الدولة العثمانية : معلومات و وثائق وصور وتراجم

لمحات من تاريخ الدولة العثمانية

مقتطعة من كتاب الشعر العربي في الفتوحات العثمانية من عهد السلطان سليم الأول إلى نهاية الدولة العثمانية للدكتور عثمان قدري مكانسي

القسم الأخير



ـ 14 ـ محمود الأول بن مصطفى الثاني (1143 ـ 1168
تولى الحكم بعد عمه المعزول ، وله من العمر خمسة وثلاثون عاماً ودام حكمه خمساً وعشرين سنة / 1143 هـ ــ 1168 هـ /
حدث في عهده أمور أهمها
1ــ كانت السلطة الحقيقية أول ماتولى الخلافة بيد زعيم الثورة (خليل بطرونا) الذي عزل الخليفة أحمد الثالث ، وفعل ما فعل ، ثم ثار الإنكشاريون عليه وقتلوه
2 ــ هدأت الأحوال واتجه الخليفة إلى قتال الصفويين فتغلب عليهم وصالحوه سنة 1142 هـ وتخلوا للعثمانيين عن تبريز وهمدان وإقليم لورستان
3 ــ لم يقبل والي طهماسب الصفوي ( نادر شاه ) عن هذه المعاهدة فخلع الشاه وولى مكانه ابنه عباساً وجعل نفسه وصياً عليه ، وانتصر على العثمانيين وحاصر بغداد ، واتفق معهم في مدينة تفليس على أن يردوا للفرس كل ما أخذوه منهم ، ثم نصب نفسه ملكاً على الفرس
4 ــ اتفقت الدول الأوروبية على قتال العثمانيين بعد احتلال روسيا لبولونيا ولآزوف الواقعة على البحر الأسود واحتلت ( ياسي ) عاصمة إقليم البغدان ، وسرعان ما اتفق الفرس والعثمانيون وأوقفوا تقدم الروس ، وانسحبت النمسا من المعارك ، وتم ذلك في معاهد بلغراد سنة /1152 هـ/ حيث تخلت النمسا عن الصرب والأفلاق وتعهد الروس بعدم بناء سفن في البحر الأسود
5 ــ اتفق العثمانيون مع السويد ضد الروس بجهود فرنسية سنة / 1153 هـ /
6 ــ انتصر النمسويون على فرنسا سنة / 1153 هـ /
7 ــ حكم الأفلاق والبغدان روم من استانبول فساموهم سوء المعاملة فاتجهوا إلى روسيا
بلغ عدد الصدور العظام في عهد الخليفة محمود الأول ستة عشر صدراً (معجم الأنساب زمباور ص 246)

ــ 15 ـ السلطان عثمان الثالث بن مصطفى (1168 ـ 1171
آل إليه الأمر وهو في الثامنة والخمسين ، وتوفي بعد ثلاث سنوات /1168 ــ 1171 هـ/ كان يهتم بأمر المسلمين ويعمل على الإصلاح
وكان الصدور العظام على عهده أربعة ، حكم كل منهم شهرين ، عزل الأول والثاني وأعدِم الثالث أما الرابع فقد كان رجلاً صالحاً استمر في توليه الصدارة إلى عهد مصطفى الثالث ـ نفس المصدر السابق
وبوفاة الخليفة عثمان الثالث بن مصطفى ينتهي عصر الضعف للدولة العثمانية ليبدأ عصر أضعف وأشد سوءاً
ومن الملاحظ في هذا العصر الذي امتد قرنين من الزمان أن غالبية الخلفاء لم يكونوا على الكفاءة المتوخاة وإن كان بعضهم قوي الشخصية مهيباً إلا أن الانحدار كان أقوى دفعاً فما من خليفة إلا سلم خَلَفه أقل مما أخذ من سلفه ، فما تزال الدولة في انكماش والاتساع إلى تقلص ، ومما ساعد على ذلك النظام الوراثي البعيد عن مبدأ الشورى في اختيار الأصلح، وانغماس العديد منهم في الترف والنعيم ، وترك الأمر لمن لاهم له إلا اغتنام الدنيا والعبُّ من مباهجها والتكالب على اصطفائها لنفسه وإرضاء نزوات رب نعمته فإذا ما حطت مصيبة تحمَّل مغبتها فعُزل أو أطيح برأسه ، وقد لاتدوم صدارته أشهرأ بله أياماً كما رأينا في الجداول الآنفة ، فإذا رزقت الأمة بصدور عظام كآل الكوبريلي ــ مثلاً ــ تنسمت الخير واستعادت هيبتها وقويت شوكتها ، لكنهم شامات في جبين آل عثمان قلَّ أن يجود الزمان بمثلهم.

ثالثها : عصر التراجع والانحطاط
بدأ هذا العصر بعد الضعف الذي آلت إليه الدولة العثمانية ، وبعد النهضة التي نمت في بلاد الغرب ، واتفاق الغرب على حرب العثمانيين واقتسام بلادهم ، واتسم هذا العصر بسمات منها
1ــ التحالف النصراني السافر أحياناً والخفي أحياناً أخرى
2ــ ظهور بعض الخلفاء الأقوياء نسبياً ، إلا أن ضعف الدولة واجتماع أوروبا عليها لم يفد كثيراً
3ــ اختفاء فكرة قتل الأخوة بعد محمد الثالث ــ تقريباً ــ والاستعاضة عن ذلك بحجزهم عن الناس
4ــ بقاء أثر من السيطرة للعقلية العسكرية حيث يثور الجند على القائد فيقتلونه إن فشل في معركة أو يتمردون على الخليفة وصدره الأعظم فيعزلونهما أو يقتلون أحدهما
5ــ القضاء على الإنكشاريين في عهد السلطان محمود الثاني وحل الجيوش النظامية محلهم
6ــ ظهور الهزيمة النفسية أمام الأوروبيين متمثلة في استقدام مدربين منهم والافتخار بتقليدهم
7 ــ ظهور القوميات التي مزقت الدولة وحلت محل الرابطة الدينية
8 ــ ازدياد الأثر اليهودي في الدولة واستعانتهم بالنفوذ النصراني للوصول إلى إنهاء الخلافة تماماً
9 ــ طول مدة الخلفاء نسبياً ، إذ حكم تسعة خلفاء منهم في أكثر من قرن ونصف من الزمان (التاريخ الإسلامي محمد شاكر ( العهد العثماني ) ص / 149 ــ 151 / بتصرف). والخلفاء هم كما يلي
مصطفى الثالث ين محمد (16 سنة) 1171 ـ 1187 هـ وفاة طبيعية
عبد الحميد الأول بن أحمد (16 سنة) 1187 ـ 1203 هـ وفاة طبيعية
سليم الثالث بن مصطفى (19 سنة) 1203 ـ 1222 هـ عُزل ومات بعد سنة
مصطفى الرابع بن عبد الحميد (أشهر) 1222 ـ 1223 هـ عُزل
محمود الثاني بن عبد الحميد (32 سنة) 1223 ـ 1255 هـ وفاة طبيعية
عبد المجيد الأول بن محمود ( 22 سنة) 1255 ـ 1277 هـ وفاة طبيعية
عبد العزيز بن محمود (16 سنة) 1277 ـ 1293 هـ قُتِلَ بعد العزل
مراد الخامس بن عبد المجيد (3 أشهر) 1293 هـ
عبد الحميد الثاني بن عبد المجيد (35) 1293 ـ 1328 هـ عُزل ومات بعد 9 سنوات
محمد الخامس بن عبد المجيد (9 سنوات) 1328 ـ 1347 هـ وفاة طبيعية
محمد السادس وحيد الدين (3 سنوات) 1347 ـ 1340 هـ اعتزل
عبد المجيد الثاني بن عبد العزيز (أشهر) 1340 ـ 1341 هـ عُزل ومات في فرنسا

* من الملاحظ أن مدة الحكم للخلفاء شهدت استقراراً في هذا العهد على الرغم من الضعف والتقهقر ، فبالمقارنة مع خلفاء عهد الضعف نجد أن خلفاء عهد التراجع والانحطاط حكم غالبيتهم مدة أطول وعاشوا مدة زمنية أكبر . لاشك أن الصراع على الحكم كان واضحاً إلا أنه بين الصدور العظام وقادة الجيش ، أما الخلفاء فقد تخلى أكثرهم عن دفة الحكم فعاشوا في مأمن من القتل ، وإن نال بعضهم نتيجة الصراع بين القوى المتنفذة ،عزل وإقصاء وربما قتل كما حدث لعبد العزيز بن محمود

ولكثرة الأحداث التي جرت في هذا العهد وانتقصت الدولة جزءاً فجزءاً بحروب أو معاهدات متلاحقة فإنني ذاكر ــ إن شاء الله ــ أهمها والتي تفيدنا في بحثنا هذا باختصار .

