من هو جيش التحرير المغربي؟؟

ابن المغرب البار

التحالف يجمعنا
صقور التحالف
إنضم
12/12/18
المشاركات
1,019
التفاعلات
2,983
(1) - السياق العام للتأسيس:

في الجزء الأول من سلسلة مقالات حول "تاريخ جيش التحرير"، سنتناول سياق تأسيس جيش التحرير، مركزين في ذالك على الوضع الدولي السائد آنذاك، والذي كان يتسم بتنامي حركات التحرر في العديد من الدول، كما سنتطرق للوضع الداخلي الذي كان يتميز بتباين الرؤى حول كيفية التعامل مع المستعمر.
تميز الوضع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية بتنامي وتوسع حركات التحرر لدى شعوب العالم، بغية التخلص من الاستعمار المباشر وغير المباشر في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، ومن أجل الحصول على استقلالها الحقيقي وكامل حقوقها الوطنية، مستفيدة من حدة الصراع بين المعسكر الغربي الرأسمالي والمعسكر الشرقي الاشتراكي، ونَصَت عدة اتفاقيات ومواثيق دولية خاصة في إطار منظمة الأمم المتحدة الناشئة آنذاك على هذا الاتجاه وأقرت بضرورة تصفية الاستعمار وتأكيدها على حق الشعوب في تقرير المصير. وقد حققت هذه الحركات في مجموعة من البلدان نجاحات مهمة خاصة تلك التي انتهجت خيار الكفاح المسلح للحصول على استقلالها، وأعطت بذلك الأمل والحافز لباقي الشعوب لإمكانية هزيمة الاستعمار مهما كان تفوقه العسكري والاقتصادي...، وتجربة الفيتام المثال الساطع على الهزيمة التي منيت بها القوات الاستعمارية الفرنسية والأمريكية. في حين أبان خيار التفاوض السلمي مع القوى الاستعمارية على سهولة احتوائه من قبلها وعلى محدودية نتائجه، وهو الخيار الذي أفضى في أحسن الحالات لتشكيل كيانات دول "مستقلة" شكليا لكنها تحافظ على بنيات استعمارية وشبه استعمارية على جميع المستويات، بواسطة فئات محلية مستفيدة من الوضع ومرتبطة بالمستعمر على كافة المستويات. وبالنسبة للمغرب، الذي خضع للاستعمار تحت غطاء الحماية من طرف فرنسا وإسبانيا، لم يكن معزولا عن هذه التطورات الدولية، وقد تعرض لشتى أشكال الاستغلال، وأحدث المستعمر تغييرات في كامل بناه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية للمغرب، عبر تقوية الارتباطات العضوية التي تطورت منذ فترة ما قبل الحماية (والتي تواصلت حتى بعد 1956) بين فئات المحميين المغاربة والأجانب، وعكسته الاتفاقيات التي فرضتها السلطات الفرنسية على المغرب لخدمة مصالحه وأهدافه واستفادت منها تلك الفئات، في حين تأزم الوضع بالنسبة لعموم الشعب المغربي على كل الأصعدة. هذا الوضع ساهم في تنامي الشعور الوطني لدى فئات عريضة من الشعب المغربي ضد الاستغلال الاستعماري والبطش والقمع الذي نهجه المستعمر في حقه، والذي تفاقم خلال وبعد الحرب العالمية الثانية التي خرجت منها فرنسا منهكة، مما فرض عليها البحث عن حلول لأزمتها، خصوصا مع نهوض كل الشعوب المستعمرة للحصول على استقلالها. وقد تباينت الخيارات في مجابهة الاستعمار من أجل تحقيق الاستقلال، فقد برز، من جهة، خيار يتمسك بالحوار والتفاوض مع المستعمر، وهو ما تشبثت به "الحركة الوطنية" التي كانت تطالب في البداية بالإصلاحات في ظل الاستعمار في الوقت الذي كانت المقاومة المسلحة لا تزال قائمة في الأطلس، ثم انتقلت إلى المطالبة بالاستقلال أو "الاستقلال الذاتي" وبعودة محمد الخامس. ومن جهة أخرى، تبلور خيار يرى عدم جدوى التفاوض والحوار، وبضرورة استعمال الكفاح المسلح من أجل إنجاز مهمة التحرر من الاستعمار وحلفائه المحليين، وهذا ما كان يمثله جيش التحرير المغربي ومحمد بن عبد الكريم الخطابي وحركة المقاومة المسلحة عموما. وهذا التباين في الخيارات نجده واضحا في الصراع داخل الأحزاب المغربية آنذاك بين شبابها الثائر المتطلع لنهج كل الخيارات من أجل الاستقلال والنهج المهادن لقيادات تلك الاحزاب، كما نجده بين النهج الرسمي التفاوضي لتلك الأحزاب في مقابل موقف الفئات العريضة من الشعب المغربي وشعورها الوطني واستعدادها لخوض كل التحديات من أجل الاستقلال، كما أن هذا التباين في المواقف عكسته كذلك الصراعات داخل "لجنة تحرير المغرب العربي" بالقاهرة بين محمد بن عبد الكريم الخطابي وممثلي باقي الأحزاب السياسية الموقعة على وثيقة التحرير وقانونها الأساسي. كما أن الأوضاع المتفجرة في البلد المجاور الجزائر آنذاك وتصاعد حدة المواجهة العسكرية بين قوات الاحتلال الفرنسية وجيش التحرير الوطني الجزائري، مع حجم الاستقطابات الإقليمية بعد ثورة الضباط الأحرار بمصر، والتهاب القضية الفلسطينية خاصة بعد نكبة 1948، زكى الحماس التحرري في المنطقة ككل. كل هذه العوامل ساهمت في عملية بروز جيش التحرير المغربي، بدء بتشكل خلاياه السرية في عدد من مناطق الريف والأطلس المتوسط ومناطق أخرى بالشمال الشرقي وغيرها، إلى إعلان انطلاق عملياته الحربية ضد القوات الاستعمارية في 02 أكتوبر 1955، وما أعقب ذلك من أحداث وسياقات ومسارات خلال تلك الفترة الحاسمة والمصيرية من تاريخ المغرب في خمسينيات القرن الماضي.
 
(2): دور محمد بن عبد الكريم الخطابي

في المقال الثاني من سلسلة مقالات حول "تاريخ جيش التحرير المغربي"، سنتطرق لدور محمد بن عبد الكريم الخطابي، في نشأة جيش التحرير، واختلاف وجهة نظره مع وجهات نظر قادة الأحزاب السياسية المغربية، داخل لجنة تحرير المغرب العربي.

