"اللقاحات المختلطة".. هل تشكل مناعة أكبر أم خطورة؟
دول قليلة حول العالم سمحت بأخذ جرعتين من لقاحين مختلفين
متى بدأ التطعيم باللقاحات المختلطة؟
في أبريل 2021 بألمانيا.
هل أوصت منظمة الصحة باعتماده؟
لم توصِ حتى اللحظة.
ما الدولة الخليجية التي سمحت بالحصول على جرعات مختلطة؟
السعودية.
بدأت عديد من دول العالم تقديم الجرعة الثانية أو الثالثة من لقاح فيروس كورونا المستجد لدعم مناعة الجسم، بهدف تشكيل وقاية مجتمعية تعيد الحياة والفعاليات الاقتصادية إلى ما قبل تفشي الجائحة.
وأدى نقص كميات اللقاح من نوع محدد إلى نقص في عمليات التطعيم؛ ما دفعها إلى اعتماد التطعيم بلقاحين مختلفين أو ما عُرف باللقاحات المختلطة، حيث يلقَّح الشخص بلقاح معين ثم بعد مرور عدة أسابيع يطعَّم بالثاني.
وفتح الموضوع عديداً من التساؤلات عن مدى خطورة تلقي اللقاح من نوع مختلف على صحة الجسم، باعتبار أنه قائم على تركيبات قد تكون مختلفة.
اللقاحات المختلطة
ويبدو أن بعض الدول اضطرت للجوء إلى فكرة اللقاحات المختلطة في ظل الطلب الكبير عليها، وعدم تمكن الشركات المصنعة من تغطية مليارات الجرعات التي تنتظرها الشعوب في عموم أنحاء العالم.
ويؤدي إعطاء جرعات مختلفة إلى تخفيف الضغط عن الشركات وعدم مواجهة نقص في الإمدادات، خصوصاً مع وجود بعض الدراسات التي توصلت إلى أن وجود أكثر من لقاح بالجسم يعطي استجابة مناعية أقوى، مقارنة بجرعتين من اللقاح نفسه.
وبدأ إعطاء الجرعات المختلطة بعد أن وافقت وكالة الأدوية الأوروبية على ترخيص لقاح أسترازينيكا في يناير 2021، فأخذ البالغون في ألمانيا الجرعة الأول من اللقاح، لكن في أبريل الذي يليه أوصت لجنة التطعيم الألمانية بحصر استخدام لقاح أسترازينيكا على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً، عقب اكتشاف أن النساء الأصغر سناً اللائي حصلن على اللقاح تعرضن لمخاطر متزايدة تمثلت في حدوث جلطات دموية خطيرة بالدماغ.
وكان هذا سبباً لإعطاء من تبقى منهم جرعة ثانية من لقاح فايزر أو لقاح موديرنا، بعد إتاحة ذلك من قِبل لجنة التطعيم الألمانية وفق دراسات قامت بها.
وفي خضم ذلك توصل الباحثون بمجموعة لقاحات أكسفورد إلى أن المرضى الذين حصلوا على جرعة من لقاح أسترازينيكا، تليها جرعة من لقاح فايزر بأربعة أسابيع، قد تمكنوا من تطوير عدد أكبر من الأجسام المضادة أكثر من الذين حصلوا على الجرعتين من لقاح أسترازينيكا.
وتضمنت الدراسة إعطاء الباحثين جرعات من لقاحات مختلفة لأكثر من 830 متطوعاً تبلغ أعمارهم أكثر من 50 عاماً، وصل الباحثون خلالها إلى نتائج تفيد بأن الذين حصلوا على جرعتين من لقاح فايزر استطاعوا تطوير أكبر عدد من الأجسام المضادة، ثم عقب ذلك الذين حصلوا على الجرعة الأولى من لقاح أسترازينيكا ثم كانت الجرعة الثانية من لقاح فايزر.
وكانت دراسة ألمانية لجامعة سارلاند غربي ألمانيا قد كشفت أن الأشخاص الذين تلقوا الجرعة الأولى من لقاح أسترازينيكا، والجرعة الثانية من لقاح فايزر كانت مناعتهم أقوى من الذين حصلوا على الجرعتين من لقاح واحد بعينه.
هل أوصيَ بها رسمياً؟
ورغم هذه الدراسات التي تمت عبر معاهد مرموقة ولها سمعتها، فإن منظمة الصحة العالمية لم توصِ بشكل رسمي حتى الآن، بأخذ لقاحات مختلطة لفيروس كورونا، وإن كانت النتائج الأولية لأبحاث العلماء واعدة.
وقالت المتحدثة باسم "الصحة العالمية" مارغريت هاريس، في يونيو 2021، إنه لا توجد حتى الآن بيانات كافية لتقييم وحسم ما إذا كان هذا النهج الخاص باللقاحات المختلطة آمناً على الصحة.
في مقابل ذلك، سمحت الحكومة الألمانية بالتطعيم الكامل ضد الفيروس بالحصول على جرعتين من اللقاح نفسه أو الحصول على جرعتين من خليط من لقاحين متطابقين، حيث تبعت حكومة برلين الإرشادات التي يقدمها معهد "باول إيرليش" المسؤول عن إصدار تصاريح اللقاحات في البلاد.
ومن الدول التي سمحت بالحصول على لقاحات مختلطة: المملكة العربية السعودية والأردن وكندا والسويد وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وتركيا ضمن توصيات وشروط معينة، فيما لا تزال الأبحاث جارية بالولايات المتحدة الأمريكية حيال ذلك.
