لادئاني
مستشار المنتدى
- إنضم
- 16/12/18
- المشاركات
- 28,487
- التفاعلات
- 77,703
3-أعمال العدو الاسرائيلي خلال الحرب
================
================
نستطيع أن نؤكد، أن العدو لم يحارب على الجبهة السورية، ولم يدخلها ظافراً إثر قتال حقق فيه التفوق العسكري، أو أبرز فيه البطولة وحسن قيادة القتال، فتمكن من تحقيق ظفر.. يدعيه اليوم لنفسه.. وهو ليس له أهلاً.
إن القوات الإسرائيلية قد دخلت الأرض السورية حسب مخطط تآمري أعد مسبقاً ووضعت مقدماته ونتائجه في بعض السفارات، وأتم إكمال ملامحه وجوانبه في بعض العواصم الغربية.
فالعدو الصهيوني استطاع بدهائه ومغرياته أن يدفع حكام البلاد ليقوموا بتصفية الجيش.. وجعله غير قادر على خوض أية حرب.. وكان له ما أراد، وأكثر.
والعدو استطاع بوسائل الخداع والمكر والتآمر المختلفة، أن يضع الجماهير التي هي رديف الجيش، في حالة من التمزق والتشرذم وانحلال روح المقاومة.. بفضل ما فعل بها شركاؤه وجواسيسه.. خلال حكم حزب البعث العربي الاشتراكي.. وكانت الجماهير يوم الحرب كما خطط لها عدوها وشركاؤه.
والعدو الاسرائيلي حرص على عزل هذه الجماهير عن المشاركة الفعلية في حرب الحفاظ على الأرض والمقدسات.. فاستطاع عزلها.. وبقيت الجماهير طيلة الحرب.. قابعة في الدور والمقاهي.. مشدودة إلى "الترانزيستور".. تتابع أخبار الهزيمة.. وهي عاجزة كل العجز عن فعل الشيء.
هذه وغيرها كثير جداً.. كانت من الأمور التي خطط لها العدو قبل نكبة حزيران العار 1967، بأعوام طويلة.. واستطاع أن يجد من الشركاء من ينفذها له، بأكثر مما توقع، من حرصهم على خدمته وتسليمه ما يريد.
وهذا ليس مجال الحديث الآن.. فلقد أخذنا على عاتقنا الاهتمام بجانب القوات.. ما فعلت، وما فعل بها، وهذا بيت القصيد من شرحنا هذا.
ولذا.. فإن أعمال العدو.. القتالية.. كانت تافهة وتكاد لا تذكر نسبة إلى ما تقوم به القوات في حروب أخرى، يملك فيها المهاجم تصميماً على تحطيم خصمه، والفوز بأهدافه، ويتحلى فيها المدافع بعناد وإصرار على طرد المهاجم وإحباط آماله ومساعيه.. وبين هذا وذاك تبرز صور من الملاحم والبطولات بين أخذ ورد، تكون على مر الأيام صفحات متتالية في سفر التاريخ العسكري للشعوب.. كما تصبح في الوقت نفسه معيناً جديداً لخيال الشعراء والأدباء يصور كل منهم جانباً من بطولات شعبه.
... وبهذا، كانت حرب المسرحية يوم حزيران، خالية من عنصر الإثارة، ومقومات الحروب الناجحة.. ولم تعد كونها مؤامرة.. كبرى.. تكمن عناصر الإثارة في دقة حبكها.. ولؤم الذين نفذوها.
ولكن.. لا بد رغم ذلك من التعرض بشيء من الإيضاح، إلى الأعمال القتالية، التي قام بها العدو.
1- لقد كانت أبرز أعمال العدو الصهيوني هي أعمال الطيران.
----------------
فالطيران الإسرائيلي.. الذي خلت له سماء الحرب، وغاب النسور من وجهه..، قام بتغطية الجبهة برمايات كثيفة منذ صباح الثلاثاء 6 حزيران، وحتى مساء السبت 10 حزيران، واستطاع أن يركز كل قواه وإمكاناته ضد هذه الجبهة.. وهو ضامن عجز الطيران السوري عن مجابهته.. فقام بطلعات جوية تكاد لا تحصى.. قصف فيها الجولان (التحصينات، والمنشآت، وتجمعات القوات، ومرابض الأسلحة، وتحركات الآليات والأرتال)، ودمر الطرق وقام بغارات متتالية على مطاري المزة والضمير وبعض المطارات (السرية) الأخرى. فدمر عدداً من الطائرات التي لم تستطع الفرار، وضرب المهابط والمستودعات وكانت له السيطرة الكاملة في الجو، حتى بدأ طياروه يقومون بأعمال للتسلية تخرج عن نطاق المهمات القتالية الجادة، وهم لا يخشون أن يزعجهم عصفور.