أما روسيا فقد اشتد ساعدها وبدأت تخطط لابتلاع الولايات المحيطة بها بالحروب تارة والمعاهدات القسرية تارة أخرى ، حتى إنها سيطرت على معظم سواحل البحر الأسود وحاصرت العاصمة استانبول أكثر من مرة ، واحتلت القرم وضمتها إليها سنة / 1185 هـ/ وشجعت ولاة الشام ومصر على الانتفاض على العثمانيين ودعمتهم بالمال والسلاح ، واحتلت الأفلاق والبغدان وأثارت اليونان في جزيرة المورة اليونانية ودعمت النمسا فاحتلت بلاد الصرب .

أما فرنسا فكانت أحياناً تلبس لبوس الحمل الوديع وأحياناً تحرض النصارى في الدولة العثمانية وأحياناً أخرى تحتل البلاد العربية كما فعل نابليون حين احتل مصر وحين احتلت جيوشها المغرب العربي
أما بريطانيا فكانت تشجع الروس أحياناً ضد العثمانيين وأحياناً تقف أمامهم خوفاً على مطامعها ، ثم احتلت مصر عام / 1882 / للميلاد ، وفصلتها عملياً عن الدولة العثمانية ، ودعمت حكام شبه الجزيرة العربية ليثوروا عليها ، ثم اقتسمت بلاد الشام مع فرنسا عام / 1922 / للميلاد والموافق / 1340 هـ
وسارعت إيطاليا إلى احتلال ليبيا واعتبارها جزء اً منها عام /1238 هـ ــ 1910 م
أما في تركيا بلد الخلافة فقد تأسست جمعية الاتحاد والترقي الماسونية في باريس / 1316 هـ / وهي الجناح العسكري لجمعية تركيا الفتاة ، وانضمت إليها جمعية الشبيبة العثمانية التي كانت قد تأسست في استانبول سنة / 1282 هـ / وتوغل اليهود في هذه الجمعية حتى كان شعار الماسونية شعارها وهو :حرية ، عدالة ، مساواة
وحاول هرتزل زعيم المنظمة اليهودية إذ ذاك الحصول على وطن يهودي في فلسطين فطلب مساعدة روسيا التي وعدته بتهجير كثير من اليهود الموجودين فيها إلى فلسطين ، وعرض على بريطانيا إنشاء هذه الدولة لتساعدهم على الوصول إلى الهند إن تعذر ذلك عليهم وهم في مصر
وعرض هرتزل على بعض رجالات العثمانيين ــ بعد أن أغراهم بالمال ــ أن يتوسطوا لدى السلطان عبد الحميد الثاني لمساعدته في إنشاء هذه الدولة فرفض السلطان ذلك ، وحاول هرتزل عن طريق الملك الألماني الذي زار استانبول سنة / 1315هـ ــ 1897 م / فصمم السلطان على الرفض (التاريخ الإسلامي ( العهد العثماني ) ص / 201 /) وقال
(انصحوا الدكتور هرتزل بأن لايتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع ، فإني لاأستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين .. فهي ليست ملك يميني بل ملك الأمة الإسلامية .. لقد جاهد شعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه .. فليحتفظ اليهود بملايينهم وإذا مزقت دولة الخلافة يوماً فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن .. أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة ، وهذا أمر لايكون . إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة . /استانبول1901 م/)من فاتحة كتاب : صحوة الرجل المريض ، موفق بني المرجة

ثم طلبوا إليه تأجير منطقة القدس تسعاً وتسعين سنة وعرضوا على خزينة الدولة العثمانية خمسين مليون ليرة انجليزية ولحساب السلطان خمسة ملايين ليرة فطردهم شر طردة فعملوا على خلعه ، وكان اليهودي العثماني قرَصُوْه من الأربعة الذين أبلغوه قرار الخلع وكان ذلك سنة 1328هـ
رفض السلطان مساعدة هرتزل المادية على الرغم من فراغ الخزينة العثمانية كما رفض مساعدة اليهود العثمانيين ضد الأرمن . من كتاب ( والدي السلطان ) لعائشة ابنة السلطان عبد الحميد ص / 26 / ، وكتاب ( مذكرات السلطان عبد الحميد ) تقديم وترجمة الدكتور محمد حرب ص / 203 /

وفي ظلِّ جمعية الاتحاد والترقي عمل كمال أتاتورك (1) على هدم الخلافة العثمانية مع العديد من أصحابه يؤيدهم في ذلك ويخطط لهم الدول الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا ، هذه الدول التي احتلت بعد الحرب العالمية الأولى استانبول وفرضت الوصاية على الدولة العثمانية أولاً ثم طمس معالمها الإسلامية وإنهائها من الساحة ثانياً وكان ذلك سنة 1342 هـ الموافق 1924 م / وبذلك طويت آخر خلافة إسلامية حتى الآن حفظت البلاد الإسلامية ومن ضمنها البلاد العربية زهاء أربعة قرون ، ولاندعي أنها كانت خلافة راشدة ، بل كان فيها كثير من الأخطاء والتجاوزات .. ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة بن اليمان حين سأله عن الخير في آخر الزمان هل يكون ؟ فقال : نعم وفيه دَخَن رواه البخاري في باب الفتن ج8 ص 93

إضاءة

حين هلك مصطفى كمال أتاتورك في رمضان 1357هـ الموافق تشرين الثاني 1938 م بعد أن ظل رئيساً للجمهورية التركية خمسة عشر عاماً ، كانت البلاد العربية على الشكل التالي
سوريا ولبنان والمغرب العربي : تحت الاحتلال الفرنسي
الخليج العربي والعراق والأردن وفلسطين ومصر : تحت الاحتلال الإنجليزي
الجزيرة العربية واليمن : تدينان للإنجليز دون أن يحتلوا أراضيهما
ليبيا : تحت الاحتلال الإيطالي
جزء من الساحل المغاربي : تحت الاحتلال الإسباني

انتهت اللمحات بحمد الله ولمن أراد الإطلاع على الشعر وتكملة القراءة عليه العودة الى الكتاب

ـ (1) ولد مصطفى كمال في سلانيقي سنة / 1298 هـ / من سفاح تسمى بأمه زبيدة، ونسب إلى علي رضا أحد موظفي الدولة في سلانيقي ، درس في الكلية الحربية وتخرج منها سنة / 1322 هـ / ، كان غير منضبط السلوك ، منصرفاً إلى الخمرة والنساء ، على كره شديد للإسلام وعلى صلة وثيقة بالإنجليز وهم الذين رفعوه مستميتاً على الزعامة ، أعلن إسقاط الخلافة العثمانية سنة / 1341 هـ ــ 1924 م / وأصبح أول رئيس للجمهورية التركية وعاصمتها أنقرة ، جعل الأحد العطلة الرسمية للبلاد بدل الجمعة ، واتخذ الحرف اللاتيني بديلاً للحرف العربي في الكتابة فخسرت الأمة كنوزها العلمية والأدبية ، وانقطع الحاضر عن الماضي ، وانقطعت تركيا عن أخواتها البلاد الإسلامية ، وأمر بالأذان باللغة التركية ، وأعلن القومية الطورانية ، وجعل الدستور علمانياً مستمداً من الدستور السويسري ، ومنع الحجاب ووو
من كتاب ( العهد العثماني ص / 228 / ، وكتاب التاريخ المعاصر ــ تركيا ــ ص / 52 ــ55 /للكاتب محمود شاكر
 
