الخيار صعب: قيم ستولتنبرغ و مخاطر انسحاب الناتو من أفغانستان

يوسف بن تاشفين

التحالف يجمعنا🏅🎖
كتاب المنتدى
إنضم
15/1/19
المشاركات
64,147
التفاعلات
181,716

1613304985_nato2.jpg

عند تقرير المصير المستقبلي لوحدة الناتو في أفغانستان ، يجب على المرء أن يأخذ في الاعتبار احتمال أن تتحول البلاد بعد انسحابها إلى ملاذ للجماعات المتطرفة، وهذا يعني أن على قيادة التحالف اتخاذ خيارات صعبة.

وهكذا ، قام رئيس منظمة حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ بتقييم مخاطر الانسحاب المرتقب لقوات الناتو من أفغانستان خلال مقابلة أجراها مع صحيفة Welt am Sonntag الألمانية.

يعتقد رئيس الحلف أنه سيتعين عليه الاختيار: إما مواصلة مشاركته العسكرية في الصراع الأفغاني الداخلي ، أو سحب الوحدة مع المخاطرة بتحول أفغانستان إلى قاعدة للإرهاب الدولي و لا يوجد خيار سهل كما - أشار الأمين العام للناتو.

وشدد في الوقت نفسه على أن أيا من الدول الأعضاء في الحلف لا يسعى للبقاء على الأراضي الأفغانية لفترة أطول من اللازم، كما أشار رئيس الناتو إلى أن مستوى العنف الذي تمارسه حركة طالبان (جماعة إرهابية محظورة في روسيا) ضد الأطباء والقضاة والصحفيين لا يتراجع ، على الرغم من وعد طالبان بالحد منه. وأوضح ستولتنبرغ أن مناقشة الحاجة لوجود قوات الناتو في أفغانستان مرتبطة بالاجتماع المرتقب لقيادة التحالف مع الإدارة الأمريكية الجديدة ، حيث سيصبح هذا الموضوع أحد الموضوعات الرئيسية.

في العام الماضي ، عُقد الاجتماع الأول منذ 18 عامًا بين ممثلي الولايات المتحدة وطالبان، واتفق الطرفان على انسحاب الجيش الأمريكي في غضون 14 شهرًا ، وتبادل الأسرى ، وبدء حوار سلمي بين القوات الأفغانية المتناحرة.

1613304998_nato.jpg

من الواضح أن ستولتنبرغ سيتخذ القرار الذي سيتم الإفراج عنه من طرف الولايات المتحدة في شكل توجيه ، حيث لم يقرروا بعد ما يجب عليهم فعله بالوجود العسكري في أفغانستان.

 
أفغانستان بين الانسحاب الأمريكي والسلام


سيصبح جو بايدن رابع رئيس يتعامل مع الفوضى في أفغانستان منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول، ولا زالت حركة طالبان تمتلك قدرات قتالية قوية، كما أثبتت «داعش» حضورها هناك، كل ذلك واقتصاد البلاد في حالة يرثى لها، حتى قبل أن يتفشى كورونا، بسبب انتشار الفساد في كل مفاصل الدولة حتى صار هو القاعدة وليس استثناء.

في ظل هذه الصورة الشديدة القتامة توفر محادثات السلام للرئيس المنتخب، بارقة أمل، فقد التقى الجنرال الأمريكي مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، بقادة طالبان في الدوحة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، في اجتماع مُغرق في الرمزية، حيث عكس لقاء قيادات عليا أمريكية مع قادة الجماعة المسلحة التي حمت زعيم القاعدة أسامة بن لادن قبل 11 سبتمبر، وحاربت الأمريكيين في ما تحوّل إلى أطول حرب في البلاد.

وقد مهد ظهور الجنرال ميلي في الدوحة، الطريق للصفقة التي أبرمها الرئيس دونالد ترامب مع طالبان، والخاصة بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان، إذا وافقت الجماعة المسلحة على قطع علاقاتها مع القاعدة، وانخرطت في محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية الحالية.

وشدد ميلي على شرط آخر مفاده أنه يجب على طالبان تخفيف حدة العنف المستمر الذي يقتل المدنيين الأفغان وقوات الأمن، ويهدد القوات الأمريكية المتبقية البالغ عددها 4000 جندي. وصرح الجنرال ميلي بعد ذلك، بأن كل شيء يتوقف على التزام الحركة بوقف أعمال العنف.
وبينما يبدأ بايدن معالجة مشكلة أفغانستان عملياً، لا بد أن يبدأ بالالتزام، كما تعهد خلال الحملة، بإنهاء الحرب إلى الأبد.د، قد يكون الرئيس على حق، لكن القضية في أفغانستان بحاجة إلى إعادة طرح المشكلة من منظور مختلف، ذلك أن واقع الصراع اليوم مختلف كثيراً عما كان عليه قبل عقد من الزمان عندما بلغ عدد القتلى في القوات العسكرية الأمريكية 439 قتيلًا عام 2010.

وقد شهد عام 2020 مقتل 4 جنود أمريكيين في أفغانستان فقط، حسب بيانات منظمة «أي كاجوالتيز» التي تتابع حركة أفراد الجيش الأمريكي خارج الحدود، بينما قتل جنود كثيرون في حوادث تدريب العام الماضي. ومع ذلك، لا تزال أفغانستان ساحة معركة دامية مع التصاعد المستمر لأعمال العنف.

وسيرث بايدن صراعاً يحتاج إلى إعادة صياغة شاملة. لقد ولّت الأيام التي حاولت فيها أمريكا إعادة بناء أفغانستان من القمة إلى القاعدة، فلن يتم نشر أي وحدة متبقية من القوات الأمريكية في أفغانستان لشن أعمال عسكرية، وإنما ستكون القوة الأمريكية بمثابة حصن ضد أي عودة للقاعدة أو «داعش»

ومما يزيد مهمة بايدن تعقيداً، قرار ترامب تقليص عدد القوات الأمريكية في البلاد إلى وحدة قوامها 2500 جندي فقط. ولا يزال ترامب يحاول تصوير نفسه على أنه الزعيم الذي أخرج الجنود الأمريكيين أخيراً من المستنقع الأفغاني. وفي البداية، فكر في سحب آخر فرد من أفراد الخدمة الأمريكية من هناك. هذا النوع من التفكير يتعارض مع نصيحة كبار قادته العسكريين، والتي أوصت بأن الحد الأدنى لمستوى القوات يجب أن يكون 4500 جندي.

ربما تكون المهمة الأكثر صعوبة لبايدن، هي التأكد من أن تعهدات طالبان خلال محادثات السلام، التي استؤنفت مؤخراً بين قادة الجماعة المسلحة والمسؤولين الأفغان، تعهدات صادقة وليست مجرد كلام ومناورة، لكن كيف ستعمل الإدارة الجديدة على التأكد من أن طالبان قد انفصلت بالفعل عن القاعدة، وتمنع البلاد من أن تصبح مرة أخرى ملاذاً للإرهاب المناهض للغرب؟ وهل سيتضمن ميثاق السلام، كما يجب، التزاماً بحماية حقوق المرأة؟

ربما يكون بايدن محقاً في طرح شعار «إنهاء الحروب إلى الأبد» كهدف رئيسي للسياسة الخارجية. ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الهدف يجب ألا يتجاهل المثل والمصالح الأمريكية، ويجب ألا يتخلى عن مستقبل الأفغان الذين يستحقون سلاماً مستقراً ودائماً.

عن «شيكاجو تريبيون»
 
عودة
أعلى