شكلت المقاومة المسلحة التي قادها محمد بن عبد الكريم الخطابي بالريف خلال عشرينيات القرن المنصرم، استمرارية لمقاومة قبائل الريف للاستعمار، بقيادة الشريف محمد أمزيان وآخرين...، وحققت حركة المقاومة التي قادها الخطابي العديد من الانتصارات على الاستعمار الفرنسي والاسباني قبل استسلامه في ماي 1926. وخلال الفترة التي أعقبت ذلك أخضع المستعمر المغرب لكل أشكال الاستغلال الاستعماري والنهب بعد استكمال سيطرته على كل المناطق المقاومة، وظلت تحركات "الحركة الوطنية" والأحزاب الممثلة لها، محدودة ومبادراتها غير مجدية. ومع وصول محمد بن عبد الكريم الخطابي إلى مصر سنة 1947 بعد 21 سنة من النفي في جزيرة لارينيون، أعطى دفعة جديدة وأملا متجددا في الانتصار على الاستعمار، ويمكن لنا أن نرى ذلك من هذه الشهادة الفريدة لعلال الفاسي (أحد الزعماء التاريخين لحزب الاستقلال) بهذا الخصوص في كتابه "الحركات الاستقلالية في المغرب العربي" (الطبعة الخامسة سنة 1993) حيث يقول: "ولم يكن الأثر في نفوس المسلمين بالهند والصين ومهاجري أمريكا وإفريقيا السوداء وأستراليا بأقل من الأثر في نفوسنا نحن، ولقد وصلت برقيات التهاني والشكر من جميع أنحاء المعمورة، وكلها تضامن مع المغاربة في جهادهم، واستبشار بإطلاق سراح البطل الريفي". ويتحدث المقاوم العقيد "الهاشمي عبد السلام الطود" في شهادة أوردها علي الإدريسي في كتابه "عبد الكريم الخطابي التاريخ المحاصر" عن ذلك كونه كان "يوما حاسما في تاريخ نضال شعوب المغرب العربي ضد الاستعمارين الفرنسي والاسباني ... وفرصة سانحة لانبعاث الكفاح المسلح المغربي بعد 21 سنة". وقد أكد محمد بن عبد الكريم الخطابي عزمه على مواصلة كفاحه ضد الاستعمار، ليس في المغرب فقط بل في العالم ككل، وشرع في ربط اتصالاته من أجل استئناف الكفاح المسلح. هكذا تصدر الخطابي مشهد الساحة التحررية وتحمل مسؤولية قيادة وتوحيد الكفاح في البلدان المغاربية الثلاث: المغرب والجزائر وتونس. وتوجت اتصالاته بتأسيس "لجنة تحرير المغرب العربي" التي أصدرت قانونها الأساسي يوم 9 دجنبر 1947، ووقعت عليه عدد من الأحزاب من الدول المغاربية، من تونس: الحبيب بورقيبة والحبيب ثامر من الحزب الدستوري الجديد والشيخ محيي الدين القليبي من الحزب الدستوري القديم، ومن الجزائر: الشاذلي مكي والصديق السعدي، والفضيل الورتلاني من حزب الشعب الجزائر، ومن المغرب :علال الفاسي وأحمد بن المليح من حزب الاستقلال ومحمد العربي العلمي وعبد الحي العـــراقي وناصر الكتـــاني من حزب الشورى والاستقلال وعبد الخالق الطريس ومحمد أحمد بن عبود من حزب الإصلاح الوطني ومحمد اليمني الناصري من حزب الوحدة المغربية. وقد أسندت للأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي الرئاسة الدائمة للجنة. كما قام محمد بن عبد الكريم الخطابي في أوائل يناير 1948 بإصدار وثيقة التحرير التي تبناها الكثير من القادة السياسيين والأحزاب السياسية، بحسب ما جاء في كتاب علال الفاسي "الحركات الاستقلالية في المغرب العربي". وكان محمد بن عبد الكريم الخطابي يرى أن التزام الأطراف الموقعة على ميثاق "لجنة تحرير المغرب العربي"، سيشكل نهاية للوجود الاستعماري في هذه البلدان، وفق نص وثيقة التحرير. غير أنه سيواجه عقبة كبيرة تمثلت في عدم تنبي قادة الأحزاب السياسية المغربية لأفكاره في الكفاح المسلح، رغم أن قادتها كانوا قد وقعوا معه ميثاق "لجنة تحرير المغرب العربي"، وأظهروا ترددهم في توفير الشروط الضرورية لتنظيم الكفاح المسلح ثم ساروا في اتجاه مناقض تماما، فأغلبية القادة السياسيين المغاربة كانوا لا يرون جدوى العمل المسلح. فحزب الاستقلال لم يؤيد استعمال الكفاح المسلح لمواجهة المستعمر، وأسس لجانا تأديبية تهتم بمتابعة المناضلين الذين لهم نشاطات فدائية كما ذكر عبد الله الصنهاجي في مذكراته، وقام بانتقاد دعوة محمد بن عبد الكريم الخطابي لحمل السلاح علانية، بمبرر أن هذا الأسلوب عفا عليه الزمن، وهذا ما يفند ادعاءات هاته القيادات بأنها ساهمت في بناء الحركة المسلحة بالمغرب بحسب ما ورد في تقرير بتاريخ 4 نونبر 1955 في مجلة تاريخ المغرب العدد 20 أورده محمد الخواجة في كتابه "عباس المساعدي الشجرة التي تخفي غابة جيش التحرير". وبهذا أصبح التناقض بين أهداف محمد بن عبد الكريم الخطابي وأهداف الزعماء الحزبيين واضحا. بين موقف يعتبر أن النضال السياسي والتفاوض مع المستعمر أساس الحصول على الاستقلال وبين موقف الخطابي الذي يعتبر الكفاح المسلح ضروري وأساسي لتحقيق التحرر والاستقلال التام. هذا الصراع سينتهي بانسحاب الزعماء التونسيين والمغاربة من "لجنة تحرير المغرب العربي" (أنظر في هذا الشأن كتاب علي الادريسي "عبد الكريم الخطابي التاريخ المحاصر" الطبعة الثانية). واستمر محمد بن عبد الكريم الخطابي في نشاطه رغم المواقف المتخاذلة للزعماء الحزبيين. فركز على ربط اتصالات مع المغاربة المشاركين في حرب فلسطين سنة 1948. واحتفظ بجواره بالقاهرة بمجموعة محدودة العدد شكل منها نواة صلبة سهر على تكوينها تكوينا عسكريا عالي المستوى في الكليات الحربية المصرية والعراقية والسورية، كما جاء في شهادة الهاشمي عبد السلام الطود والتي أوردها علي الإدريسي في كتابه عبد الكريم الخطابي التاريخ المحاصر. وقد تم الاتفاق مع المسؤولين العراقيين والسوريين على قبول البعثات الطلابية المغربة للدراسة على نفقة محمد بن عبد الكريم الخطابي، وقد وصلت أول بعثة عسكرية إلى العراق يوم 17 أكتوبر 1948 مكونة من 7 طلاب. والفوج الثاني التحق بالأكاديميات العسكرية في بغداد يوم 17يونيو1950. وبعد أن أنهت