التعديل الأخير:
النظام العالمي بين الدولة العثمانية وأحلام كيسينجر

إحسان الفقيه



قادت أمريكا العالم في تشييد هيكل يفضي إلى استتباب السلام، ومع ذلك فها هو العقد الأول من القرن الجديد (الواحد والعشرين) يشهد تداعي هذا الهيكل الدولي تحت وطأة التهديدات الجديدة. الرئيس الأمريكي باراك أوباما

يأتي هذا التصريح للرئيس الأمريكي بفشل النظام العالمي الجديد الذي تقوده أمريكا، بعد مضي عقدين من نشأة هذا المصطلح الذي أعلن عنه جورج بوش الأب أثناء حرب الخليج، والذي هو في حقيقته إنهاء النظام القديم القائم على تعدد الأقطاب، وانفراد أمريكا بالهيمنة على العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي
الثعلب الأمريكي هنري كيسينجر في كتابه الأخير عن النظام العالمي، يرى أن مفاهيم المجتمعات الغربية هي التي تحدد أطر البحث عن نظام عالمي جديد، ويرى أن مبدأ القطب الواحد لم يعد يصلح لإقامة هذا النظام العالمي، والذي يؤكد كسينجر على أنه سيقوم بالشراكة بين أمريكا والصين

وبالرغم من الأمثلة التي ساقها كسينجر على فشل البشرية في الوصول إلى نظام عالمي، وأن كل حضارة من الحضارات السابقة قدمت نموذجها الخاص لهذا النظام، إلا أن التاريخ قد شهد نظاما عالميا فريدا قادته الدولة العثمانية

يقول المؤرخ "يلماز أوزتونا" في مقدمة كتابه "تاريخ الدولة العثمانية": أطلق المؤرخون المعاصرون على الأسلوب العثماني الذي حكم الشرق الأوسط لعدة قرون مصطلح pax ottomana، وهو يقابل pax romana، وهو التعبير اللاتيني لمفهوم النظام العالمي الذي يرد ذكره في دستور فاتح (قانون نامة)

وقانون نامة هو الدستور الذي ينسب إلى السلطان محمد الفاتح، والذي أشرف عليه نخبة متخصصة من العلماء، ومصدره التشريع الإسلامي

الدولة العثمانية بلا شك كانت أعظم الإمبراطوريات التي قامت على مدار التاريخ، يقول عنها المستشرق بابنجر :الإمبراطورية العثمانية هي إحدى أهم ظواهر التاريخ العالمي المذهلة جدا والخارقة للعادة

ويقول المفكر الفرنسي الذي عاصر الدول العثمانية في مجدها "بان هيربين": تفوق قدرة تركيا اليوم (يتحدث عام 1629) قدرة مجموع دول العالم أجمع

غير أن هذه القدرة وذلك الاتساع لم يكن وحده ما يميز الإمبراطورية العثمانية لبناء نظام عالمي، وإنما قدرتها على استيعاب واحتواء قوميات وأيديولوجيات وعرقيات وأديان مختلفة، استطاعت صهرها في بوتقة واحدة، وفق نظام عام فكرته المركزية هي الإسلام

يقول أوزتونا: النظام العالمي العثماني لم يستهدف يوما إنكار كيان أي قومية مهما صغرت، ولم يعمل أو يفكر في محوها، بل على العكس من ذلك، كان نظاما حريصا على أن يجعل من هذه القوميات تحت مظلته قوى فاعلة ومشاركة في صنع السياسة والمدنية العثمانية

الدولة العثمانية هي نموذج للحضارة الإسلامية العالمية، ولذلك تعرض تاريخها للتشويه المتعمد، وقام على كتابته الأوروبيون من الإنجليز والفرنسيين، وفُرضت الفكرة المزيفة عن الدولة العثمانية في المناهج التعليمية في الوطن العربي

قام هذا النظام العالمي على الإسلام كفكرة مركزية كما سبق، وعلى فكرة أن الإسلام لم يأت لإلغاء الانتماء للجنس أو الوطن أو العرق، وإنما لتهذيب تلك الانتماءات، وتوظيفها، ودفعها في مسار نقي لسعادة البشرية وفق منهج رباني

ثم يأتي الأخذ بأسباب القوة والحضارة كضلع ثالث في مثلث النظام العالمي الذي تمثله الدولة العثمانية بعد الفكرة المركزية واستيعاب الانتماءات المختلفة
هذا النظام العالمي العثماني مستلهما لروح الدولة الإسلامية الأولى التي أقامها النبي صلى الله عليه وسلم، وأعلى بناءها من خلفه من الصحابة ومن بعدهم
ما أود قوله، أنه من المحال إقامة نظام عالمي بعيد عن الإسلام، الإسلام وحده هو الذي يمتلك مقومات هذا النظام، والذي كانت الدولة العثمانية أنموذجا له


عن ترك بريس
 
التعديل الأخير:
Selim The Osmanli

في ذكرى افتتاح سكة حديد الحجاز ... ميدالية فضية ضربت عام 1908 مع طغراء السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله

ED4fWx5XYAYSet1
 
التعديل الأخير:
Selim The Osmanli

والي المدينة المنورة العثماني فخر الدين عمر باشا (فخري باشا) والأمير سعود بن عبدالعزيز الرشيد حاكم إمارة جبل شمر من آل رشيد،. في المدينة المنورة 1917م



 
التعديل الأخير:
Selim The Osmanli

EERiDxxXkAsvU30

السلطان وحيد الدين وخلفه الخليفة الأخير عبد المجيد الثاني " ولي العهد "
 
التعديل الأخير:
Selim The Osmanli

EERigthXsAETA05


أهالي فلسطين يقومون بالدعاء للجيش العثماني على جبهات الحرب خلال الحرب العالمية الأولى
 
التعديل الأخير:
Selim The Osmanli

الخليفة الأخير عبد المجيد أفندي في منفاه في فرنسا محاط بالمسلمين توفي رحمه الله تعالى في باريس 23 أغسطس 1944 ودفن في غردق البقيع في المدينة المنورة

 
التعديل الأخير:
Selim The Osmanli

جيش دولة الخلافة العثمانية يستعد للهجوم على الجيش الإنجليزي في كوت العمارة - العراق 1916

 
التعديل الأخير:
Selim The Osmanli

جيش دولة الخلافة العثمانية حاملا راية العُقَاب في معركة تشناق قلعة 1915

EEaH3Z_XoAAuxch
 
التعديل الأخير:
Selim The Osmanli

أدوات النجارة تعود للسلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله الذي كان بارعا يجيد حرفة النجارة وله ورشة نجارة خاصة به


 
التعديل الأخير:
Selim The Osmanli

الخليفة الاخير عبد المجيد أفندي رحمه الله في المكتبة التي تقع في الطابق الأول من قصر دولمابجه في قسم السلاملك

 
التعديل الأخير:


المدارس الإسلامية في الأناضول.. العثمانيون على خطى السلاجقة
================




أحمد زكريا
كاتب ومترجم مصري

osmanli-devleti-egitim-ve-egitim-sekilleri-selcuklu-osmanli-devletleri-uygulandi.-osmanli-imparatorlugu-egiti-ogretim-okullartekkeler-dini-okullar.jpg


يجمع المؤرخون المختصون في تاريخ الأتراك على أن انتصار السلاجقة على الجيش البيزنطي في معركة ملاذكرد عام 1071، هو الذي مهّد لفتوحات الأناضول وتأسيس الوجود التركي هناك، حيث بدأ "التتريك" التدريجي للأناضول، وقيام دولة السلاجقة ومن بعدها الدولة العثمانية.

