- إنضم
- 26/4/22
- المشاركات
- 1,025
- التفاعلات
- 2,326
أسباب تكرر فشل وهدوء الهجمات الأوكرانية أمام الدفاعات والضربات الروسية
مقدمة هامة:
يعزى فشل الهجمات المضادة الأوكرانية بتقديري لثالثة أسباب رئيسية أولها وفق الترتيب الضربات الجراحية الاستباقية الوقائية الروسية الجوية والصاروخية في العمق الأوكراني، التي كان الغرض الروسي منها منع حدوث الهجمات المضادة الأوكرانية، لكنها انتهت بإضعاف زخم الهجمات الأوكرانية.
أما السبب الثاني الذي كان من المفترض أن يكون خطوط سورفيكين الدفاعية الثابتة المتماسكة الحصينة القوية الدفاعية، ولكن الواقع تمثل بالدفعات الحفية الغير منتظمة النشطة بالذخائر الذكية، والدفاع الحيوي الجوي بالنفاثات التكتيكية والمروحيات الهجومية والدرونات الضاربة الكميكازية، اما خطوط سورفيكين فقد كانت حالة احتياطية، ليست رئيسية فالروس هم أسيد التكتيكات الدفاعية.
والآن وقبل بيان السبب الأخير، نريد أن نسأل سؤال مهم أين المدفعية الأوكرانية أثناء تنفيذ الهجمات الأوكرانية؟!
وللجواب على ذلك نقول سبب اختفاء نيران المدفعية أثناء الهجوم، هو لأن الهجمات الأوكرانية ليست اختراقية إنما هجمات تسللية مهمتها إدارة وتوحيه نيران المدفعية الذكية بطريقة جراحية، لإحداث أكبر خسائر روسية.
إلا ان الروس قلبوا السحر على الساحر من خلال تطوير نوعي بالحرب الإلكتروني ونشر منظومات منتظمة حديثة متكاملة العمل على طول الجبهة الروسية الأوكرانية، اختراقية وتضليلية وتشويشية وخداعية، شلت وأعمت وضللت الوسائل الإلكترونية الأوكرانية اللاسلكية الخاصة بالاتصالات وعمليات التوجيه الأرضية والفضائية، إضافة للموجات الرادارية، لتصبح المناطق الرمادية أو المحرمة مناطق عزل إلكتروني مع كونها مصائد روسية.
هذا فيما يخص أسباب جمود أو هدوء توالي زخم الهجوم الأوكراني فيعزى للاحتمالات التالية:
ربما يكون السبب الأرجح هو بطؤ أو لنقل هدوء الهجمات الأوكرانية المضادة التي نفذت خلال 16 يوم منذ مصباح اليوم الرابع من الشهر السادس بلغت 263 هجوم وفق تصريح وزارة الدفاع الروسية، هو عودة الهجمات المعاكسة الروسية بطريقة القضم والهضم على الأقل في محور مقاطعة خاركييف وخاصة كوبيانسك ومرينكا ثم التوسع نحو محور كراسني ليمان التابع لمقاطعة لوهانسك، ونحو محور أفيديفكا التابعة لمقاطعة دونيتسك، إنما زيادة الضغط كان نحو مقاطعة خاركييف على وجه الخصوصية، من باب تشكيل منطقة آمنه توقف الخروقات الإرهابية العسكرية تجاه الأراضي الروسية الموازية للحدود الأوكرانية هناك، والسبب أن عودة الهجمات العكسية الروسية أبطل الهدف الأساسي الأولي من الهجوم المضاد الأوكراني.
وقد يكون السبب ظهور صاروخ جديد بذكاء صناعي متطور دمر أحد راجمات هيمارس بوقت قياسي قبل فرارها أو ربما أثناء ذلك وهي في حالة حركية، وربما تم ذلك بسرعة فرط صوتية ودقة تدميرية كبيرة وفق توثيق وسائل التصوير الروسية، وهو صاروخ انطلق من راجمة أورغان اس المتطورة الروسية وحتى مدى 200 كم، وعلى ما يبدو كان رسالة إلى القيادة الأمريكية التي ركنت إلى تجميد الصراع الهجومي الأوكراني نوعاً ما، لكنها تعدت أحد الخطوط الحمراء الروسية الأساسية بالسماح بتزويد الأوكران بصواريخ أتاكمس التكتيكية، التي تطلق من راجمات هيمارس بطريقة فردية، وحتى مدى 300 كم بسرعة فوق صوتية تفوق بقليل سرعة قذائف جملرس (بندقية القناص) الاعتيادية لكنها باعتقادي لن تكون أكثر حظاً من قذائف جملرس الأكثر انخفاضاً بالمسار الكشفي التحليقي والأصغر بالمقطع الراداري ضمن فترة ردة فعل أقل للدفاعات الروسية!
