ذكر سبحانه في سورة التكاثر من أولها التكاثر وما يتبع ذلك من رؤية الجحيم وما بعده .
وذكر تعالى في أوائل سورة العصر الخاسر وهو من ألهاه التكاثر بقوله : { إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)} وذكر من لم يلهه التكاثر وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات ..إلخ ، بقوله عزّ وجل: { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} .
جاء في روح المعاني (1) : أن سورة العصر فيها إشارة إلى حال من لم يلهه التكاثر.
وجاء في البحر المحيط (2) : لما قال عز وجل في سورة التكاثر : { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)} وقع التهديد بتكرار : { كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)} بين حال المؤمن والكافر .
لما ذكر سبحانه في أواخر سورة قريش أنه أطعمهم من جوع بقوله :
{ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4)} ،
ذمَّ عزّ وجل في سورة الماعون من لم يحض على طعام المسكين بقوله :
{ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3)} .
ولما قال تعالى في أواخر سورة قريش :
{ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3)} ،
ذمَّ جلّ شأنه في سورة الماعون من سها عن صلاته فقال :
{ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} .
وصف الله تعالى في سوره الماعون المنافق بأربعة أمور :
البخل وترك الصلاة والرياء ومنع الزكاة .
فذكر عز وجل سورة الكوثر في مقابلة من بخل : { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} ، أي الخير الكثير .
وفي مقابلة ترك الصلاة : { فَصَلِّ ... (2)} أي دم على الصلاه.
وفي مقابلة الرياء : { ... لِرَبِّكَ ... (2)}.
وفي مقابلة منع الماعون : { ... وَانْحَرْ (2)}. وأراد به سبحانه التصدق بلحوم الأضاحي .
أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم في سورة الكوثر بالصلاة لربه فقال له :
{ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} ،
وأمره تعالى أن يقول في أوائل سورة الكافرون :
{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) ... } ،
فهو يصلي لربه و يعبده ولا يعبد ما يعبدون .
جاء في البحر المحيط : لما كان في قوله تعالى في آخر سوره الكافرون : { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)} موادعة ، قال سبحانه في أول سوره النصر : { إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)} ، بما يدل على تخويفهم وتهديدهم ، وأنه آن مجيء نصر الله وفتح مكة واضمحلال ملة الأصنام وإظهار دين الله تعالى .
لما ذكر سبحانه في سورة النصر دخول الناس في ملة الاسلام بقوله : { وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)} ،
عقبه تعالى في سورة المسد بذكر هلاك بعض من لم يدخل فيها وخسرانه بقوله : { سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3)} (1) .
قال سبحانه في سورة المسد في أبي لهب :
{ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2)} ،
وهو يعم كل كافر .
وقال تعالى في سوره الإخلاص : { اللَّهُ الصَّمَدُ (2)} ،
أي لا يغني عن الكافر ماله وما كسب وانما يكفيه الله الصمد وهو المقصود في الحوائج الذي لم يكن له كُفُوًا احد .
ـ البحر المحيط لأبي حيان طبعة 1 سنة 1328 هـ مطبعه السعادة ـ مصر .
ـ البرهان في تناسب سور القرآن لأحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي تحقيق د. سعيد بن جمعة الفلاح ، دار ابن الجوزي سنة 1428 هـ .
ـ التفسير القيم لابن القيم جمع محمد أويس الندوي ـ مطبعة السنة المحمديه 1386 هـ 1973 م .
ـ تفسير ابن كثير طُبع بدار إحياء الكتب العربية ـ عيسى البابي الحلبي وشركاه
ـ روح المعاني في تفسير القرآن الكريم ـ لشهاب الدين السيد محمود الألوسي ، إدارة الطباعة المنيرية ، دار إحياء التراث العربي
ـ فتح القدير لمحمد بن علي الشوكاني ـ طبعة 1 مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده مصر سنه 1349هـ .
ـ مفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي ـ طبع دار الكتب العلمية ـ بيروت طبعة 1 سنه 1421 هـ .
ـ نظم الدرر في تناسب الآيات ـ لبرهان الدين أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي ،تحقيق عبد الرزاق غالب المهدي ، دار الكتب العلمية بيروت 1415 هـ 1995 م .