البعثة تكوينها سنة 1951 عادت إلى القاهرة لتضع نفسها تحت تصرف "لجنة تحرير المغرب العربي"، وقد أشرف محمد بن عبد الكريم الخطابي على التداريب العسكرية التي قام بها هؤلاء الخريجين من الكليات العسكرية في بغداد وسوريا بمعسكر "هاكست" في إحدى ضواحي القاهرة (أنظر: الخلوفي محمد الصغير، محمد بن عبد الكريم الخطابي بالقاهرة، ملفات من تاريخ المغرب، العدد 2 يوليوز 1996). وإلى جانب التداريب أسندت لهؤلاء الضباط مهمات في بلدان المغرب الكبير لإعداد الظروف لتكوين جيش التحرير. وفي هذا الصدد يحكي "الهاشمي الطود" عن ظروف السفر ومشاقها إلى تونس والمغرب والجزائر مشيا على الإقدام رفقة القائد "حمادي العزيز" بتكليف من الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي قصد التنسيق مع الخلايا المتواجدة والوقوف على استعداد القيادات الحزبية في مشروع الثورة المغاربية المسلحة، وكيف أصيب بخيبة أمل كبيرة إثر ذلك. ويتحدث حمادي العزيز عن هذه المهمة في شهادته ويسميها "خطة أكل التبن" ويقول "دخلنا لأكل التبن مع إخواننا المغاربة"، هذا الكلام اقتباسا لما كان يصرح به الجنرال كيوم بكونه" جاء إلى المغرب لكي يطعم المغاربة التبن". وتمكن الهاشمي الطود وحمادي العزيز من تنظيم لقاءات مع زعماء الأحزاب في كل من تونس والجزائر والمغرب. كان اللقاء في المغرب مع السيد "عبد الكريم غلاب"، وعلى شاكلة اللقاءات المنظمة مع القادة التونسيين والجزائريين فقد تركزت حول ما يلي (شهادة القائد حمادي العزيز أوردها علي الإدريسي في كتابه "عبد الكريم الخطابي التاريخ المحاصر" صفحة 222-223): إذا قامت حركة تحررية موحدة في المغرب العربي فما موقفكم منها؟ هل تنظمون إليها؟إذا قررتم الانضمام إليها ما هي شروطكم السياسية والعسكرية والإدارية واللوجستيكية؟ وكانت إجابة عبد الكريم غلاب كالتالي: "إن جلالة السلطان محمد بن يوسف استدعانا للحضور في الديوان السلطاني وأخبرنا انه بصدد التفاوض مع الحكومة الفرنسية على الاستقلال الذاتي وطلب منا تأييده في مفاوضته مع الحكومة الفرنسية، وأجبناه بالإيجاب، وأكدنا أننا ندعمه ونؤيده". وأضاف قائلا:" إن حزب الاستقلال يريد الاستقلال التام لكننا ندعم السلطان ونؤيده في الحصول على الاستقلال الذاتي، فإذا حصلنا عليه فإننا سنعمل لتطويره إلى استقلال تام"(تقديم الهاشمي الطود لكتاب علي الإدريسي صفحة 42 المذكور سابقا). وفي الدار البيضاء كان الاتصال مع الأستاذ أحمد بن سودة مدير جريدة" الرأي" وعضو المكتب السياسي "لحزب الشورى والاستقلال" غير أنهما عندما ذهبا إلى منزله مرتين لم يجداه رغم أن الرجل هو الذي حدد لهما الموعد وبهذا فشل اللقاء به. وسيتم بذلك استبعاد هذه الأحزاب بسبب موقفها المناقض لمشروع التحرر والاستقلال الذي عبر عنه ميثاق "لجنة تحرير المغرب العربي" باستثناء أفراد بصفتهم الشخصية مثل: الشهيد عباس المساعد ومحمد البصري والشهيد عبد الواحد العراقي ومحمد بلحاج ومحمد حجي والغالي الطود ومحمد بن زيدان والشهيد عبد السلام الخمار ووهبي بن جلون من المغرب (كتاب علي الإدريسي المذكور سابقا صفحة 203). وكان محمد بن عبد الكريم الخطابي يستقبل العديد من الحجاج الذين كانوا يزورونه في القاهرة، منهم مجموعة من أبناء منطقة اكزناية قاموا بزيارته من أجل طلب المساعدة ويتعلق الأمر بالشهيد عمر الريفي أبرقي "عمر نثعليرث"، الشهيد عبد السلام بن حدو التاغلاستي، الحاج عمر اخياط الونكورتي، الحاج عبد الله مشدود الزكريتي (أنظر البعياشي أحمد، حرب الريف التحررية ومراحل النضال، الجزء 1 صفحة 20). ويروي الشهيد عمر الريفي أبرقي عن تلك الزيارة لمحمد بن عبد الكريم الخطابي، أنه: " سألنا: لماذا لا تقاتلون الفرنسيين؟" فأجابوه: "إننا على استعداد لذلك، لكن السلاح ينقصنا". فرد عليهم محمد بن عبد الكريم الخطابي: "السلاح خذوه من خزائن العدو" (كتاب علي الإدريسي المذكور سابقا صفحة 42). ولا بد أن ننتبه إلى هذا التوجيه الذي قدمه محمد بن عبد الكريم الخطابي بخصوص كيفية تزود خلايا جيش التحرير بالسلاح، مما يقلل من مصداقية بعض الروايات التي تتحدث عن مسؤولية محمد بن عبد الكريم الخطابي عن السلاح الذي جاء عبر مجموعة من السفن. كما أن محمد بن عبد الكريم الخطابي لم يقبل من المصريين وغيرهم سوى الدعم المادي والمعنوي أما شؤون الحرب والتخطيط لها، فهذا أمر يخص أعضاء الخلايا السرية التي سيتشكل منها جيش التحرير. وأعلن محمد بن عبد الكريم الخطابي للمصريين في مارس 1954: "إن الإخوان المصريين مطالبين بتوفير السلاح والمال لا غير، أما شؤون تنفيذ كل مراحل الثورة فيجب أن تبقى بيد ثوار شمال إفريقيا" (وفق ما جاء في الوثيقة رقم 2 أوردها محمد الخواجة في كتابه "عباس المساعدي الشجرة التي تخفي غابة جيش التحرير"). وهنا يظهر حرص محمد بن عبد الكريم الخطابي على استقلالية جيش التحرير في التسيير والتنظيم والقيادة عن جميع الجهات، مهما قدمت من دعم، ضمن منظوره ورؤيته لمشروع الاستقلال والتحرر ككل بعيدا عن كل أشكال الوصاية والتبعية، والذي حاول تجسيده في سنوات 1921-1926. ومن جانب آخر ليس هناك ما يؤكد أن الخلايا التي خضعت للتدريب والتأطير في الكليات الحربية المصرية أو السورية أو العراقية تحت إشراف محمد بن عبد الكريم الخطابي، قد شاركت في تأسيس جيش التحرير أو في معاركه أو في قيادته، ولم تذكر مذكرات قادة جيش التحرير الميدانيين أو غيرها هذا الأمر. ولكن كان محمد بن عبد الكريم الخطابي حريصا على تتبع ما يجري في المغرب والتشهير بالأوضاع. وبعث أشخاصا لتقصي أوضاع جيش التحرير عن قرب في ميدان المعارك كما جاء في مذكرات عبد العزيز أقضاض.
 
