1 ـ قال عزّ وجل في الآية الأولى :
{ ... فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ (4)} .
وقال في الأواخر : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)} .
فلماذا تغتر بتقلب الذين كفروا في البلاد وقد أخذ ربنا من أشد قوة وآثارا في الأرض ؟.
2 ـ وذكر تقدست أسماؤه في أوائل السورة أنه هَمّْتْ كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق .
وقال تعالى في أواخرها :
{ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)} .
فذكر أنه همت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق غير أنهم لما رأوا بأسه سبحانه قالوا آمنا بالله وحده وكفروا بالباطل الذي كانوا يجادلون به ، غير أنهم لم ينفعهم إيمانهم حينذاك وخسر هنالك الكافرون
1 ـ فالكلام على الكتاب في البدء والخاتمة فقد قال عزّ وجل في أول السورة :
{ تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3)} .
وقال في آخرها :
{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)} .
2 ـ قال جّل وعلا في بداية السورة :
{ ... فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4)} .
وقال في الأواخر :
{ ... ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ ... (52)} .
3 ـ قال تقدست أسماؤه في بداية السورة :
{ ... وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7)} .
وقال في الأخير :
{ أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ (54)} .
فالكافر بالآخرة في مرية من لقاء ربه .
4 ـ ذكر سبحانه عنهم أنهم :
{ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5)} .
وقال في الأخير :
{ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)} .
فسيرفع الحجاب الذي يمنع الرؤية ويريهم ربنا آياته في الآفاق وفي أنفسهم فتخترق الأكنة ويزيح الوقر حتى يظهر لهم الحق ويتبين .
1 ـ الكلام في البدء والختام على الوحي فقد قال عزّ وجل في أوائل السورة :
{ كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)} .
وقال في أواخرها : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ... (52)} .
2 ـ وقال تقدست أسماؤه في البدء : { لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ... (4)} .
وقال في آخرها : { صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ... (53)} .
3 ـ وقال سبحانه في أوائل السورة :
{ ... وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4)} .
وقال في الأخير :
{ ... إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) .... أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)} .
والذي تصير إليه الأمور هو العلي العظيم الحكيم .
4 ـ قال تعالى في أوائل السورة :
{ ... وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ... (8) .
وقال في أواخرها :
{ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا ... (52)} .
فالذي يهديه سبحانه يدخله في رحمته .
1 ـ قال الله سبحانه في بداية السورة :
{ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2)} .
وقال تعالى في أواخر السورة :
{ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (30)}.
فكلا الموضعين في القرآن الكريم
2 ـ قال الله عزّ وجل في أوائل السورة :
{ مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ (3)} .
وقال في أواخر السورة :
{ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (34)} .
فقد ذكر في الموضعين خلق السماوات والأرض وذكر في الآية الأولى أن ذلك بأجل مسمى وهو يوم القيامة وذكر في الأواخر انه قادر على أن يحيي الموتى وهو الأجل المسمى المذكور في الآية الأولى كما ذكر طرفا من أهوال يوم القيامة .
وكل ذلك من الأجل المسمى .
3 ـ قال الله تعالى في أوائل السورة :
{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ (3)} .
وذكر عاقبة هذا الاعراض في أواخر السورة وذلك قوله :
{ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (34)} .
4 ـ قال عزّ من قائل في اوائل السورة :
{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8) قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (9)} .
وقال في آخر السورة :
{ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)} .
فصبّر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم على مايقولون فيها .
وقال في أوائلها : { مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ (9)} .
وأشار في الآية الأخيرة من السورة إلى أولي العزم من الرسل وأمر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أن يصبر كما صبروا وهو ليس بدعّا في ذلك و ليس واحدا ليس له نظير وانما هو طريق سلكه قبله الرسل فصبروا على ما أوذوا فاصبر أنت كما صبروا .
1 ـ قال الله سبحانه في أول السورة :
{ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1)} .
وقال في أواخرها :
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32)} .
وقال أيضاً :
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34)} .
فذكر في الأول والآخر الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله .
وذكر في الآية الأولى أنه أضل أعمالهم وذكر في الأواخر انه سيحبط أعمالهم ولن يغفر الله لهم وهذا عاقبة ضلال الأعمال .
2 ـ قال تعالى في أوائل السورة مخاطبا الذين آمنوا :
{ فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ ... (4)} .
وقال في أواخرها مخاطبا الذين آمنوا :
{ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)} .
فكأنهما آيتان متتابعان متكافئتان في موقف الحرب .
3 ـ قال عزّ وجل في أول السورة : { ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ ... (3)} .
وقال في أواخرها :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33)} .
فاتباع الحق الذي ذكره في أول السورة إنما هو في إطاعة الله والرسول التي ذكرها في أواخر السورة .
4 ـ قال الله تقدست أسماؤه في أوائل السورة :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)} .
وبين في آخرها أن نصر الله إنما يكون بالجهاد بالنفس والإنفاق في سبيل الله .
فقال في الجهاد بالنفس :
{ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)} .
وهذا هو الجهاد بالنفس
وقال في آخر السورة :
{ هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ... (38)} .
وهذا نظير قوله سبحانه في سورة التوبة :
{ ... وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ... (41)} .