في بحث له بعنوان "السلاجقة في القرن الثالث عشر" يذكر الباحث ياسا أكتاش أن الأتراك عندما استقروا في الأناضول بدأوا في إجراء العديد من الإصلاحات في مجالات عدة، من بينها التعليم، حيث أسسوا العديد من الأوقاف والمكاتب التي تشبه المدارس اليوم، من أجل نشر تعاليم الإسلام ومبادئ الأخلاق. ويفرق الباحث بين ثلاثة أنواع لأنماط التعليم في الأناضول آنذاك: التكيّة والجامع والمكاتب أو المدارس، وغالبًا كانوا يشتركون جميعًا في تقديم التعليم الديني.


أبرز المدارس الإسلامية في عهد السلاجقة


يرى الباحث عبد الله كوران في بحث له بعنوان "مدارس الأناضول" أن المدارس الأولى في الأناضول تأسست في عهد إمارات الأناضول التي كان يديرها البكاوات، لكنها اتخذت شكل المدارس المتعارف عليها في عهد الدولة السلجوقية، ويرجع أول ظهور للمدارس الإسلامية في الأناضول، بالشكل المتعارف عليه، إلى عهد السلطان عز الدين قلج أرسلان الثاني في أواخر القرن الـ12.

يرى الباحث فخري أونان في بحثه المعنون بـ"سلاجقة الأناضول" أن للمدارس التي تأسست في عهد الدولة السلجوقية دور مهم في خدمة الإسلام

يذكر المؤرخ محمد شريف تشاتاك أوغلو أن الدولة السلجوقية اعتنت كثيرًا بالتعليم وشيدت العديد من المدارس، وخصوصًا في قونية وأرضروم وسيفاس، وأبرز هذه المدارس: دار الحديث ودار الحُفّاظ ودار القُرّاء، ويضيف تشاتاك أوغلو أن الدولة السلجوقية أضافت إلى جانب التعليم الديني، علومًا مثل الفلسفة والمنطق والرياضيات والكيمياء، والطب في بعض المدارس.

ووفقًا للمؤرخ إسماعيل حقي تشارشلي في كتابه "التشكيلات العلمية" فإن السلاجقة استعانوا بالمعلمين الذين جاءوا بهم من مصر والعراق وغيرها من البلاد، وقد بلغ اهتمام السلاجقة بالتعليم إلى الحد الذي جعلهم ينفقون على الطلبة غير القادرين لينالوا حقهم في التعليم، وقد شهد منتصف القرن الـ13 إقبالًا كبيرًا على بناء المدارس، حيث شُيّدت في عهد السلطان علاء الدين كيكوبات مدرسة كبيرة باسم صيرجالي عام 1242، وكانت تتبع المذهب الحنفي وتعد من علامات العمارة في ذلك العصر.

ويرى الباحث فخري أونان في بحثه المعنون بـ"سلاجقة الأناضول" أن للمدارس التي تأسست في عهد الدولة السلجوقية دور مهم في خدمة الإسلام، حيث تخرج منها عدد كبير من علماء الدين البارزين، من بينهم عالم الحديث، الحافظ الكبير عبد العظيم المنذري، صاحب "الترغيب والترهيب"، والفقيه صفي الدين الهندي الأرموي. ومن أبرز الكتب التي دُرّست في هذه المدارس "مصابيح السنة" لابن الفراء البغوي، و"المغني في أصول الفقه" لجلال الدين الخبازي، و"تجريد الاعتقاد" لنصر الدين الطوسي، وألفية ابن مالك الشهيرة.

وكانت المدرسة تتكون من مسجد وغرف صيفية وشتوية للطلاب وغرفة للمعلمين وساحة كبيرة، وكان لكل مدرسة ملحق إضافي يسمى "دار الضيافة" ينزل فيه الطلبة القادمون من خارج الأناضول، وقد تكفلت الأوقاف بجميع ما يلزمهم من الإقامة والإعانة. وتشكل الأوقاف الخيرية الأهلية المصدر الرئيس للنفقة على التعليم في مدارس الأناضول في عهد السلاجقة.

في بحثه المذكور سلفًا، يذكر الباحث محمد شريف تشاتاك أوغلو أن من أبرز المدارس السلجوقية أيضًا، مدرسة ذات المنارتين، شيدتها ابنة السلطان علاء الدين كيكوبات الأول

ويضيف أونان أن بعض هذه المدارس بقيت حتى يومنا هذا منذ عهد الدولة السلجوقية، مثل مدرسة قونية قاراطاي التي بناها السلطان عز الدين كيكاوس الثاني عام 1251، وكانت من أبرز مدارس العالم الإسلامي آنذاك، يجتمع فيها كبار أئمة الإسلام القادمين من بلدان عدة، واستمرت هذه المدرسة طوال فترة حكم العثمانيين، وقد تحولت إلى متحف بعد ذلك منذ عام 1954 في عهد عدنان مندريس.

ومن المدارس المهمة في زمن الدولة السلجوقية أيضًا، وبقيت حتى اليوم، مدرسة ذو المئذنة الرقيقة، بناها الوزير صاحب أتا فخر الدين عام 1265، وكانت مدرسة مختصة في علوم الحديث، وإلى جانب أهمية هذه المدرسة في العالم الإسلامي آنذاك، فهي تحفة معمارية سلجوقية أيضًا، وتحولت إلى متحف الآثار الحجرية والخشبية اليوم.

وفي بحثه المذكور سلفًا، يذكر الباحث محمد شريف تشاتاك أوغلو أن من أبرز المدارس السلجوقية أيضًا، مدرسة ذات المنارتين، شيدتها ابنة السلطان علاء الدين كيكوبات الأول، واسمها هداونت هاتون عام 1253 في أرضروم، وهي أكبر مدرسة سلجوقية من ناحية الحجم والمعمار، واستمرت مكانة هذه المدرسة في العهد العثماني أيضًا، حيث حولها السلطان مراد الرابع للتعليم العسكري، واعتبارًا من عام 1942 تحولت إلى متحف حتى اليوم.


أهم المدارس التي شيدها العثمانيون



اهتم العثمانيون أيضًا بالتعليم وبناء المدارس، وبحسب المؤرخ أكمل الدين إحسان أوغلو في كتابه "تاريخ المدرسة العثمانية"، فإن أول مدرسة شيدها العثمانيون هي مدرسة إزنيك عام 1331 في عهد الغازي أورهان، وكان من أبرز معلمي هذه المدرسة الأديب والمتصوف المعروف داود قيصري الذي تلقى تعليمه في مصر لبضع سنين، وبعد أن صارت بورصة عاصمة للعثمانيين افتتح الغازي أورهان مدرسة كبيرة هناك باسمه، ويضيف إحسان أوغلو أنه خلال الفترة التي كانت فيها بورصة عاصمة للدولة العثمانية، شيد العثمانيون فيها 21 مدرسة.

بحسب أكمل الدين إحسان أوغلو في كتابه المشار إليه سابقًا، فإن العثمانيين منذ عام 1326 حتى عام 1451 شيدوا 84 مدرسة، 53 منهم في الأناضول و29 في البلقان و2 في القدس

وبعد نقل العاصمة إلى أدرنة، اهتم العثمانيون بالتعليم أيضًا، فعلى الرغم من أن أدرنة كانت مسرحًا لصراعات الأمراء على العرش، كما ورد في أغلب المصادر التاريخية، وهو ما يعرف في التاريخ العثماني بعهد "الفترة" الذي شهد خلافات كبيرة بين أبناء السلطان بيازيد الأول، فإن العثمانيين بنوا هناك 11 مدرسة، أبرزها مدرسة دار الحديث التي بُنيت في عهد السلطان مراد الثاني، واستمرت أكبر مدرسة عثمانية لعقود.