(3): تحول بعض أعضاء المقاومة داخل المنظمات السرية بالمدن إلى المساهمة في قيادة جيش التحرير المغربي.

مع نهاية سنوات الأربعينات وبداية الخمسينات، اقتنع بعض أعضاء المقاومة بعدم جدوى العمل السياسي ومأزق العمل الفدائي بالمدن، وقرروا نقل عملياتهم إلى البادية خاصة في الشمال، وتدشين مرحلة جديدة من العمل المسلح رغم معارضة الأحزاب السياسية لذلك، خاصة حزب الاستقلال.

في خضم الصراع مع المستعمر تولدت لدى بعض أعضاء المقاومة بالدار البيضاء قناعة بعدم جدوى نهج العمل السياسي الحزبي الضيق والمهادن للاستعمار. فمنذ 1949 تمكن عبد الله الصنهاجي بمعية بعض رفاقه من تكوين منظمة سرية أطلقوا عليها اسم "اتحاد الجنوب"، هذه المنظمة التي كانت الممثل الحقيقي للخلايا السرية للمقاومة والتي تكونت بدون علم من حزب الاستقلال، وعندما وصل الخبر إلى قيادة الحزب، أمرت عضوين هما بناصر حركات وبن موسى النجار بالاتصال بحميدو بن فارس المسفيوي وطلب الاجتماع مع مجلس "اتحاد الجنوب" وإبلاغه بأمر حزب الاستقلال بحل هذا التنظيم بعد عقد الاجتماع (أنظر: عبد الرحمان عبد الله الصنهاجي، مذكرات في تاريخ حركة المقاومة وجيش التحرير 1947-1956، صفحة 99). وافق عبد الله الصنهاجي على حل التنظيم، ودفع كل أمواله لصندوق الحزب. وقد برر ذلك بضرورة إبقاء الخلايا السرية حية وبعيدة عن التنظيم الحزبي، وكذا إبعاد التهمة عن حميدو بن فارس المسفيوي أحد زعماء التنظيم لكونه كان معروفا عند المستعمر الذي كان يعتقله كلما وقع حادث في الدار البيضاء. كان محمد بن علي الزرقطوني من جملة المسيرين الذين أعطيت لهم الأوامر الحزبية لحل هذا التنظيم المؤسس من أجل محاربة الاستعمار الفرنسي والاسباني والعملاء وعلى رأسهم "التهامي الكلاوي" الذي شكل الاستعمار الثاني في منطقة الجنوب. غير أن اللقاء الذي جمع الصنهاجي بالزرقطوني أسفر على نتائج معاكسة لتوصيات حزب الاستقلال، حيث تم الاتفاق على ضرورة تأسيس تنظيمات سرية دقيقة لخلايا المقاومة المسلحة بالدار البيضاء بصفة خاصة والمغرب بصفة عامة وعدم الاعتماد على المتحزبين الذين كانوا يعتقدون أن الكلام وحده هو الوسيلة الوحيدة للتفاهم مع الاستعمار (أنظر مذكرات عبد الله الصنهاجي ص 99-102). وكانت بداية العمل الفدائي بثلاث مسدسات، مسدس واحد كان عند الزرقطوني ومسدسان اشتراهما الصنهاجي من عند يهودي مغربي سنة 1947، وتم الشروع في تأسيس المركز السري للتنظيم والتدريب على حسن استعمال السلاح بدرب القريعة في منزل الحاج عمر الباعمراني سنة 1951، ونجح المقاومون في صنع قنابل محلية، ليبدأ بذلك العمل الفدائي. وظهرت جماعات سرية أخرى مستعدة لحمل السلاح: الجماعة الأولى كان يسيرها محمد بن الحاج منصور الحرايزي وأجار محمد المانوزي السوسي الملقب بـ" بونعيلات". كما ظهرت الجماعة الثانية جماعة الدرب الكبير يسيرها مغفور رحال وعدنان الحسين والجماعة الثالثة يسيرها الحسن الصالحي محمد بن الحسين السوسي، والجماعة الرابعة يسيرها الحسن بن عبد الله الشاطمي. وقد اندمجت هذه الجماعات فيما بينها، وتم تكوين المركز السري "بالأرميتراج". وفي فاتح يناير 1954 تمكن المستعمر من اكتشاف مركز المقاومة في ضيعة واد "إيكم" بضواحي الرباط، ونتج عن ذلك إلقاء القبض على العديد من المقاومين المؤسسين لخلايا المقاومة بالدار البيضاء، وألقي القبض على أفراد مجموعة الرباط، كما تم القبض على الشهيد "محمد الزرقطوني" بالدار البيضاء يوم 18 يونيو1954 الذي اختار الشهادة بابتلاع قرص من السم عوض إفشاء أسرار المقاومة. ومن تم التحق عدد كبير من المقاومين إلى الشمال، بعد انكشاف أمرهم، واشتداد الحصار عليهم. وبعد ذلك تكونت القيادة الرابعة للمقاومة من طرف بوشعيب الدكالي وسعيد المانوزي السوسي والمدني المغراني الورزازي ومحمد