وبالنظر في هذه الآيات وما ورد في أواخر السورة يتبين عدد من التناسب بينهما ومن ذلك ما يأتي :
1 ـ قال تعالى في أول السورة :
{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (2) وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)} .
وقال في أواخرها :
{ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28)} .
فذكر الهداية في أوائل السورة فقال :
{ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (2)} .
وذكر الهداية في آخرها فقال :
{ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ... (28)} .
وذكر النصر في الآيات الأولى فقال :
{ وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)} .
وذكر النصر في أواخر السورة :
{ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ... (28)} .
2 ـ وذكر سبحانه المؤمنين في أول السورة فقال :
{ لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ... (5)} .
وذكرهم في آخر السورة وأثنى عليهم ثم قال :
{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ...(29)} .
3 ـ وقال عزّ وجل في أول السورة :
{ لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ... (5)} .
وقال في آخر السورة :
{ ... وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)} .
السورة كلها في توجيه المؤمنين إلى حسن التعامل مع الرسول صلى الله عليه وسلم و مع إخوانهم من المؤمنين و أما التناسب بين أول السورة وآخرها فهو ظاهر فقد قال سبحانه في أول السورة :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)} .
ومعنى الآية لا تقطعوا أمرا وتجزموا به وتجترئوا على ارتكابه قبل ان يحكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم به ويأذنا فيه ولا تعجلوا بالأمر دونه (1) .
وقال تعالى في خواتيمها :
{ قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16)} .
فكأن الذي يقدم بين يدي الله ورسوله يعلّم الله بدينه .
وقوله عزّ وجل :
{ ... إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)} ،
في أول السورة يناسب قوله في خواتيمها :
{ ... وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16)}
وختم الله السورة بقوله :
{ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)} .
فذكر السمع والعلم في اول السورة وذكر البصر والعلم في آخرها بل ذكر سبحانه أنه بكل شيء عليم .
1 ـ بدأت السورة بقوله تعالى :
{ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)} .
وختمت بقوله :
{ ... فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ (45)} .
فكلتا الآيتين في القرآن الكريم
2 ـ وقال سبحانه في أوائلها :
{ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3)} .
وقال في أواخرها :
{ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44)}.
فهم في الآية الأولى استبعدوا الحياة بعد الموت وقالوا :
{ ... ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3)} .
وذكر ربنا في الآيات الأواخر أن ذلك سيحصل وان الحشر عليه يسير .
3 ـ قال عزّ وجل في أول السورة :
{ أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7)} .
وقال في أواخرها :
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ (38)} .
فكلا الموضعين في خلق السماوات والأرض .
51 ـ سوره الذاريات
أقسم ربنا سبحانه بالذاريات وما بعدها إلى قوله:
{ إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6)}
وقال في خاتمة السورة :
{ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)} .
فكلاهما في اليوم الآخر والحساب
قال الله سبحانه في أول السورة :
{ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ (1)} .
ثم ذكر طرفا من أحداثها بقوله تعالى : { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ (6) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ (7) مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)} .
وذكر الساعه في خواتيمها و طرفا من أهدافها من ما هو بعد الخروج من الأجداث الذي ذكره في بداية السورة وذلك ابتداء من قوله تقدست أسماؤه :
{ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50)} .
إلى أن يقول عزّ وجل في خاتمة السورة :
{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ (55)} .
قال الله سبحانه في أولها :
{ الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)} .
1 ـ فذكر تعالى خلق الإنسان في أول السورة ثم ذكر عاقبته ونهايته في آخرها :
{ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41)} .... { هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44)} .
فذكر عاقبة المجرمين والمكذبين في خاتمة الآيات الخاصة بهم .
ثم ذكر عاقبة من خاف مقام ربه :
{ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) ... } ،
إلى أن قال في خاتمة السورة :
{ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76)} .
فذكر خلقه أولا وعاقبته في الاخير .
2 ـ افتتحت السورة باسم من أسمائه سبحانه وهو :
{ الرَّحْمَن (1)} ،
وختمت بذلك أيضا وقال :
{ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78)} .
1 ـ قال الله سبحانه في بداية السورة :
{ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2)} .
وقال أيضا :
{ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5)} .
وذكر تعالى فضله في آخر السورة فقال :
{ ... وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)} .
فذكر ان له الملك العظيم في بداية السورة وذكر فضله العظيم في خاتمتها فالذي له ملك السماوات والأرض هو ذو الفضل العظيم
2 ـ قال الله عزّ وجل في أوائل السورة :
{ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)} .
وقال في خواتمها :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ ... (28)} .
فأمرهم بالإيمان بالله والرسول والإنفاق في سبيله اولا وأمرهم بتقوى الله والإيمان برسوله في الختام
وذكر جلّ في علاه أن للذين آمنوا وأنفقوا أجرا كبيرا في البداية ، وأن الذين اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتيهم كفلين من رحمته في الخاتمة .
و الأجر الكبير من رحمته سبحانه.
ذكر الله في بدايات السورة آيات خاصة بأمر المرأة التي تجادل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في زوجها والحكم في ذلك ثم قال سبحانه بعدها :
{ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ (5)} .
وقال في أواخرها :
{ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ (20)} .
وذكر في أول السورة أنه كبتوا .
وقال في أواخرها أنهم في الأذلين .
ثم ذكر في آخر السورة ما ينبغي أن يكون موقف المؤمنين من هؤلاء فقال تعالى :
{ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ... (22)} .