وبحسب أكمل الدين إحسان أوغلو في كتابه المشار إليه سابقًا، فإن العثمانيين منذ عام 1326 حتى عام 1451 شيدوا 84 مدرسة، 53 منهم في الأناضول و29 في البلقان و2 في القدس. ويذكر حقي تشارشلي في كتابه المذكور سلفًا، أنه منذ تولي السلطان الفاتح فإن التعليم تطور بشكل ملحوظ وفقًا لمعايير ذاك العصر، حيث بنى الفاتح مدرسة كبيرة تشبه جامعات اليوم، وهي مدرسة "الصحون الثمانية"، وكان يتم جلب المعلمين إليها من بلاد مختلفة من العالم الإسلامي.

وفي عهد السلطان القانوني استمر بناء المدارس الكبرى أيضًا، ففي عام 1550 شيد القانوني مدرسة على طراز مدرسة الصحون الثمانية التي بناها السلطان الفاتح، وتتميز عن المدرسة التي أنشأها الفاتح بأن بها مدرسة للطب، تعرف باسم "دار الشفاء"، كما تتميز أيضًا بأنها لم تقتصر على التعليم الديني فقط، لكنها تتضمن أربع مدارس صغيرة لتعليم بعض العلوم الطبيعية.

ووفقًا للباحث فخري أونان في بحثه المذكور سلفًا، فإن العثمانيين كانوا عندما يضمون مدينة جديدة إلى الأراضي العثمانية، يهتمون ببناء المدرسة إلى جوار الجامع، واستمر ذلك طوال العهد العثماني، حيث شيد العثمانيون في بلغاريا 142 مدرسة و182 في اليونان و223 في يوغوسلافيا و28 في ألبانيا، وما يقارب الـ100 مدرسة في القسطنطينية و22 في قيصري و33 مدرسة في إزمير.

وأخيرًا، فإنه من الجدير بالذكر أن الحضارة العثمانية التي استمرت لستة قرون وتوزعت في ثلاث قارات لم تبدأ من الفراغ بالتأكيد، فلا يمكن تناول النواحي العلمية في الدولة العثمانية دون الحديث عن السلاجقة ودور مؤسساتهم العلمية، لأن العثمانيين ورثوا هذه المؤسسات وطوروها وفق مقتضيات عصرهم.


http://www.noonpost.com/content/29512
 
·

من وثائق الأرشيف العثماني التي استخرجناها لأحد زبائننا الكرام
فرمان السلطان محمود خان الثاني يأمر فيه بعزل هبة الله متولي الجامع الأموي في الشام وتعيين المدرس العام مصطفى السيوطي .

تاريخ الفرمان 1809 م

70759965_726975111079967_4265224282402979840_n.jpg
 
أسرار تاريخية عراقية بعد مائة عام على مصرع الصدر الأعظم محمود شوكت باشا

الأستاذ الدكتور سيّار الجَميل



مرت قبل أيام ذكرى مرور مائة سنة على مقتل الصدر الأعظم في الدولة العثمانية الفريق أركان حرب محمود شوكت باشا ذلك القائد العراقي الكبير من الرعيل الاول ، اذ قتل صباح يوم 8 حزيران / يونيو 1913 برصاص مجهولين وهو يهمّ بالدخول الى الصدارة العظمى في العاصمة استانبول ، وقد عتم على الحدث ولم يعرف حتى اليوم من كان وراء مصرعه .. ولقد قمت بالكشف في الندوة التي عقدت قبل ايام بباريس على القاعة العليا من معهد العالم العربي 8-9 حزيران / يونيو 2013 ، وفي ذكرى مرور مائة سنة على انعقاد المؤتمر العربي الأول في سانت جرمان بباريس 1913 .. كشفت في ورقتي عن معلومات تاريخية غير معروفة بصدد مصرع الوزير الاعظم محمود شوكت باشا قبل انعقاد مؤتمر 1913 بقرابة أسبوعين ، كما كشفت عن العلاقة التي ربطت هذا القائد العراقي ببعض أعضاء المؤتمر العربي الاول وفي مقدمتهم السيد عبد الحميد الزهراوي والمداولة التي جرت بين الاثنين وما الذي وعد به محمود شوكت باشا الشباب العربي ؟
وماذا قال بصدد العرب ودورهم في مستقبل الدولة ؟

لقد غاب هذا الرجل عن اهتمام المؤرخين طويلا ، اذ لم يعط اي اهتمام ولم يمنح اي جهود ، علما بأنه قاد أخطر عملية تاريخية في حياة العثمانيين عند بدايات القرن العشرين .. انه قائد عراقي من بغداد ، ولكن لم يعرفه أحد اليوم حتى من العراقيين ، بل ولم يقدّره المؤرخون حق قدره لأسباب تاريخية وسياسية وايديولوجية ، خصوصا وان اسمه يثير جدل بعض العارفين كونه قضى على حكم السلطان عبد الحميد الثاني واشتغل مع الاتحاديين علما بأنه لم يكن منهم ابدا .. فمن هو محمود شوكت باشا الذي قاد تلك العملية التاريخية الخطيرة ! ؟

وقفة عند سيرته العراقية – العثمانية
تؤكد المراجع التركية ( وخصوصا : وخصوصا كتب علي بلغين اوغلو واسماعيل حامي دامشميند وحازم طقتاس وكارولين فينكول ) بأن الفريق أول أركان حرب محمود شوكت باشا (1856 - يونيو 11 1913) كان أحد رجالات الدولة العثمانية الكبار في بدايات القرن العشرين ، وهو القادم من بيئة عربية عراقية ومن أصل جورجي. ولقد وجدت بعض المصادر انه من الشيشان أو الشركسي أصلا . ولد في بغداد حيث عاش في بيئة عربية عراقية وأنهى تعليمه الابتدائي قبل أن يذهب إلى الأكاديمية العسكرية (المدرسة الحربية) في العاصمة اسطنبول ، وكان ان التحق بالجيش العثماني في عام 1882 برتبة ملازم . أمضى بعض الوقت في فرنسا في دراسته الميدانية عن التكنولوجيا العسكرية وكانت بعض تجاربه متمركزة في جزيرة كريت لفترة من الوقت . ثم عاد إلى المدرسة الحربية بصفة عضو هيئة تدريس نظير تفوقه وذكائه ومهنيته العالية . وعمل تحت امرة القائد الألماني الشهير كولمار فريهر فون در غولتز (غولتز باشا) لفترة من الوقت، وسافر إلى ألمانيا لتزداد خبراته ومعارفه ، ومن ثم تمّ تعيينه كحاكم لكوسوفو حيث قاد الجيش الثالث ، التي عرفت فيما بعد باسم حركات Ordusu بعد تورطها في حادثة 31 مارس . ولعب دورا تاريخيا مهما جدا في إنهاء احداث مارس 31 الانقلابية من قبل الائتلافيين العثمانيين ، فأنهى بنفسه عهد السلطان عبد الحميد الثاني علما بأنه لم يكن من حزب الاتحاد والترقي ، وقد اختار بنفسه السلطان محمد رشاد ( الخامس ) وكان هو بنفسه الذي يلتقي السلطان لإصدار الفرامين . ونظرا لمكانته ومهنيته وحسن قيادته شغل منصب الصدر الأعظم ، ( للفترة بين 23 يناير 1913 و 11 يونيو 1913) ، وتمّ اغتياله في إسطنبول .