البشرير الفكيكي والتحق بهم" محمد بن عبد الله" المعروف "بعباس المساعدي" بعد خروجه من السجن (مذكرات عبد الله الصنهاجي صفحة 131). وإثر ذلك بدأت هجرة الفدائيين إلى الشمال في إطار البحث عن مخرج لمعاناة الأعمال الفدائية في المدن، الناتجة عن اشتداد القمع والحصار، الذي فرضته القوات الاستعمارية على المقاومين، والاتفاق فيما بينهم على ضرورة نقل العمل إلى البادية، فقد كان الشهيد الزرقطوني يدعو إلى تطوير الكفاح الوطني وتطوير أساليبه بنقله إلى الجبال. بدوره دخل عباس المساعدي درب الكفاح سنة 1949 عن عمر يناهز 30 سنة بانخراطه في صفوف حزب الاستقلال، قبل أن يصبح سنة 1952 من أهم الأعضاء النشيطين في هذا الحزب وأصبح منذ 1952 عضوا نشيطا يتحمل مسؤولية التنظيم إلى جانب رفاقه في الدار البيضاء، حيث سيتم اعتقاله سنة 1953 بتهمة عدائه للنظام الاستعماري، وتعرض لتعذيب وحشي لمدة فاقت 22 يوم دون أن يقدم أي اعتراف أو إشارة تتهم رفاقه. أثار هذا الصمود إعجاب رفاقه، خاصة الشهيد محمد الزرقطوني وإبراهيم الروداني. وبعد إطلاق سراحه في صيف 1954 تولى قيادة المنظمة السرية، وأصبح اسمه الحركي "اليمني" بعد استشهاد الزرقطوني واستمرار الاعتقالات في صفوف رجال الفداء. وبعد ذلك التجأ كذلك عباس المساعدي إلى تطوان سنة 1955، إلى جانب باقي الفدائيين بعد اشتداد القمع والحصار الذي فرضته القوات الاستعمارية على المقاومين، ومنها إلى الناظور بتاريخ 23 يوليوز 1955، بناءا على رغبته وباقتراح من جماعة تطوان، واستجابة لطلب عبد الله الصنهاجي الذي حل بالناظور يوم 7 يونيو 1955 في إيفاد شخص متعلم ليتحمل إلى جانبه المسؤولية في قيادة المقاومة، فوقع الاختيار على عباس المساعدي (محمد لخواجة، عباس المساعدي الشجرة التي تخفي غابة جيش التحرير صفحة 27-38). وحاول عباس المساعدي ربط سلسلة من الاتصالات مع الوطنيين بجبال الاطلس المتوسط الجنوبي والغربي منهم ضابط صف اسمه عمر المكوني(بويفادن) أحد أبناء مدينة خنيفرة و"خلا ولعيد" أحد المشاركين في العمل الوطني والذي كان يكثر من التنقل بين الدار البيضاء وتكفلت وإيفني وبني ملال... وقد كان لهذا الأخير الفضل في ربط الاتصال بين عباس المساعدي وعنصرين كان بصدد تنظيم خلايا الكفاح المسلح بالشمال الشرقي للأطلس المتوسط وهما الدخيسي وميمون أعقا لياس من إيموزار مرموشة والذي سيتوج بعقد لقاء بين ميمون أعقا لياس و عباس المساعدي في منطقة لالة شافية قرب مولاي يعقوب. فهم من خلاله عباس المساعدي أن منطقة مرموشة تتوفر على تنظيم للخلايا السرية لجيش التحرير يضم العديد من الرجال المدربون على حمل السلاح (سبق لهم أن كانوا مجندين في القوات الفرنسية أو شاركوا في حركة المقاومة المسلحة خلال عشرينيات القرن الماضي...) ينتمون إلى العديد من القبائل والمداشر بالمنطقة (مذكرات ميمون اعقا لياس ص35). كما عقد عباس المساعدي عدة لقاءات مع خلايا اكزناية، والتي تكونت منذ 1951، وفهم أن ثوارها يبحثون عن السلاح بالدرجة الأولى، فسارع إلى إحضار بعض القطع ليتيقنوا أن هناك جدية تامة للدخول في مرحلة الكفاح المسلح، كما قام بالإسراع في بناء خلايا جديدة في قبائل أخرى (محمد لخواجة، عباس المساعدي الشجرة التي تخفي غابة جيش التحرير صفحة 30)، وفتح مدرسة لتكوين أطر جيش التحرير في حرب العصابات، وكان القائمون إلى جانبه على هذه المهمة العربي بن المهدي والشهيد الرحماني ميمون (غورضو) والشهيد اليزناسني (مذكرات الصنهاجي، صفحة 161). وقام عباس المساعدي إلى جانب عبد الله الصنهاجي وآخرين بمهام إدارة المركز الرئيسي لجيش التحرير بالناظور إلى غاية تقديم استقالته أيام قبل اغتياله، وربط علاقات مع العديد من الجهات في المغرب وخارجه، وكانت له خلافات وصراعات مع أطراف عدة، خاصة مع جماعة تطوان
 