آثار جانبية
وسبق أن تحدثت معظم الدراسات عن إمكانية أن تكون للقاحات المختلطة آثار جانبية أكبر، ممكنة الحدوث، لكنها حتى الآن ليست خطيرة.
وأفاد الباحثون، في دورية "لانسيت" الطبية ببريطانيا، بأن الأشخاص الذين حصلوا على جرعات مختلطة من لقاحات فيروس كورونا، أكثر عرضة لآثار جانبية خفيفة مثل الحمى أو القشعريرة أو التعب أو الصداع.
وأضافوا أن الآثار الجانبية بعد التطعيمات المختلطة والمطابقة لم تدم طويلاً، ولم تكن هناك مخاوف أخرى تتعلق بالسلامة،
وفي إطار ذلك قال ماثيو سناب، الأستاذ المشارك في طب الأطفال وعلم التطعيم بجامعة أكسفورد وكبير الباحثين بالتجربة: "هذه هي أنواع التفاعلات المتوقعة من اللقاح"، وفق شبكة "بي بي سي" البريطانية.
وأضاف: "إنها التفاعلات نفسها التي تشعر بها في حالة التطعيم العادية، لكنها تحدث بشكل متكرر أكثر، وفي كل من الأعراض الخفيفة والمتوسطة، وسرعان ما تختفي".
فيما قد تفتح مزيداً من التساؤلات إصابةُ شاب أردني بتلعثم بالنطق وعدم التوازن بالمشي بعد تطعيمه بجرعتين مختلفتين من لقاح كورونا،و أظهرمقطع مصورٌ الشابَ الأردني وهو يتلعثم بالنطق ويشرح ما حدث معه بعد تلقيه الجرعة من لقاح آخر.
ونقل موقع "الغد" الأردني عن شقيق داود العزام، قوله: إن "داود تلقى الجرعة الأولى من اللقاح الصيني في نهاية مايو الماضي، وبعدها تلقى رسالة نصية بموعد الجرعة الثانية بتاريخ الـ20 من يونيو".
ووفقاً له، "تم إعطاؤه الجرعة الثانية قبل أن يتم تدقيق اسمه على المنصة المخصصة لإعطاء التطعيم"، مبيناً أنه "بعد أن تلقى شقيقي اللقاح، تم تدقيق اسمه على المنصة، ليُفاجأوا بأن نوعه مغاير للنوع الذي تلقاه في الجرعة الأولى".
وأكد أن "الكوادر الصحية لم تقم بتحديث بياناته؛ ومن ثم لم تصل إليه رسالة نصية ثانية تفيد بأنه تلقى الجرعة الثانية، وهو ما اعتبره محاولة لإخفاء حقيقة ما جرى والتنصل من المسؤولية".
وأكّد أن "شقيقه قبل تلقيه الجرعة الثانية كان بوضع صحي طبيعي ولم يكن يعاني أي مشاكل في النطق، وكان زفافه قبل 5 أيام، إلا أنه وبعد تلقيه الجرعة الثانية أصحبت حالته الصحية سيئة".
ماذا يقول الخبراء؟
وقالت الطبيبة وفاء عبد الرحمن عن الجرعات المختلطة: "أولاً علينا أن نتفق أنَّ أخذ اللقاح أفضل من عدمه، والحصول على جرعة ثانية من لقاح مختلفٍ أمر لم توصِ به منظمة الصحة بشكل رسمي حتى الآن رغم كل الدراسات الصادرة".
وأوصت الطبيبة في حديث مع "الخليج أونلاين"، بـ"الحصول على جرعتين من اللقاح نفسه في الوقت الحالي، إلا أن خبراء وزارة الصحة في الدولة التي يعيشون فيها قد أكدوا أن هذين النوعين من اللقاح لا مشاكل معهما، مثلما حصل مع المطعَّمين بلقاح أسترازينيكا بالجرعة الأولى، ولقاح فايزر أو موديرنا بالجرعة الثانية في كثير من دول أوروبا".
وترجع عبد الرحمن السبب إلى أن "كلا اللقاحين متشابه في الخصائص رغم أنهما يمثلان نوعين من لقاحات كورونا المتوافرة حالياً في السوق"،وأكّدت أن "الدراسات الحالية تركز على إمكانية التوفيق بين لقاح سينوفارم الصيني بالجرعة الأولى أو بالجرعتين ثم الحصول على لقاح فايزر، وقد بدأت تركيا على سبيل المثال، باعتماد جرعة ثالثة، خصوصاً للأطباء الحاصلين على جرعتين من الصيني، ولم يحدث أي خطأ".
وبخصوص ما جرى مع الشاب الأردني، قالت الدكتورة عبد الرحمن: إن "ما حصل معه غريب، وتجب متابعته من قِبل أطباء مختصين بالأعصاب والدماغ والغدد، لأنها حالة نادرة جداً، ومن الممكن أن تكون لديه حساسية معينة، رغم أنه أكّد أنه حصل على الجرعة الأولى من اللقاح الصيني ولم يحدث معه أي مضاعفات".
وشددت على أن "حالة واحدة ليست معياراً للضرب بالتطعيم، فقد حصل عليه مليارات الأشخاص، وهم يعيشون حياتهم بشكل طبيعي جداً، مع إمكانية حدوث آثار جانبية في الساعات الـ48 الأولى، وهذا أمر صحي وطبيعي