النجوم الآفلة / د. عثمان قدري مكانسي

Nabil

التحالف يجمعنا
مستشار المنتدى
إنضم
4/5/19
المشاركات
10,848
التفاعلات
19,863

النجوم الآفلة

الدكتور عثمان قدري مكانسي




سبحان من يزجي لنا الآياتِ * كيما نكون على هدىً وعظاتِ

وينبه النوّام للحق الذي * يغشى الجميعَ فيهدم اللذاتِ

والناس غرقى في متاعٍ زائل * فإذا بهم في عالم الامواتِ

في كل يوم راحلٌ لا ينثني * ترَك البلادَ وواسعَ الأبياتِ

ومضى إلى المولى الجليلِ يقودُه * الـعملُ الذي أسداه في الصفحاتِ

فإذا أتى عملاً مفيداً كان في * فضلٍ عميمٍ فاض بالحسناتِ

هذا الذي نرجوه في أشياخنا * ونقول فيهم طيّبَ الشذراتِ

كانوا الينابيعَ التي من عَذْبها * ذاق الرجال حلاوة البرَكاتِ

ففقيهنا " الزرقاءُ" كان مُجلّياً * بسَط العلوم بأسهل الكلماتِ (1)

أرسى لنا الفقه الجليل بثوبه * هذا القشيبِ معطّرَ النسَماتِ

فإذا به يزهو مكيناً دافقاً * يروي العقول بأعذب النفحاتِ

فَخَرتْ به حلبٌ وكلُّ مدينة * إذ كان طوداً عاليَ الراياتِ

وأديبُنا " الطنطيُّ" روضٌ باسمٌ * سبحان من سوّاه في الروضاتِ(2)

عِلمٌ وفهمٌ ثمُّ أسلوبٌ سما * قلّ النظيرُ بعالم الدعواتِ

في كل فن جاء أستاذاً لنا * يحكي السحابَ بدَومه الهَطلاتِ

تاهت به الشامُ الأصيلةُ، كمْ له * في الخافقين مناهلُ الخيراتِ

ومحمدُ المجذوبُ كان مربياً * باع الإلهَ محاسنَ الأوقاتِ(3)

ربّى الشبابَ على الفضيلة فارتقتْ * أرواحُهم في الخير مندفعاتِ

ضجّت جبال اللاذقية حسرةً * لمّا نعاه العـِلمُ بالعـبـَراتِ

يا رب أحسِن رفدهم وتولّهم * في زمرة الأبرار في الجنّاتِ

وارزقهُمُ الفردوسَ أنت وعدْتَه * للمصلحين وعاليَ الغرُفاتِ

وارحم عبادك يا إلهي واهدِهمْ * فـَرّوا إليك ، فخُصُّهم بنجاةِ

عامل بلطفك ضعفنا وارأف بنا * أنت المؤمّـل لـلـقـاء الآتي

يا رب صلّ على النبي محمد * وارحم به (عثمانَ) ذا الزلاّتِ(4)

وارحم جميع الحاضرين وأهلهم * واكتب لهم من بِرِّك الرحَماتِ
...................................

(1) الشيخ مصطفى الزرقاء رحمه الله ، فقيه حلبي من كبار علماء عصره.

(2) الشيخ علي الطنطاوي الأديب الفقيه الدمشقي.

(3) الشيخ المجذوب فقيه ومربٍّ من اللاذقية.

(4) الشاعر صاحب القصيدة، من حلب الشهباء

ملاحظة: توفي هؤلاء العلماء الكبار الثلاثة رحمهم الله تعالى عن همر يناهز الخامسة والتسعين في سنة واحدة، وألقيتُ هذه القصيدة تأبيناً لهم في فرع رابطة الأدب الإسلامي في عمان.بعد لقائهم مولاهم الكريم بأسبوع أوائل عام 1999 على ما أظن.
 
عودة
أعلى