والخطر في أتاكمس أن تطلق في بيئة تشويشيه شديدة على منظومات الكشف الروسية، ذاتية التوليد أو خارجية أو الاثنان معاً ، أو يتم طلائها بطلاء عالي الامتصاص للموجات الرادارية ومحركات دفع خاصة منخفضة البصمة الحرارية، أو تطلق بطرقة إغراقيه، وأن تزود برؤوس ذات ذخائر فرعية ذكية من فئة ذخائر بات Bat الذاتية الدفع والتوجيه التسكعية، أو حتى أسطوانات سكيت Skeet الأقل حيوية الشبه موضعية فعصية أفكوسيكت التي يتفرع منها أربعة أسطوانات سكيت تغطي دائرة قطرها 300 متر ولكن كيف يكون الأمر مع 24 عصية فرعية تنتج عن صاروخ أتاكمس واحد! والأهم أنها تجعل راجمات هيمارس بعيدة عن براثن الوسائط المضادة الروسية، ضمن دفاعات جوية متعددة الأهداف ومناورات آمنة عن ردود الفعل الروسية، والأخطر من كل ما سلف أنها سوف تستهدف أهداف عسكرية هامة واستراتيجية في شبه جزيرة القرم وربما الأراضي الروسية.
وربما حدث ذلك وأعني جمود الهجوم المضاد، بسبب تعاظم الخسائر على يد مجموعات قتالية خاصة شبه ظليه من مجموعات قنص الدبابات بصواريخ كورنيت القوية الروسية، أو قذائف كراسنبول المباعدة المدفعية التي يزيد دقتها مجموعات الرصد المتقدم بأجهزة الليزر التوجيهية الانعكاسية، أو بصواريخ فاخير أم الترادفيه الموجهة بالليزر بمروحيات كاموف التمساح الروسية، إضافة إلى حرفية زرع وشدة فتك الألغام الذكية الروسية المضادة للدروع التي تستهدف النقاط التدريعية الضعيفة العلوية.
وهذه الأساليب المضادة النشطة الذكية الغير اعتيادية بددت أي جدوى هجومية أوكرانية ضد الجبهات الدفاعية الروسية.
أو ربما هذا الجمود النسبي كان بسبب تعاظم خسائر الأوكران البشرية وفي العتاد المدرع الثقيل ضمن الفترة بين 4 من الشهر السادس وحتى 20 من الشهر نفسه، فقد خسر الأوكران وفق تصريح بوتين فقط على مستوى الدبابات أكثر من 246 دبابة قتالية هجومية من أصل أكثر من 1000 ألية حركية أوكرانية مدرعة، ومقتل نحو 13000 جندي أوكراني، فقد كان أحد أسباب تحول الأوكران إلى الهجوم المبكر لتحجيم خسائرهم الدفاعية التي بلغت وسطياً 400 قتيل بشكل يومي فإذ به يتضاعف في الأوضاع الهجومية.
وربما بسبب الخسائر الهائلة الأخيرة الأوكرانية في الجبهة الوسطى في مقاطعة زابورجيا التي استخدمت فيها روسيا بوقت متزامن، وخلال ثواني 116 قذيفة فراغية حرارية أطلقتها راجمات من فئة توس سولنتسيبيوك (لهيب الشمس) الروسية، وذلك بعد أن تم الاختراق من قبل الأوكران بعد تمهيد مدفعي كثيف وبالراجمات العادية ونحو 100 قذيفة فراغية حرارية من راجمة نوع توس بوراتينو (الأنف الطويل) السوفيتية التي تساوي قوة قذائفها 1/3 من قوة نظيرتها الروسية وبمدى أقل ثلثي مدى الراجمة الروسية.