وسط غموض تاريخي وتعتيم اعلامي وسياسة تفوق الاتحاديون في تنفيذها في خضم الاضطرابات التي اجتاحت العاصمة استانبول . وقيل بأن الفضل يرجع اليه في إنشاء الطيران العسكري العثماني في عام 1911 . أما المراجع العربية ، فتقول بأن محمود شوكت باشا هو ابن المؤرخ الأديب البغدادي سليمان فائق بك (1814 - 1896) قوقازي كرجي الأصل وهو من اسرة حاج طالب كهية سي ، وكان أبوه من وجهاء بغداد , وعدّ مؤرخاً كبيراً , وأديباً ذا أسلوب رفيع باللغة التركية . شغل الاب مناصب ادارية عدة في العراق منها متصرفية البصرة . وكان له أربعة أولاد ولدوا جميعاً في بغداد, وبرزوا في مجالات عملهم , أكبرهم محمود شوكت باشا ، ويليه مراد سليمان الذي كان من وجهاء بغداد ومثقفيها ونائباً عنها في "مجلس المبعوثان" العثماني ، وصاحب جريدة "بغداد" وتوفي سنة 1922, ثم خالد سليمان الذي تولى مناصب وزارية في العراق ايضاً ، وكان وزيراً مفوضاً للعراق في طهران . وكان أصغرهم حكمت سليمان الذي تولى وزارات مهمة عدة, وأصبح رئيساً للوزراء على أثر الانقلاب الذي دبره مع بكر صدقي سنة 1936 في العراق

لقد نشأ وكبر ودرس محمود باشا في بغداد التي عشقها ، ثم أكمل دراسته في العاصمة العثمانية وغدا ضابطا وتدرج في الرتب مع دراسة في المانيا والتأثر بأسلوب الألمان وثقافتهم .لقد اكتشفت ان هذا الرجل العراقي محمود شوكت باشا الذي ولد ونشأ في بغداد ، لم يكن بسياسي ابدا ، ولم ينتم الى اي حزب من الاحزاب او جمعية من الجمعيات السياسية والفكرية القومية لا التركية ولا العربية .. كان قائدا عثمانيا حرفيا ، ومهنيا قحا وشديد التعلق بمهنته العسكرية كواحد من المع الضباط العراقيين العثمانيين إبان النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، ولكنه بدا انه ضاق ذرعا بسياسة السلطان عبد الحميد الثاني ، فقاد جيشه للقضاء على حكم السلطان عبد الحميد ودخل قصر يلدز ، فعزز دور الاتحاديين بنفي السلطان عبد الحميد الثاني وعائلته الى سلانيك ، وأقام بدله اخيه الاصغر السلطان محمد رشاد .. ولقد نصّب محمود شوكت باشا صدرا أعظم للدولة ، فاحتفل اهل بغداد بذلك الحدث احتفاء كبيرا ، فبقي الرجل ستة اشهر في هذا المنصب حتى يوم مقتله في العاصمة استانبول في 8 حزيران / يونيو 1913 .كان محمود شوكت باشا يحمل شحنة عاطفية قوية نحو العراق ، بل وان ثمة نسابة عائلية بينه وبين الفريق اركان حرب هادي باشا العمري ، ذلك ان محمود شوكت باشا وهادي باشا العمري هم أولاد الخالة وخدموا معا في الجيش العثماني فقد كان هادي باشا العمري الموصلي رئيسا لأركان الجيش العثماني ومحمود شوكت باشا البغدادي قائدا للفيلق الثالث منه, كما ان محمود شوكت باشا هو اخ أكبر لرئيس الوزراء العراقي حكمت سليمان الذي تولى الوزارة العراقية اثر انقلاب بكر صدقي في العراق عام 1936 . صحيح ان اصل شوكت باشا شركسيا . لكنه عراقي ولد عراقيا ، وتربى في طفولته وشبابه في بغداد وكان يعتز بالعراق كثيرا . ان كان العراق يعد بولاياته الثلاث الموصل وبغداد والبصرة صاحب مكانة كبرى عند العثمانيين فاعتمدوا كثيرا على الضباط والقادة العراقيين ابان عهد السلطان عبد الحميد الثاني ولقد استمر دورهم في العراق حتى سقوط العهد الملكي عام 1958

ظروف اعتلاء الصدارة العظمى
ثمة لحظة دموية في بدايات تاريخ القرن العشرين ممثلة بالإنقلاب الحكومي المضاد ، أي بمعنى يوم اقتحام مقر الباب العالي ومصرع وزير الحربية، ناظم باشا ، واجبر الصدر الأعظم على الإستقالة وقبض على أعضاء الحكومة العثمانية وبدأ التنكيل بهم على يد الزعماء الإتحاديين وجرى ذلك خلال انعقاد جلسة للحكومة في 23/1/1913، وبعدها نُصّب الفريق اركان حرب محمود شوكت باشا صدراً أعظم مع طغيان فرح العراقيين في الشوارع كونه عراقي المولد والمنبت والنشأة وارتياح الشباب العرب المستنيرين الذين كانوا رافضين للانقلاب المضاد الذي قام به الائتلافيون ، ولقد فسر ذلك في الذهنية العثمانية انتصار العلمانيين على المتدينين ، وخابت آمال أولئك المستقلون الذين كانوا قد رفضوا تجربة الاتحاديين من طرف ورفضوا في الوقت نفسه تجربة الائتلافيين المضادة

جمال باشا والي بغداد
وفي غمرة هذه الثورة الدموية وعلى اثرها مباشرة ، نصّب جمال باشا محافظاً لمدينة استانبول وأمنها (1913) ومسؤولاً عن حفظ النظام السياسي والامني . وكان قد أخذ ببعض الإجراءات القوية التي أظهرت شدته ، سواء ما يخص حماية المرأة - كما قال في مذكراته – كخطوة لتحسين وضع المرأة ، وكان يتباهى دوما بالمرأة التركية وعوامل التمدن. وبذل جهوده في عسكرة الشعب لصد البلغاريين .. وكان يبطن كرها عميقا إزاء العرب وكل القوميات الاخرى المتعايشة مع بعضها الآخر في الظل العثماني ، وقام بإحباط كل من خطط لقلب نظام الحكم معتمدا على "قلم الإستعلامات" والبوليس السري ، الذي كان يده المساعدة في مراقبة المعارضين . وكان يرصد حجم تدخل السفارات في شؤون الدولة العثمانية ، ولا سيّما السفارتين البريطانية والفرنسية . وإنه بالرغم من تسجيله آسفه على مقتل محمود شوكت باشا ،وقوله على الرغم من عمليات المراقبة والمنع ،فقد نجح من يُسميهم جمال باشا بالمتآمرين في اغتيال الصدر الأعظم محمود شوكت 1913

