قراءة أخرى لموضوع سد النهضة:
جميع القوى العظمى عارضت فكرة ضرب السد و حذرت مصر من ذلك في اجتماع مجلس الأمن الأخير، لكن اللافت هو الموقف الروسي الواضح الداعم لأثيوبيا، لعل التعويل المصري على السو 35 قد ضعف كثيرا بعد هذه التصريحات، مما يجعلني أتفكر هل أثيبوبيا أهم لروسيا من مصر؟
أم أن هناك أمرا أكبر من ذلك كله من خلف هذا الإجماع الدولي للوقوف بوجه مصر امام هذه الضربة، بل و أبعد من ذلك، ما الذي دعى السيسي أصلا للموافقة على اتفاق اعلان المبادئ الذي بموجبه تخلت مصر عن حق الڤيتو في اي مشروع يقام على النيل من شأنه أن يؤثر على حصتها المائية؟؟!
لست مهووسا بنظريات المؤامرة، لكن هناك بالفعل مشروع استراتيجي اسرائيلي لوصول النيل إليها، و بالفعل كان هناك عرض من الرئيس المصري السابق السادات للقيادة الإسرائيلية لتوصيل نهر النيل لهم مقابل ترسيم حدود إسرائيل و إرساء سلام دائم بخلق دولتين فلسطينية و إسرائيلية، لكن الجانب الإسرائيلي رفض.
المصدر
تعلم اسرائيل جيدا أن قرار توصيل النيل لها سيواجه بتسونامي شعبي مصري، لكنها أيضا ترى بوجود السيسي في سدة الحكم فرصة قد لا تتكرر، لذلك لا بد من استغلالها بحنكة، لذلك تم الإيعاز للسيسي بتوقيع الاتفاق، ومن ثم تظهر أثيوبيا إنقلابا على مبدأ الحصص المائية للسودان و مصر، و تتكلم على أنها المالكة لهذه المياه و تعطيها لمن تشاء و تمنعها عم من تشاء، ثم تبدأ مصر بالتهديد بضربة عسكرية و التصعيد السياسي الدبلوماسي، ثم الوصول لمجلس الأمن و هناك تجد مصر نفسها امام معارضة بالإجماع من الدول العظمى، فيضطر السيسي لقبول الأمر الواقع و يقول للمصرييين لو ضربنا السد فالدول العظمى ستفرض علينا عقوبات!!
الشارع المصري سيتقبل ذلك و يرضى بالامر الواقع و هنا يصبح السد أمرا واقعا، و هنا تدخل إسرائيل على الخط بمشروع امداد النيل لها، و ربط هذا المشروع بتعهدها بوصول حصة مصر لمصر، لأن وصول المياه لمصر سيرتبط بوصول المياه لإسرائيل
وبالتالي تحصل المعادلة:
أمن مصر المائي = أمن إسرائيل المائي
بهذه المعادلة، سيخرج السيسي على الشعب المصري و يصدر لهم هذا الحل على أنه الحل الوحيد للإبقاء على الأمن المائي لمصر و ذلك عبر ربطه بالأمن المائي لإسرائيل
وبالتالي لو قررت أثيوبيا اللعب بالحصص المائية لمصر فذلك سيضر حتما بإسرائيل و لن تجرؤ على المساس بأمن إسرائيل المائي، و بهذه المقاربة سيقبل الشعب المصري توصيل النيل لإسرائيل.
بافتراض هذا السيناريو يمكن الإجابة عن سبب توقيع السيسي لإعلان المبادئ، أما فرضية أنه وقع على الاتفاق و لم يكن يتوقع أن تغدر اثيوبيا و تملأ السد بصورة أحادية فهذه فرضية محل شك كبير، على فرض أن اثيوبيا وافقت على ملء السد تدريحيا خلال 7 سنوات و بهذه الطريقة ترى مصر أنه لن يضر بحصتها المائية، لكن بعد إتمام الملء سيكون لدى اثيوبيا قنبلة نووية "مائية"، بمعنى أنها امتلكت "حنفية" المياه المصرية، و لو ارادت ان تقطع الماء عن مصر بعد ذلك فستقطعه كما تشاء، و مصر لن تستطيع ان تضرب السد لأن ضربه ببساطة يعني دمار السودان و مصر سوية، اما ضربات تخريبية للمولدات و نحوها، فيمكن لأثيوبيا الرد بقطع المياه كليا عن مصر و السودان، او فتح السد بالكامل لاغراق مصر و السودان ردا على هذه الهجمات التخريبية.
ببساطة السيسي بتوقيعه على اتفاق اعلان المبادئ اعطى اثيبوبيا "حنفية" المياه لمصر، سواء تم ملؤه تدريجيا على الطريقة المصرية او دفعة واحدة على الطريقة الاثيوبية!!
بافتراض أن إسرائيل من يقف وراء هذا كله، نعلم لماذا روسيا عارضت و كان صوتها الأبرز في معارضة الضربة المصرية، فروسيا لم تمد سوريا بمنظومات دفاع جوي لتحمي سماء حليفتها سوريا من إسرائيل طوال العقود الماضية، و حتى عندما سلحتها بإس 300 فرضت على الجيش السوري شروطا تعحيزية لاستخدام هذه المنظومة!!
كل هذا لإبقاء اسرائيل القوة الأكبر في المنطقة و ابقاء تفوقها النوعي على جميع جيوش المنطقة، حتى و إن كان ذلك يعني تفوقها على حليفتها الأوثق سوريا، التي تعتبر رئة روسيا على البحر الأبيض المتوسط.
لعل هذا السيناريو هو الأكثر واقعية و بإمكانه اعطاء اجوبة قوية لجميع الأسئلة خلف موضوع سد النهضة.
و أرجو أن اكون مخطئا