وقد يكون الأوكران فعلوا هذا لأغراض وتكتيكات إيجابية! وذلك لترتيب الصفوف وتعزيزها استعداداً للهجوم النهائي الذي بدأت تتبدى ملامحه تجاه خيرسون مع تقدم ستة ألوية قتالية إلى النقاط الأمامية وارتفاع معدل النيران التمهيدية إلى عشرة أضعاف ما كانت عليه، بعد أن جفت بحيرة كاخوفكا التي كانت وراء سد نوفا كاخوفكا، أو هدئت التدفقات المائية في نهر الدينبرو.
إلا ان هذا الهجوم أصبح أعقد بالمرحلة الحالية لتحول نهر الدينيبر إلى مستنقعات طينية.
كما أن وزير الدفاع الروسي شويغو هدد في حالة استهداف الاحتياطات العسكرية واللوجستيات الروسية والدفاع الجوي الصاروخي والقوى الجوية في القرم بتدمير بالمقابل كافة مقرات اتخاذ القرار الأوكراني.
لذلك بتقديري أن السبب المرجح عندي والأكثر منطقية للفشل والجمود، هو أن الأوكران لما فشلوا بتحقيق أي نتائج إيجابية اختراقية أو حتى استطلاعية هو الحرب الإلكترونية الروسية التشويشية وخاصة ضد الاتصالات الغربية بالدرجة الأولى وابطال من خلاله نشاط تعين الأهداف بالتواصل مع الأقمار الصناعية التوجيهية الملاحية أو من خلال التواصل مع درونات الرصد الفردية، أو مع قوات القيادة والسيطرة الغربية، وهذا هو بالحقيقة سلاح الصدمة الروسية، الذي على ما يبدو أبطل حتى الحماية الإلكترونية النشطة بالمدرعات الغربية وتسبب بحدوث هذه المجازر، بل وغالباً تمكن الروس من اختراق الاتصالات ومعرفة الوحدات القتالية المتسللة الأوكرانية بشكل مبكر وتحديد أماكن تحركها لتخضع لمراقبة الدرونات الروسية مع وحدات المراقبة الأرضية، لذلك نجد أمريكا جربت منظومات إلكترونية متطورة جداً مضادة في المحور الرئيسي للهجوم في خيرسون، وكان لهذا الإجراء الروسي الخطر مع وجود الدفاع الروسي النشط الأرضي والحيوي بالقوى الجوية، هذا عدا نشاط الدفاعات الروسية الثابتة المتمثلة بخطوط سورفيكين القوية والحصينة، بطرق حرفية ولكن جزئية، ومع تزايد ظهور هجمات عكسية روسية، تم من جديد تثبيط الهجوم الأوكراني التي أصبحت تشكيلاته المنهكة والمحبطة تتوجس من تطور الهجمات العكسية الروسية، وذلك مع استمرار الضربات الحيوية الوقائية الجوية والصاروخية بالعمق الأوكراني.
ولا أتوقع أن تدخل صواريخ أتاكمس التكتيكية الأمريكية هذه المعركة أو حتى نفاثات فالكون الاختراقية الفوق صوتية الهجومية الأمريكية المعركة، لأن شويغو هدد بتدمير كل مراكز القرار الأوكرانية إذا ما استهدفت هذه الصواريخ شبه جزيرة القرم أو أي أراضي روسية، وتهديد بوتين بتدمير أي مطار أو قاعدة جوية أوربية تنطلق منها نفاثات ف 16 فالكون الأمريكية، وهو يعني بدء الحرب العالمية المباشرة.
لذلك فالهجوم المضاد الأوكراني النهائي فشل أو أوجل على الأقل إلى وقت آخر، ومسعى القوات الأوكرانية الجوية الحالية هو قطع الامدادات اللوجستية عن شبه جزيرة القرم لأنها المركز الرئيسي لتوفير الامدادات الروسية للمقاطعات الروسية الجنوبية.
وهناك خيار آخر مستجد قد يكون أحد أسباب استمرار جمود الهجمات الأوكرانية وهو تمرد قوات فاغنر المفاجئ ضد وزارة الدفاع ورئاسة الأركان الروسيتين، والذي يتطور على ما يبدو بأيدي داعمة خارجية استخباراتية ولكن بمعرفة المخابرات الفيدرالية الروسية، بمحاولة جدية للناتو لخلخلة الجبهة الروسية الداخلية، والتمهيد لعملية انقلاب سياسية، إلا ان الموضوع تم تحويله لحالة عكسية، وجعل الأمر برمته كعملية تضليليه استخباراتية روسية!