(4) : تشكل الخلايا

في هذا المقال سنتطرق لبداية تشكل خلايا جيش التحرير بمنطقة مثلث الموت ومرموشة وعدد من المناطق الأخرى، والدور البارز لعدد من الشخصيات في هذه العملية.

حسب شهادات عدد من أعضاء جيش التحرير المؤسسين، خاصة ما جاء في مذكرات عبد العزيز أقضاض ولياس ميمون أوعقا، وكما أكد ذلك محمد لخواجة في كتابه "عباس المساعدي الشجرة التي تخفي غابة جيش التحرير"، فقد بدأت تتشكل في اكزناية خلايا سرية منذ 1951، وأول خلية لـجيش التحرير تأسست في زاوية الدوائر التابعة لقيادة تيزي وسلي بدائرة أكنول سنة 1951 تلتها خلايا عديدة في كل دواوير قبيلة اكزناية، وأن خلية الأطلس المتوسط تأسست في 1952 بعد عودة ميمون أوعقا لياس الى بلدته مرموشة. وشرعت هذه الخلايا تتدرب على السلاح والبحث عن مصادر التزود به. وبهذا كان المقاومون باكزناية الذين شرعوا في تأسيس خلايا جيش التحرير السباقين إلى التنظيم، استعدادا للكفاح المسلح والعمل التحرري في كل شمال إفريقيا، وبشكل مستقل عن جميع الأحزاب السياسية التي رفضت خيار الكفاح المسلح، حسب ما ذكره محمد الخواجة. وكان لدى العديد من أبناء منطقة اكزناية خبرة في الكفاح المسلح بشكل مباشر أو غير مباشر، فعدد من قادة ومؤسسي جيش التحرير شاركوا في معارك المقاومة بالريف خلال فترة 1921-1926 التي قادها محمد بن عبد الكريم الخطابي، ونخص بالذكر: عبد العزيز أقضاض: أحد القادة الميدانيين لجيش التحرير، قائد الهجوم على مركز بورد في 2 اكتوبر 1955 حارب والده في حرب الريف.الحسن الزكريتي: كان قائد مائة في صفوف حرب الريف، ثم تم تعيينه من طرف محمد بن عبد الكريم الخطابي كاتبا في إحدى المقرات الفرعية لقيادته.محمد عمر أوخطو "أمغار"(شيخ) القبيلة الذي جرح في حرب الريف وتوفي سنة 1946 كان يردد دائما أمام أبنائه أن الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي قد وعده بالعودة ليقاتلا معا المستعمر من جديد، وقد استمر على دربه أبناءه، وكان أحدهم واسمه محمد شارك كقائد فرقة في جيش التحرير. دور علي بوطاهر أقضاض في تأسيس أول خلية لجيش التحرير بمثلث الموت وإلى جانب رصيد الخبرات التي كانت لدى عدد من أبناء منطقة اكزناية في الكفاح المسلح، كان لعلي أقضاض دور مهم وأساسي في تأسيس خلايا جيش التحرير، ويعتبره عبد العزيز أقضاض الدوائري في مذكراته المؤسس الحقيقي لجيش التحرير في اكزناية، ويسميه بـ"رفيقي الخاص" و"نبض الثـورة " أو "دينامــو الثــــورة الجزنائية" أو "رفيقي الخاص أستاذنا العالم العلامة الثوري"... وأكد عبد العزيز أقضاض في مذكراته في أكثر من مناسبة على دوره الريادي في تأسيس الخلايا الأولى لجيش التحرير لما امتاز به من ذكاء وقدرة على الدعاية من أجل إعلان الثورة ضد المستعمر بدراسة وتحليل وتأويل كل ما كان يحصل عليه من أخبار وأسرار بوسائله الخاصة وبمذياعه الخاص (خاصة ما كانت تبثه بعض الإذاعات كإذاعة القاهرة...) فيما يتعلق منها بالسياسة الفرنسية بالمغرب... وأشار إلى دوره في تهييئ الناس نفسيا للمشاركة في حرب التحرير بتكراره العبارة الأتية على مسامعهم في العديد من المناسبات "إن انتفاضة تقلب صفحة الاستعمار تنتظرنا لا محالة عندما تمتد يد الاستعمار إلى تنفيذ تهديداته المتكررة المتنوعة". ويؤكد عبد العزيز الدوائري على مكانته الراقية في نظر سكان القبيلة فقد كان فقيها يقدم دروسا في الأمور الدينية في مسجد دوار "الدوائر" بمشيخة "أولاد علي بن عيسى" بمنطقة تيزي وسلي. وكان يتكلف بالإجابة عن الرسائل التي يتوصل بها قادة جيش التحرير لثقافته الواسعة وقدرته على الزعامة في أكثر من مناسبة، ويعتبره من الشخصيات البارزة التي ضمنت النجاح الذي حققه جيش التحرير. وكان يعتبر العمليات الفدائية الفردية التي تقع في المدن لا تلائم وضعية البادية وأن إشعال الثورة والبحث عن ضمان نجاحها واستمرارها وتعميمها بتأسيس جيش التحرير هو الحل. وقام إلى جانب الحسن بن حموش الزكريتي بتحديد شروط تفجير الثورة أثناء اللقاء الأول بجماعة تطوان في 17 يونيو 1955 بالضفة الشمالية لوادي الهرهار (الحسين برادة وأوجار محمد المانوزي المعروف بسعيد بونعيلات وابن عبد الله الوكوتي اليزناسني وامحمد أولعيز التوزاني) والمتمثلة في: ضمان تعميم الثورة.كفاية سلاح بريء من اتهام الغرب لنا بأننا نتحرك لصالح الشرق الشيوعي.موافقة موقف الإخوان لموقفنا من الجارة الإسبان. كما أوصى عبد العزيز الدوائري ومرافقه عبد السلام بن حدو بعدم فتح أي نقاش معهم فيما يخص تنظيم الخلايا باكزناية قبل قبولهم لهذه الشروط. وكان علي أقضاض (حسب مذكرات عبد العزيز أقضاض الدوائري) يقوم إلى جانب الحسن بن حموش الزكريتي باختيار الرجال والشباب الجديرين بالقيام بواجب المقاومة، من جميع دواوير قبيلة اكزناية، وبعد أدائهم للقسم يتم إرسالهم إلى جامع بني حازم فوجا بعد آخر للتدريب على يد عبد العزيز الدوائري، الذي كان ينفذ خططهم الدقيقة في تنظيم وتدريب هؤلاء المجاهدين. كما لابد من الإشارة إلى أنه قد تكونت بقبيلة اكزناية خليتان من الوطنيين المنتسبين لحزب الاستقلال، وفق ما ذكره محمد لخواجة في كتابه "جيش التحرير المغربي 1951-1956... ومذكرات للتاريخ أم للتمويه؟!"، وشملت في البدء خلية أجدير، ثم تكونت بعدها خلية أكنول، وظل أعضاء الخليتين محط متابعة من لدن الفرنسيين. كما تعرضوا للسجن والاعتقال والنفي والمضايقات. ورغم انتمائهم الحزبي إلا أن أهالي اكزناية كانوا يكتفون بالإشارة إليهم بـ (يورا ذٌ وطني) ما معناه "فلان ينتمي الى الوطنية". وساهم أعضاء هذه الخلايا، وخاصة أعضاء خلية أجدير، منذ البداية في بناء الخلايا التي ستفضي إلى ظهور جيش التحرير...، مع قطعهم الصلة مع التنظيمات الحزبية التي حاولت التأثير في مسار الكفاح المسلح طيلة شهور الحرب التحررية (يتعلق الأمر بـ"حزب الاستقلال" و"حزب الشورى والاستقلال"، وفروع أحزاب بالمنطقة الخليفية كالإصلاح والأمة). توسيع عباس المساعدي وقيادة الناظور لنطاق عمل خلايا جيش التحرير بعد أن وصل عباس إلى الناظور في صيف 1955 أي حوالي شهرين ونصف قبل انطلاق عمليات جيش التحرير في 2 أكتوبر 1955، وبعد أن وجد في أبناء المغرب الشرقي خاصة في اكزناية ومرموشة وغيرها المخرج للأزمة التي كان يعاني منها العمل الفدائي في المدن أي إمكانية نقل المعركة الى الجبال، لانهم كانوا منظمين في خلايا سرية وعلى استعداد للقتال ولا ينقصهم سوى السلاح، عاش سباقا مع الوقت من أجل الاستعداد لمعركة 2 أكتوبر 1955 قام خلالها بعمل كثيف في ميادين مختلفة، ومنها الشروع في تشكيل خلايا جديدة في عدد من المناطق بالشمال الشرقي. فقد ذكر محمد الخواجة في كتابه "عباس المساعدي الشجرة التي تخفي غابة جيش التحرير"، أنه تم فتح مراكز جديدة بالأطلس المتوسط الشمالي وبالقبائل الشرقية بمنطقة بركان وفي الجهة الغربية لجرسيف ومسون وصاكا، فقد قام منذ أيامه الأولى في الناظور بتكثيف الاتصالات بمناطق مختلفة وبالمراكز القريبة من الحدود بين مناطق الاستعمار الفرنسي والاسباني باكزناية ومطالسة وآيت بويحيي وآيت يزناسن ومع المناطق البعيدة عن الحدود، فقد فوض الأمر لأبنائها الذي أبدوا استعدادهم للمقاومة للقيام باستمالة الأفراد النافذين في قبائلهم، وبالتنسيق معهم استطاع الاتصال بالعديد من المراكز الممتدة من نواحي جرسيف إلى أزرو وبركين. وأشار لياس ميمون أوعقا في مذكراته متحدثا عن مراكز الأطلس المتوسط إلى أن خطة عباس المساعدي كانت "تسير في اتجاه إشعال الحرب في كل جنبات جبال بويبلان غربا وشرقا وشمالا".
 