مصرع الرجل العراقي
لم يتساءل أحد حتى يومنا هذا عن سر مصرع ذلك الرجل كأول قائد عراقي يصل الى ذلك المنصب السامي مع وجود عدة قادة عراقيين آخرين .. لم يتساءل اي مؤرخ عربي حتى اليوم وبعد مرور مائة سنة على هذا الحدث عن اسرار تلك الأحداث ؟ وهل كانت هناك ثمة علاقة بين محمود شوكت باشا وبين تلك النخبة من الشباب العربي الذين كانوا يطمحون لبناء اطار جديد من العلاقة العربية العثمانية ، وقد اسموا ذلك الإطار باللامركزية ؟
لم لم يكشف لنا حتى يومنا هذا عن سر لقاء جمع بين محمود شوكت باشا رئيس وزراء الدولة وبين رأس اولئك الشباب السيد عبد الحميد الزهراوي ؟
وهل ثمة ربط بين إعدام الزهراوي لاحقا وبمعيته كوكبة من الشباب المناضلين والمثقفين العرب وبين مصرع محمود شوكت باشا البغدادي الصدر الأعظم ؟ وهل كان محمود شوكت باشا قد وعد الشباب العربي بأية وعود سيسعى لتحقيقها لهم سرا مما يخالف سياسة الاتحاديين ، علما بأن الرجل لم يكن اتحاديا ولم ينتظم في جمعية الاتحاد والترقي ابدا ، كما أشيع عنه ؟
وللعلم ان مدير امن العاصمة استانبول كان جمال باشا ، ذاك الذي دعي بالسفاح الذي اصدر اوامر الإعدامات بحق الشباب العربي في دمشق وبيروت لاحقا .. وقبل ذلك كان جمال باشا قد نصب واليا على بغداد لمدة سنة .. وفشل في مهمته بعد الاضطرابات السياسية التي حدثت ببغداد وأنحاء العراق ضد سياسته ، وبعد ان عرف عدة أسرار سياسية عن موقف العراقيين والسوريين معا من حكم الاتحاديين .. ؟؟
لقد قلت في ورقتي البحثية التي القيتها في ندوة باريس قبل ايام : لقد تأكد لي من خلال الاطلاع على وثائق وأوراق تاريخية ومراسلات ( لم تنشر بعد حتى يومنا هذا ) ان الصدر الأعظم محمود شوكت باشا قد قتل صباح يوم 8 يونيو / حزيران 1913 جراء مؤامرة نفذها مجهولون ، ولكن خطط لها الاتحاديون
بالرغم من فرح الائتلافيين بمصرع الرجل الذي قضى على محاولتهم الانقلابية ، ويبدو لي بشكل واضح ان جمال باشا ( السفاح ) كانت له علاقة مباشرة بالموضوع وقد صرّح في العاصمة الأستانة ، وكان محافظا لها بالتالي عقب حادثة الاغتيال بثلاثة أيام ، اي في يوم 12 حزيران / يونيو ، قائلا : " بأنه لا يد لأحد من رجال الجيش في جريمة قتل شوكت باشا " . وعقّب قائلا : " بأن لديه تعليمات عن القاتل الذي كان معه ثلاثة شركاء " . ( نقلا عن اوراق وكالة هافاس )

العلاقة مع المؤتمر العربي الأول
السؤال المهم : ما علاقة مصرع هذا القائد الذي غدا رئيسا للوزراء ( = الصدر الأعظم ) بمؤتمر باريس العربي الاول ؟
وهل ثمة علاقة بين مصرعه وشباب ذلك المؤتمر ؟
أقر بعض ابناء الجالية العربية الذين نزحوا الى باريس المطالبة بالإصلاح من خلال عقد مؤتمر يجمعهم في نهاية شهر حزيران / يونيو 1913 في العاصمة الفرنسية ، وقاموا بالدعوة الى المشاركة فيه بنشره في عموم الارض العربية ، ورجوا ان على من لا يحضر قيامه بإرسال برقية او رسالة بريدية سواء بصدد مشاركتهم او ما يتقدمون به من طلبات .. ولقد تضمنّت الدعوة إلى أبناء الامة العربية عدة افكار من اجل مناقشتها لتقديم مطالبات العرب الى الدولة العثمانية .نعم قبل انعقاد المؤتمر بقرابة أسبوعين يقتل رئيس الوزراء ( الصدر الأعظم ) محمود شوكت باشا والذي حكم أقل من ستة اشهر، حكم بين 25 /1/ 1913 وبين 11 /6/ 1913
هنا يتبادر السؤال الذي يفرض نفسه : هل كانت عراقيته سببا في التخلص منه ؟
وتحوم اسئلة اخرى : اذا كان جمال باشا يحكم الامن في العاصمة استانبول ، فلماذا جرت تغطية رسمية على الجريمة ؟
لقد كشفنا بأن ثمة صلة بين محمود شوكت باشا وبعض المؤتمرين العرب وخصوصا السيد عبد الحميد الزهراوي رئيس المؤتمر ؟
وعليه ، لماذا لم يتم التحقيق مع القتلة الذين قبض عليهم ؟ وما مصيرهم ؟
لماذا لم يسمع العالم شيئا عن محاكمتهم وإدانتهم وتنفيذ العقوبة بهم ؟
هل كان محمود شوكت باشا يعرف أهداف المؤتمر ، او حتى على اطلاع بسيط على غاياته وخطط مؤسسيه العرب ؟
وهل وعد الشباب العربي بأية وعود ، وخصوصا حول نظام اللامركزية العثمانية الذي كان المؤتمرون يطالبون بتطبيقه في الولايات العربية ؟
ما علاقته بالعضوين العراقيين في المؤتمر ، وهما كل من توفيق السويدي ( طالب القانون في السوربون ) وسلمان عنبر التاجر العراقي المعروف ؟
لقد درس السويدي الحقوق في استانبول وتخرج في كلية الحقوق سنة 1912 واكمل دراسته الاكاديمية في فرنسا حيث مثل العراق في المؤتمر العربي الاول الذي عقد هناك سنة 1913 (وكان برفقة التاجر العراقي سلمان عنبر الذي لم أزل أبحث عن أية معلومات عنه ودوره في المؤتمر )
إذا كان المؤتمر العربي الأول يعد محاولة سياسية عربية اولى في إقناع الاتحاديين كي يعترفوا بحقوق العرب في إطار الدولة العثمانية من خلال منحهم النظام اللامركزي .. وقد وجهت الدعوة الى عدد من الساسة والمثقفين العراقيين والسوريين المشتغلين في القضية العربية من دون العسكريين ، وبالنظر لتواجد توفيق السويدي وهو طالب القانون في باريس ، فكان ان قام بتمثيل العراقيين وألقى كلمتهم في المؤتمر
ولقد تم نتيجة المفاوضات التي اجريت في العاصمة استانبول عقد اتفاقية سرية من اثني عشر بنداً ، ومنها ما تضمنه الفرمان السلطاني الصادر في 5 آب / أغسطس 1913

محمود شوكت باشا بين موقفين متضادين
كان مصرع الرجل بمثابة كارثة للعراقيين ، اذ اثار الحدث حزن الناس وتعاطفهم مع هذا القائد العراقي الكبير الذي اتسم بمهنيته العالية وقوة شخصيته والتزامه بالمؤسسة العسكرية في الدولة .. ناهيكم عن كونه اول صدر أعظم في الدولة العثمانية عراقي المنبت والثقافة والتكوين .. كما حزن عليه العرب الذين جسّد آمالهم وتعاطف مع قضاياهم وربطته علاقات قوية بهم .. اضافة الى ان الحدث هزّ كيان الدولة العثمانية كلها .. ولقد وقف ضده الائتلافيون الإسلاميون علنا سواء كانوا من الترك ام من العرب ، في حين تخّلص منه الحكام الاتحاديون نهائيا .. ولقد كتبت كل الصحف العثمانية في تأبينه وذكر مآثره ومنجزاته وفتحه الطريق الجديد لتاريخ جديد في القرن العشرين .ينتقد محمد رشيد رضا الصدر الاعظم محمود شوكت باشا بعد مصرعه .. وبالرغم من ثنائه عليه ، ولكن ينال منه ومن سياسته التي لا تتفق ورأي رضا ، ويقول عنه انه لو كان شجاعا لقضى على الاتحاديين ، ولكنه يسجل بأن محمود شوكت باشا ذهب يزور عبد الحميد الزهراوي الذي كان مبعوثا عن اللا مركزيين العرب ، كما ينتقده على موقفه من الحوادث التي جرت في بعض المدن العربية وسياسة القمع العثمانية ضد الثائرين ، ولكن شوكت باشا خطب في نظارة الحربية وأمر بامتناع الضباط الاشتغال بالسياسة .. ولعل من أخطر الاقوال التي قالها شوكت باشا : إنني أسمع كلامًا في هذا لا يعجبني وأرى مستقبل الدولة لنا نحن العرب ؛ لأننا أكثر عددًا وأزكى فهمًا وأنشط في العمل ، ولكن يجب أن ندخل أولادنا مدارس الدولة ونرتقي بها ، ولكنه مع هذا لم يساعد العرب