أو أن تكون العملية تخضع لعمالة مزدوجة فقوات فاغنر هي بوتين وتابعة للمخابرات الفيدرالية الروسية ويراد بها استقطاب القوة المناهضة والمعارضة الروسية للقيادة السياسية الحالية الروسية، بشكل عاجل أو آجل، كما أن هذا التمرد الصوري قد يفضي إلى حل ميليشيات فاغنر وصهرها في في جيش المتعاقدين مع وزارة الدفاع الروسية.
وغالباً الأمر برمته مسرحية بأوركسترا روسية، وربما تصبح تكرار للتجربة الانقلابية التركية لأنها ورغم ضجتها الإعلامية لم يحدث خلالها حتى انتهائها، أي صدام عسكري جدي ولا حتى صوري وعملية قصف مواضع فاغنر قد تكون حالة دعائية غير واقعية حتى تدمير الآلية المتجهة نحو موسكو وتتجاوز الخطوط الحمراء الأخيرة، وقد تكون عملية تمثيلية أيضاً، فلا يوجد بالتاريخ تمرد أبيض تقوم به قوة دموية إجرامية!
إلا أن هذا المستجد الضبابي، جعل المخابرات البريطانية، تطلب من الأوكران وقف العملية المضادة الهجومية لمدة شهر حتى تنجلي الصورة عن هذه العملية التمردية داخل الأراضي الروسية، وهناك على ما يبدو مبتغى روسي استخباراتي عسكري خفي يتم تمريره أثناء فوضى التمرد.
أو أن هناك غاية جديدة تكتيكية تكمن بسحب قوات فاغنر من المناطق الحدودية واستبدالها بقوات الاقتحام الشيشانية التي تواجدت بالفعل قرب مدينة روستوف لقمع قوات فاغنر عند الحاجة، وسحب قوات فاغنر لتنفيذ مهمة سرية في العمق الأوكراني! وهذا ما اتضح عند تدخل رئيس بيلاروسيا والجئ بروغوجين ومن معه من ميليشيات فاغنر، وهو من الناحية العسكرية تجيش قوات فاغنر للمشاركة في اقتحام العاصمة كييف من جديد جنباً لجنب مع قوات المجموعات السيبيرية (الذئاب السيبيرية) ومجموعات الكتائب التكتيكية، التي سوف تمهد وتؤمن الهجوم الثاني والنهائي لجيش الدببة السيبيرية المدرع الأول (الجيش 41) بغية انهاء الحرب الروسية الأوكرانية بطريقة عسكرية، من خلال اسقاط كييف، والقضاء على القيادة المركزية الأوكرانية.
كما أنه قد يكون الأمر هو طعم يحرك شراهة الغرب لتحريك عملية انقلاب عسكري أو انقلاب هجين، والغاية من ذلك كشف وإنهاء أي معارضة داخلية كما فعل أردوغان في تركيا.
أو أن بروغوجين زعيم ميليشيات فاغنر، حرك رغبة عدد من الجنرالات الروس حول تغير طريقة العملية العسكرية الروسية بشكل يسرع الحسم في أوكرانيا بطريقة هجومية وبموافقة ضمنية من بوتين، لأن التمرد انتهى بموافقة بوتين للجلوس والاستماع لبروغوجين!
كما أن هذا التمرد الصوري قد يخلق ذريعة لتغيرات جوهرية برئاسة وزارة الدفاع وقيادة الأركان الروسية، تتناسب مع تغيير الاستراتيجيات الحربية.
خاصة وأن هذا الاضطراب الداخلي سوف يولد ضغط شعبي بتسريع الحسم في الجبهة الأوكرانية.
وما يدعم ذلك أن الروس ومنذ بضعة أشهر يسارعون في تصنيع منصات ميدانية مجنزرة صاروخية من نوع تور المضادة للجو، وأخرى هجينة صاروخية مدفعية من نوع تنغوسكا التي سميت بمفاجئة بوتين، إضافة إلى منظومات ميدانية إلكترونية متطورة جداً وسرية، بشكل تبدد معه خطر قاهرات الاختراقات الروسي الهجومي بالذخائر المباعدة الفائقة الذكاء الأساسية والفرعية.