ولقد تميزت أعمال الطيران المعادي بنواح متعددة، نشرحها:
أولاً: ضد التحصينات والمنشآت، وخطوط الدفاع، استعمل الطيران القنابل المتفجرة الثقيلة من عيار (250، و500) كلغ بقصد تدميرها وإنهاء فعاليتها.
ثانياً: ضد الخنادق، وتجمعات القوات المكشوفة، والأرتال الآلية أو الراجلة، استعمل الطيران المدفعية الرشاشة من عيار 25 مم، وقذائف النابالم المحرقة، لإخراج الوحدات خارج القتال.
ثالثاً: ضد مرابض المدفعية، وتجمعات الدبابات والآليات المتنوعة، أو أرتالها، ركز الطيران نيران الصواريخ وقذائف النابالم والقذائف الموقوتة المتفجرة (المنثار).
رابعاً: تميزت أعمال الطيران الإسرائيلي ضد الأرتال الآلية المتحركة، بصفة لئيمة تدل على مبلغ حرص العدو على أن لا تفلت آلية واحدة من يده.
فلقد كانت الطائرات تحوم حومتها الأولى، لتحدد حجم الرتل المتحرك واتجاه سرعة حركته والفواصل بين الآليات والوحدات، ثم تعدو في حومتها الثانية، وتقوم بالانقضاض، مبتدئة برأس الرتل، حتى تأتي عليه، فتترك الآليات حطاماً تتصاعد منه ألسنة النيران يشوه احمرارها دخان متدرج السواد، وتترك الأفراد شبه قطيع هاجمته الذئاب، فتركته بين قتيل ومجروح وهائم على غير هدى.
خامساً: تميزت أعمال الطيران الإسرائيلي بسرعة التدخل، وكثافة الرمي، وقد بلغ ذلك مبلغاً لا يكاد يصدق، فعندما كانت تبدو لرتل أو مجموعة من العدو داخل أرضنا، مقاومة ما –على غرار ما حدث في حرش الجويزة-، يلجأ القادة إلى الاسنتجاد بالطيران، فتأتي وحداته وتحرق الأرض وتفلحها لكثرة ما تصب عليها من النيران، حتى يتم الاطمئنان في نفوس القادة الجبناء، المحميين بأرتال الدبابات، وأسراب الطائرات، فيتابعون حركتهم دون خوف من أي إزعاج.
سادساً: ومن أعمال الطيران الإسرائيلي ذات الأهمية، هي نقل سدنة الدبابات والأسلحة، لإلحاقهم بوحداتهم بعد إتمام الاختراق، على غرار الذي حصل عند الخرق من القطاع الشمالي، كما سنبينه بعد قليل.
سابعاً: ولقد ساهمت طائرات العدو مساهمة كبيرة من الحرب النفسية ضد القوات والسكان، فكانت طائرات الهليوكوبتر تحلق فوق رؤوس الهاربين، وتخاطبهم بالمكبرات، أن ألقوا أسلحتكم وانجوا بأنفسكم.. فنحن لا نريد إيذاءكم وإنما نريد تدمير العتاد الروسي..!
ثامناً: وكثيراً ما خفت طائرات العدو، وخاصة الهيلوكوبتر، لنجدة أفراد أو مجموعات صغيرة من العدو، حين تعرضها لمآزق خطرة، وذلك على غرار ما حدث للطيار الذي أسقطته إحدى كتائب جيش التحرير الفلسطيني في منطقة الرفيد.
تاسعاً: قامت الطائرات الإسرائيلية بأعمال الإخلاء، ونقلت الجرحى وجثث قتلاهم، ولقد كان من أبرز الجرحى السوريين الذين نقلتهم طائرات العدو، ضابط برتبة نقيب، بعد أن أصيب بشظية مزقت بطنه فنقلته الهيلوكوبتر، وعولج ثم أعيد بعد الحرب أثناء تبادل الأسرى.