وبالرغم من انتقادات محمد رشيد رضا للصدر الأعظم كونه لم يساعد العرب ولا كفَّ عنهم شيئا من العدوان بل هو الذي سير الحملات العسكرية إلى اليمن و الكرك و حوران إطاعة للجمعية . على أن هذه الشدة هي التي كونت المسألة العربية الحاضرة . لقد وجدت محمد رشيد رضا متحاملا على الصدر الاعظم ، اذ لا اعتقد ان التمردات التي حدثت في اليمن وحوران والعراق وغيره من الاماكن العربية جديدة ، بل يعود تاريخها الى ازمان سبقت ، ولم تكن تلك التمردات تنطلق من مبادئ عربية ، بل كان بعضها يحمل شحنات غضب محلي ، وبعضها الآخر يعكس التعاطف مع السياسة الحميدية ..من المؤكد ، ان محمود شوكت باشا ، - كما ورد في الأخبار الخاصة - كان عازما على إجابة العرب إلى مطالبهم الإصلاحية ، وإن كان هو الذي أمر بتشديد حازم بك على طلاب الإصلاح في بيروت . وقد أشار طلعت بك ، وكان احد القادة الاتحاديين في كلام له نشرته احدى الصحف العثمانية إلى ميل شوكت باشا إلى إجابة العرب إلى ما يطلبون من الإصلاح المعقول وبدا لنا بشكل واضح ان عبد الحميد الزهراوي كان حلقة وصل بين المثقفين والساسة الشباب العرب سواء كانوا من الاصلاحيين او القوميين وبين محمود شوكت باشا الصدر الاعظم الذي بدا من كلامه انه كان متعاطفا مع الآمال العربية ، وانه كان يؤمن بمطالب العرب ، بل ويعتقد بأن العرب لهم القدرة على تسيير امور الدولة .. وان محمد رشيد رضا يعكس وجهة نظر مغالطة في موقفه من الصدر الأعظم ، اذ كان رضا يعبر عمّا يحمله الائتلافيون من مواقف مضادة ازاء الوضع الجديد الذي كان محمود شوكت باشا وراء صناعته ، وكانوا متعاطفين مع السلطان عبد الحميد الثاني .. فانتقده في تسيير الحملات ضد بعض البؤر العربية من دون ان يعلم طبيعة تلك التمردات المحلية وهو لا يعرف لا تواريخها ولا طبيعة عواملها وأسبابها .. لقد قتل محمود شوكت باشا في خضم الازمة السياسية الداخلية ، ولم يكشف تاريخيا حتى يومنا هذا عن الأسباب الحقيقية لمقتله الذي جاء قبل انعقاد المؤتمر العربي بأيام قليلة ، علما بأن كل الدلالات تشير الى طبيعة العلاقة بينه وبين بعض المستنيرين العرب ، وخصوصا مع عبد الحميد الزهراوي الذي قام بشنقه جمال باشا السفاح بعد قرابة سنتين مع اركان المؤتمر العربي الأول بباريس وابرز المشاركين فيه والمتعاطفين معه ، وخصوصا عندما تولى جمال باشا حكم الشام

واخيرا .. ماذا اقول ؟
اننا بعد مائة سنة على رحيل قائد عسكري عثماني عراقي وقتله .. وهو محمود شوكت باشا الصدر الأعظم للدولة يمثل لنا ذلك حدثا تاريخيا مهما جدا .. وبالرغم من بقائه يعيش في الذاكرة التاريخية ، الا ان حقه التاريخي قد غبن كثيرا من قبل العراقيين انفسهم والذين تحوّل تاريخهم بالكامل اثر الحرب العالمية الأولى وطويت صفحات التاريخ العثماني .. وسواء كانت للرجل حسناته او سيئاته ، فيكفي أنه كان على علاقة مع المصلحين والمثقفين والساسة العرب وأنه يؤمن بأن الثقل العربي في الدولة العثمانية أكبر بكثير من الثقل التركي .. وان مصرعه نفسه يحمل دلالات عديدة لصالح تاريخ الرجل .. وليكن معلوما بأنه بقي يرتبط بالعثمانيين حتى آخر لحظات حياته ويدافع عن الدولة دفاعا مستميتا ، ويؤمل بإحداث إصلاحات متنوعة سياسية وادارية واقتصادية ، وكان من البساطة عليه والدولة ومصيرها بيديه ان يعلن القضاء عليها ويؤسس نظاما جديدا فيها ، خصوصا وان هناك قادة عراقيين كبار في الجيش العثماني سواء كانوا من الموصل ام بغداد ، امثال محمود شوكت باشا ( الصدر الأعظم ) وهادي باشا العمري رئيس الأركان وسامي باشا الفاروقي قائد الجيش الجنوبي وجاء من بعدهم : جعفر باشا العسكري قائد الحملة العثمانية في الحرب الطرابلسية ضد ايطاليا وياسين باشا الهاشمي رئيس اركان حرب حاكم سورية العسكري ونوري باشا السعيد رئيس أركان حرب الشريف حسين ضد الاتحاديين وغيرهم .. وكان كل من العراق وبلاد الشام حتى تلك اللحظة التاريخية من 1913 ما زالا في المجال العثماني .. ان مصرعه في تلك اللحظة التاريخية يعد بمثابة ايقاف متعمّد للتاريخ من قبل الاتحاديين الذين اتبعوا سياسة شرسة جدا بعد تلك اللحظة التاريخية وما اعقبها بعد ايام من عقد للمؤتمر العربي الأول أي بين 8- 20 حزيران / يونيو 1913 ، فبدأ التنكيل بالعرب جهارا ، وتدخل الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى ، ويزداد التنكيل والاضطهاد بإعدام قوافل من الشهداء السياسيين والمثقفين النهضويين وقادة المؤتمر العربي الاول والجمعيات العربية التي كان قد انضم اليها اغلب المثقفين العرب الاحرار من بلاد الشام والعراق (مع عزيز علي المصري ) ويحتل البريطانيون كل من العراق وفلسطين ويدخل الانكليز كل من بغداد باحتلالها من قبل الجنرال مود ، والقدس واحتلالها من قبل الجنرال اللنبي .. وجرى كل من الحدثين في سنة 1917 ، ونتيجة للسياسة القاسية التي اتبعها الاتحاديون ضد العرب اشتعلت الثورة العربية بقيادة الشريف حسين بن علي من قلب الحجاز وتقدمها نحو دمشق عام 1916
ان كثيرا من الناس تنتقد ثورة الشريف حسين كونها ثورة ضد الشرعية العثمانية من دون اية معرفة بتفاصيل السياسة القاسية التي اتبعها الاتحاديون باسم العثمانيين ضد القوميات المتنوعة في الدولة العثمانية ، وخصوصا تعاملهم إزاء المسألة العربية

عن موقع الدكتور سيار الجميل
 
التعديل الأخير:
Salim The Osmanli

عدنان مندريس رحمه الله يقرأ الفاتحة على روح تورغوت رئيس خلال زيارته لليبيا . تورغوت رئيس أمير بحر عثماني كان أيضا باي الجزائر وجربة ، وبايلرباي البحر الأبيض المتوسط، وباي ثم باشا طرابلس وضريحه في طرابلس

 
التعديل الأخير:
Salim The Osmanli

دولاب من صنع السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله تعالى والذي كان ماهرا في النجارة


 
التعديل الأخير:
لماذا كانت علاقة العثمانيين بالممالك الإسلامية الأخرى متوترة جدا كالدولة السعدية في المغرب
وقعت مواجهات دامية جدا بينهنا لعل أشهرها معركة وادي اللبن
 
Selim The Osmanli

بطل معركة كوت العمارة القائد خليل باشا رحمه الله والجنرال الإنجليزي الأسير تاونشند بعد معركة كوت العمارة والهزيمة المذلة للإنجليز

EHE4HahX0AENRah
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى