني ذكرت أيضا أن أزمة السعودية الحقيقية في حرب اليمن لا تتمثل في أعدائها بقدر ما تتمثل بأقرب حلفائها وبالطبع الأمريكان على رأسهم كما ذكرت تفاصيل آخرى متعددة تصب بالاتجاه نفسه مبينا أن الأزمة الحقيقية لتركيا بالخصوص ليست مع الروس بقدر ما هي أزمة مع أقرب أصدقائها بحلف الناتو.
والمقال المقصود هذا كان قوي وفصيح ومتماسك وشفاف مما شكل خروجا عن قواعد المألوف بأن تفاصيل مثل هذه الأحداث الجيوسياسية والجيوعسكرية تظل عادة من أهم أسرار الدول الكبرى ولا يكاد يوجد طرف يتجرأ على نشرها من العلن نظرا لأمور متعددة.
لكن نشري لهذا المقال المذكور بهذه الفصاحة والقوة والوضوح أظنه كان من الأسباب الرئيسية التي أدت بعدها بنحو أسبوع واحد أو أسبوعين فقط للدفع باتجاه القيام بمحاولة انقلاب عسكري بائسة في تركيا.
ومجددا ومن خلال محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا تتبرهن أن المشكلة والأزمة الحقيقية للأتراك في أكثر الأحيان لا تتعلق بأعدائهم بقدر ما تتعلق في من يزعمون إنهم أصدقائهم بل أقرب أصدقائهم بالغرب وحلف الناتو.
لذلك أتت لاحقا خطوات تفاهم تركية عديدة مع روسيا لتحقيق نوع من توازن علاقتها الخارجية ولتجنب السيناريو السيء للأزمة وأيضا للضغط على حلف الناتو الذي يسبب الأزمات والمشاكل بدلا من حلها وغيرها من أهداف متعددة آخرى.
وقد أتوقع ألا يمر هذا الكلام هينا على أطراف كثيرة متعددة ومنها كذلك من هم اليوم أيضا يزعمون أنهم أصدقاء تركيا وأتوقع منهم محاولات إثارة الأزمات والمشاكل لحليفتهم تركيا كالمعتاد لكنني أظن هذه المرة قد تكون مختلفة بعض الشيء وأن تمر الأمور بسلام نوعا ما.
الشاهد هنا أننا نرى بوضوح شديد أن أزمة تركيا الحقيقية لم تكن بأعدائها بقدر ما كانت من أقرب من يزعمون إنهم أصدقائها، ما حدث مع كوريا الشمالية خلال 2017 كان شيء مشابه ومتقارب بدرجة كبيرة مع السيناريو التركي السابق مع عدة اختلافات بسيطة.
كانت الأحداث في 2017 تتجه لاندلاع حرب حقيقية مع أمريكا في شبه الجزيرة الكورية مع كوريا وكنتا نقوم بتأجيل متعاقب ومتواصل لاندلاع الحرب نظرا للهشاشة الشديدة في مواقف أصدقاء كوريا الشمالية التقليديين.
كانتا روسيا والصين في 2017 نوعا ما لا تريدان الازعاج المتواصل كما أنهما تركا أمريكا تشدد العقوبات أكثر من مرة في مجلس الأمن على كوريا الشمالية بدون وقفها أو الاعتراض عليها.
أيضا تبرز هنا مشكلة كوريا الشمالية الحقيقية في أصدقائها أكثر من كونها أي خوف أو توجس أو أي رهبة من أي نوع من أعدائها.
لذلك مسار المفاوضات مع أمريكا لم يكن كما يظن الكثير إن كوريا الشمالية تحت إمرة الصين بل بالعكس تماما كان مسار المفاوضات نوع من الرسائل متعددة الاتجاهات للأصدقاء قبل الأعداء.
رسائل بأن القيادة الكورية محنكة و واعية وقادرة على شق مسارات غير متوقعة آبدا وقادرة على سبك سياسات خارجية شديدة القوة والثبات والاستقلال الحقيقي والتام عن كل الأطراف والتأكيد أن قرار كوريا الحقيقي ينبع فقط وحصرا من القيادة الكورية ذاتها وكذلك لتحقيق أهداق كثيرة وعديدة آخرى للأصدقاء والأعداء معا.
لكن بالمجمل كان انهيار مسار المحادثات مع أمريكا وفشله فشل كارثي أمر متوقع وغير مستبعد نظرا لاستعجال الأمريكان الشديد جدا في الحصول على كل التنازلات الممكنة من الكوريين وإلزامهم بتلك التنازلات بأسرع وقت ممكن وبدون حتى تقديم مقابل عقلاني لكل هذا.
وأمور كثيرة متعددة كلها تؤشر بوضوح أن الأمريكان سيحصلون على فشل فادح وكارثي بمسار هذه المحادثات مع القيادة الكورية.
ومن خلال متابعتي وخبراتي ودراساتي المتعددة أستطيع أن أرسم لكم بوضوح شديد مسار السياسيات والإستراتيجيات الكورية الشمالية الحالية.
وبما إن المخطط ومهندس العمليات الكوري الشمالي تعلم وهضم الكثير جدا من الخبرات والأحداث والدروس المستفادة المتعددة فأعتقد إنه سيقوم باستخدام محصلتها خلال تخطيطه القادم.
الإستراتيجية القادمة من كوريا الشمالية لن تعتمد على تفجير الأوضاع مع الأمريكان كما يشاع حاليا وكذلك لن تكون بالطبع إستراتيجية تهدئة مع الأمريكان؟!!