(5) وفاة محمد بوجبن أحد رجالات المقاومة وجيش التحرير بمثلث الموت

توفي عن عمر يناهز 89 سنة. وينحدر الراحل من منطقة بورد شمال تازة، ويعتبر من بين آخر المقاومين الذين لازالوا على قيد الحياة والذين شاركوا في حرب التحرير من أجل الاستقلال، في صفوف جيش التحرير المغربي سنوات 1955-1956. وجدير بالذكر أن أبوه "محمد بوجبن" كان من القادة المؤسسين لخلايا جيش التحرير بمنطقة اكزناية، والمرحوم محمد بوجبن الابن هو أيضا مقاوم شارك في جل المعارك التي خاضها جيش التحرير. ورغم كبر سنه الذي تجاوز الثمانين سنة، إلا أن هذا المقاوم كان حريصا على حضور عدد من الملتقيات والفعاليات التي كانت تنظم بمنطقة اكزناية (التي سماها الاستعمار الفرنسي بمثلث الموت) من طرف عدد من الجمعيات المهتمة بتاريخ المنطقة وحفظ الذاكرة، وكان حريصا على تقديم رواياته وشهاداته حول مرحلة الكفاح المسلح وحيثيات تشكل خلايا جيش التحرير وعملياته ضد المستعمر بمنطقة اكزناية. ففي كل مرة كان يحضر فيها لندوة ما أو يوم دراسي...، كان الجميع يحرص على الانصات إليه بشغف والتقاط الصور معه، نظرا لكونه واحدا من بين المقاومين الذين لايزالون على قيد الحياة، والذين أصبحوا يعدون على رؤوس الأصابع، ويرى فيهم أبناء المنطقة صور آبائهم وأجدادهم بجلابيبهم التقليدية وعماماتهم ولحاهم البيضاء، ويحضون بالاحترام والتقدير من طرف الجميع. ففي 20 نونبر من سنة 2014، حضر محمد بوجبن فعاليات اليوم الثقافي المنظم من قبل "جمعية أكنول للتنمية والثقافة وحفظ الذاكرة" و"جمعية بورد للتنمية"، بدار الشباب ببورد، تخليدا للذكرى 59 انطلاق عمليات جيش التحرير في 2 اكتوبر 1955 ضد الاستعمار الفرنسي. وقد كان حضوره لافتا حيث شد انتباه كل الحضور لشهادته حول مساهمة "ادريس ولعوش" وأبوه "بوجبن" في إنجاح الهجوم الذي نظم من قبل جيش التحرير عن مركز الشؤون الاهلية ببورد ليلة 02 أكتوبر 1955، ومن مجمل ما قاله في هذه الشهادة : أن عبد العزيز الدوائري أحد مؤسسي جيش التحرير وقائد الهجوم على بورد أمر المقاومين عند وصولهم الى المكان المسمى "البلوطة" بالقرب من بورد بالتوقف وانتظار وصول "السارجان ادريس ولعوش" و" محمد بوجبن" (أب المرحوم) ورفاقهما، وقال لهم بأن تنفيذ الهجوم رهين بهما، فهم أكثر رجالات المقاومة دراية بتحركات المستعمر في المنطقة بحكم أن منزليهما يوجدان على مقربة من المركز العسكري للمستعمر في بورد وهو ما سمح لهما بترقب وتتبع كل تحركات العدو عن قرب، وهذا ما ساهم كثيرا في نجاح الهجوم على مركز بورد. كما أشار محمد بوجبن في هذه الشهادة إلى السرية التي كانت تطبع عمل خلايا جيش التحرير باكزناية بالإشارة إلى أن سنه كان يناهز 22 عاما، عندما كان يتم التحضير للثورة على المستعمر، وهو لا يعرف أي شيء عن مخططات أبيه "بوجبن" ورفيقه "ادريس ولعوش" حول تخطيطهما للمشاركة في تنفيذ ثورة ضد الوجود الاستعماري، بالرغم من أن منزلهم كان مركزا للتدريب على حمل السلاح من قبل أعضاء خلية جيش التحرير ببورد باستعمال بندقية قام بجلبها "ادريس ولعوش" إلى بورد بعد أن أمده بها عبد العزيز الدوائري. فقد أخبر الحضور عن الحيل التي كانت تحبكها له أمه فاطمة كي تحول دون علمه بما يقوم به أبوه وباقي أعضاء الخلية، ومن بينها أنها كانت تتعمد إرساله إلى أماكن بعيدة لجلب شيء ما أو قضاء غرض ما، ولأنه كان يتميز بدينامية كبيرة كان يعود بسرعة إلى المنزل بعد قيامه بالمهمة ولأن الأمر كان يتكرر باستمرار بدأ يشعر بأن هناك أمرا ما يجري في المنزل دون علمه فألح على أمه بأن تخبره بما يقوم به أبوه رفقة ادريس ولعوش ومقاومين آخرين بمنزلهم...، وبعد إلحاحه المستمر اضطرت أمه لإخباره بمخططات أبيه بعد أدائه القسم بعدم إفشاء السر، وتم بعد ذلك إشراكه من قبل أبيه ورفاقه في نشاط الخلية قبل أن يشارك في المعارك التي خاضها جيش التحرير ضد المستعمر. وتبين هذه الشهادة الحرص الشديد الذي كان يليه الأعضاء المؤسسين لخلايا جيش التحرير لمسألة سرية العمل والتحضير، حتى أنهم كانوا يخفون الأمر عن أقرب أفراد العائلة، خوفا من إفشاء الأسرار، فبوجين ظل يجهل ما يحضر له والده لمدة ليست بالقليلة منذ بداية تشكل الخلايا في 1951 والتدرب على السلاح. كما تطرق في شهادته إلى أشكال الاستغلال الاستعماري بالمنطقة، حيث أشار إلى "أن المستعمر كان يرغم الساكنة على العمل أربعة أيام كل شهر بدون مقابل في حمل الحجارة على الظهر وتحضيرها في إطار ما كان يسمى "الكورفي" وذلك من أجل تشييد البناءات وشق المسالك الطرقية وبناء القناطر وزرع شجر الصنوبر...". وأضاف قائلا: "لقد أمرتنا فرنسا العدوة بأداء ضريبة الترتيب، حيث كانت تخرج لجنة مشكلة من الجنود والمقدمين، وتقوم بإحصاء الأشجار المثمرة والمساحات المزروعة وعدد رؤوس الماشية من معز وبغال وبقر ودواجن... التي يمتلكها كل شخص وسيؤدي عليها ضريبة الترتيب... لقد فرضت فرنسا نظامها في بلدتنا وعملاؤها يتصرفون كما يحلو لهم، والخدمات التي كان السكان يقدمونها للمستعمر كانت قسرية، والهجرة الى الجزائر للعمل كانت ممنوعة وكل شخص قام بذلك تتم معاقبته بالسجن مع الأعمال الشاقة (الكورفي) بعد عودته".
 
(6): الأوضاع بالمغرب قبيل انطلاق 02 أكتوبر 1955

سنتطرق في هذا المقال لبعض المعطيات المرتبطة بالوضع الذي أحاط بالفترة التي سبقت انطلاق معارك جيش التحرير في 02 أكتوبر 1955، منها انطلاق المفاوضات بين السلطات الاستعمارية الفرنسية والأحزاب المغربية في أواخر غشت 1955، وسعي فرنسا الحثيث لتجنب اندلاع حرب تحريرية بالمغرب على غرار ما عرفه الجزائر منذ 1 نونبر 1954، ومناورات جماعة تطوان.