ويمكننا أن نقول إن المخطط الكوري سيعتمد على مد وإطالة لحظة حالة "التربص" للإستفادة بأكبر قدر ممكن من لحظة تفجير الأوضاع مع الأمريكان وعند لحظة ضعف شديد للمواقف الأمريكية على ساحات الصراعات الدولية قد تندلع أي أعمال شديدة الفجائية وغير متوقعة مطلقا من المخطط الكوري.
بشكل أوضح فأمام المخطط الكوري فرصة إعلامية واحدة فقط لتفجير الأوضاع مجددا مع الأمريكان مع كل تبعات ذلك أيا كان نوع تفجير الأوضاع ذلك.
هي فرصة واحدة فقط يجب إذن استغلالها إلى أقصى قدر ممكن تحقيقه على كل المستويات.
فمن يتوقع ركوع كوريا فهو مجنون تماما ومطلقا ولا يعرف ماذا يحدث آبدا .. أما خلاف ذلك فكل شيء متوقع وغير مستبعد وسيسعى المخطط الكوري للإستفادة من استمرار لحظة التربص المتبادل الحالية إلى أقصى قدر ممكن وخاصة أن أمريكا اليوم منهكة بشدة في محاولة احتواء المشكلة التي سببتها في فنزويلا وكذلك أمريكا متورطة في حالة تصعيد متواصل مع إيران وكذلك أمريكا متورطة بمحاولة لحاق التطورات السريعة جدا والمتواصلة في العسكرية الروسية وكذلك متورطة في الحروب التجارية والتكنلوجية مع الصين وكذلك متورطة بحروب تجارية وإعلامية مع الكثير من أقرب حلفائها.
هي لحظة وهن وضعف شديد للأمريكان .. لكنها برغم ذلك ليست كافية بعد بالنسبة لمخطط العمليات الكوري يندفع لحرب التحرير المنتظرة بكامل طاقتها الميدانية .. لذلك سوف يسعى مخطط العمليات المقصود إلى أكبر إستفادة ممكنة من لحظة التربص المتبادل الحالية بدون السماح بتسخين أو انفجار كامل للأوضاع أو يتم تبريدها وخسارة حالة التوتر والارباك وتشتيت المخطط الأمريكي التي يعانيها عبر فشل محادثات كوريا وتورطه في عشرات الجبهات في وقت واحد معا كما إنه يعاني تململ وتنافر أقرب حلفائه عنه حاليا نتيجة سياسات الحروب التجارية والإعلامية المتواصلة.
ومخطط العمليات الكوري لا أظنه يغفل عن كل هذا ولا يتابع معظم تفاصيله .. فهدف المخطط الكوري عندما يقوم بتطبيق خطط عمليات حرب التحرير الكبرى لشبه الجزيرة الكورية ألا يكون لوحده في مواجهة كامل قدرة العمليات الأمريكية وأن أبسط تشتيت للقوة السياسية العسكرية الأمريكية سيؤدي لانزال هزيمة ساحقة وكارثية بالأمريكان.
خبراء الأمن والعسكرية الأمريكان يقيمون القوة العسكرية الأمريكية بقدراتها على القيام بإدارة أعباء حربين متزامنتين بوقت واحد لكن بشرط أن تكون الحربان مع دول متوسطة القوة .. وكوريا الشمالية تتجاوز بسهولة هذا التصنيف السابق مما يعني أن الدخول بحرب مع كوريا الشمالية يتطلب من مخطط الحرب الأمريكية التفرغ للجيش الأمريكي تماما للحرب على الجبهة الكورية.
ونظرا لتعقد وتداخل وتراكب الأوضاع الجيوسياسية والجيوعسكرية العالمية سيكون من الصعب جدا جدا على المخطط الأمريكي الدفع باتجاه حرب ستكون انتحارية تماما مع كوريا الشمالية وخاصة في ظل حالة التربص الروسي والصيني شديدة النضج والوضوح.
فضلا عن تورط أمريكا بحالات متدرجة من الحروب الإعلامية والسياسية والتجارية وحتى العسكرية.
لذلك مخطط العمليات الكوري لا يغفل عما سبق ويسعى لاستثماره إلى أقصى مدى ممكن بدون أن يمنح الأمريكان فرصة إعادة تبريد كامل للوضع أو حتى تفجير كامل له.
فقط يسعى مخطط العمليات المقصود لأقصى اسثمار ممكن وإطالة للحظة الترقب والتوجس والتربص والخوف والرهبة لدى المخطط الأمريكي.
مما لا شك فيه إن عملية تحرير شبه الجزيرة الكورية من وطأة التواجد الاستعماري الأمبريالي قادمة في الطريق في لحظة ما قد تكون قريبة جدا جدا بصورة عسكرية مباشرة أو قد تزال بحاجة لمزيد من تجهيز ساحة التوازنات الدولية وموازين القوى الرئيسية بها لمزيد من التعديلات والهندسات والإصلاحات المتعددة.
لا يجب أن نغفل مسألة بالغة الأهمية هنا وهي أن مخطط العمليات المقصود لا يخطط فقط لعملية تحرير الشطر الجنوبي بل الأهم هو مرحلة ما بعد لحظة التحرير الحرجة الأولى وكيفية إستدامة إدارة الجغرافيا السياسية لشبه الجزيرة وإعادة توحيدها ودمجها تحت القيادة الوطنية وتحرير الإرادة الوطنية من أي وصاية أمبريالية وصد الهجمات الأمريكية المضادة وامتصاص واحتواء أي قدرة عمليات مضادة مؤثرة.
في العموم سوف نلاحظ بوضوح شديد نوع واضح من تناسق مواقف وسياسات العديد من دول العالم الكبرى
وأكتفي بهذا القدر.
والحمد لله رب العالمين.
خالص تحياتي.
سيف الشرق
سيف السماء