بعد تشكل خلايا جيش التحرير منذ 1951 بمنطقة اكزناية ومنذ 1952 بمرموشة، أي قبل أزيد من سنتين من نفي محمد بن يوسف (محمد الخامس)، وشروعها في التحضير لانطلاق الثورة التحريرية والبحث عن مصادر السلاح والتدريب عليه، وجدت نفسها أمام العديد من المعطيات المتسارعة خاصة منذ صيف 1955، منها لجوء عدد من عناصر المقاومة الفدائية إلى الشمال وبداية تأثيرها واتصالها بخلايا جيش التحرير خاصة من طرف عباس المساعدي، إلى جانب بعض التأثيرات السلبية والمعاكسة لجماعة تطوان على مسار الكفاح المسلح من أجل الاستقلال. كما تزامنت هذه الاستعدادات مع بداية المفاوضات بين السلطات الاستعمارية الفرنسية وأطراف سياسية مغربية (كحزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال) التي رفضت خيار المقاومة المسلحة، بعد مرور سنين على نفي محمد بن يوسف (محمد الخامس) دون أن تفعل شيئا ملموسا.

الاستعمار الفرنسي يناور لتجنب انطلاق الكفاح المسلح:

لعبت تصريحات محمد بن عبد الكريم الخطابي من القاهرة منذ نزوله بها سنة 1947، وإنشاء لجنة تحرير المغربي العربي هاجسا كبيرا للسلطات الاستعمارية بالمغرب، وتزايد هذا الهاجس مع انطلاق ثورة الجزائر منذ 1 نونبر 1954. وكان لذلك تأثير وضغط كبيرين على الوضع بالمغرب، فقد أصبح الخوف كبير لدى إدارة المستعمر من أن يصبح المغرب بؤرة أخرى للثورة التحررية مما سيزيد أعبائها العسكرية والسياسية بعد هزيمة الفيتنام المدوية، هذا رغم ثقتها ويقينها أن الأحزاب المغربية لن تلجأ إلى السلاح. ففي سنة 1954 حاولت تلطيف الأجواء، وفتح قنوات الحوار مع الأحزاب وأطلقت سراح العديد من الزعماء ودفعهم إلى لجم المقاومين بالمدن ومنع الاحتجاجات، حيث تشكلت لجان تأديبية من طرف حزب الاستقلال لمعاقبة وحل الخلايا التي يشكلها المقاومين كما ذكر ذلك عبد الصنهاجي في مذكراته، كما اتجهت مساعيها لمحاولة البحث عن مخرج للاجئي الشمال بفتح قناة المفاوضات مع اسبانيا. ويصف محمد الخواجة في مداخلة بعنوان "فرنسا وهاجس انطلاق حركة تحريرية بالمغرب" (غير منشورة) بندوة نظمتها كل من "جمعية أكنول للتنمية الثقافة وحفظ الذاكرة" وجمعية بورد للتنمية والرياضة للجميع" و"جمعية اجدير اكزناية" يومي 17 و18 نونبر 2017، إطلاق سراح الوطنيين بأنه "مشروعا ذكيا"، مذكرا بما قاله رئيس الوزراء الفرنسي أنذاك ادكارفور في مذكراته: "إن أهم قادة حزب الاستقلال الذين كانوا كلهم تقريبا أوفياء لمحمد بن يوسف لا يمثلون تيار العنف، وكانوا يعاتبون على ليونتهم"، وذكر في نفس الوقت بموقف أحد رجال الفداء (الذي وصفه ادكارفور بالإرهابي) حين كان يحاكم فقال " كان حزب الاستقلال يدعونا دائما إلى الهدوء، وقد مللت ثرثرته فغادرته لأقوم بعمل آخر". فرغم ارتياح فرنسا لمواقف الأحزاب، إلا أن البادية والمناطق الجبلية احتفظت بكونها مصدر الإزعاج مع انتقال المقاومين المنفلتين من سطوة قيادة تلك الأحزاب إلى الشمال، وذكر محمد الخواجة في نفس المداخلة المذكورة أنه "رغم طمأنة الحزبيين لسير الأحداث بالمدن التي يسيطرون عليها فكانوا يحذرون الفرنسيين مما يمكن أن يجري بالبوادي". عند اشتداد الخناق على فرنسا بادر ادكارفور رئيس الحكومة إلى الإقرار بمعاناة فرنسا في المغرب، كما ألح المقيم العام على وزير الدفاع الوطني بإرسال قوات عسكرية إضافية ورفض هذا الأخير العرض، واقترح استقدام القوات المتواجدة بالمناطق الهادئة. فإلى حدود غشت 1955 لم تكن مناطق الريف التي تحتلها فرنسا (اكزناية ومطالسة .... إلخ) تثير الشكوك كما كان الأمر نواحي الأطلس بأزرو ومريرت وخنيفرة وايت إسحاق ...

مفاوضات إيكس-ليبان: أزمة الاستعمار الفرنسي تجد حلها في الأحزاب المغربية.

جاءت مفاوضات إيكس-ليبان في ظرف جد حرج، فقد كانت استعدادات جيش التحرير لانطلاق الثورة في مراحلها الأخيرة، بعد أحداث انكشاف عمل بعض الخلايا بالأطلس، وفي ظرف تصاعد عمليات جيش التحرير الوطني الجزائري. وبعد الدعوة إلى المفاوضات، قامت السلطات الاستعمارية الفرنسية بتنويع المفاوضين بــإكس ليبان التي جرت في الفترة 22 و27 غشت 1955، فضم الوفد المغربي خليطا غير متجانس من ممثلي الأحزاب ومجموعة من القياد، مما سهل على المفاوضين الفرنسين تمرير شروطهم وعلى رأسها إحداث مجلس الوصاية على العرش، وقد انطبق على هذه المفاوضات القول: " إن فرنسا في هذه المحادثات إنما تحاور نفسها". وكانت المبادئ المتفق عليها في إيكس ليبان وفق ما ذكره ادكارفور هي:
1- ذهاب بنعرفة
2- تكوين مجلس حفظة العرش
3- تكوين حكومة مغربية بعد عودة محمد الخامس
4- قضية عودة محمد الخامس إلى فرنسا بقي تاريخ تحقيقها معلقا
وابتهجت السلطات الفرنسية مما تمخض عن محادثات إيكس-ليبان خاصة بعد الاستماع إلى المداخلة البليغة بلغة فرنسية راقية لعبد الرحيم بوعبيد كما جاء في مداخلة الخواجة، وعلق عليها ادكارفور: "ألم يكن هذا أعظم ضمان لفرنسا من قبل أناس يعبرون جيدا عن عبقرية هذه اللغة ". والملاحظ أن هاته المفاوضات لم تخض في موضوع الاستقلال، وقد رفضها المقاومين وعبر محمد بن عبد الكريم الخطابي مرارا على رفض هذا النهج وما يمكن أن يتولد عنه، ووصفها أنذاك المهدي المنجرة بـ"الخيانة" وقد توالت العديد من اللقاءات فيما بعد ووقعت العديد من الاتفاقيات أطرت العلاقات الفرنسية المغربية لكن لم يعرف الكثير حول مضمونها، باستثناء بعص التصريحات المقتضبة.

فرنسا في مواجهة الخطر الداهم

من خلال مذكرات ادكارفور يمكن أن نتشف المحاولات الفرنسية آنذاك بخصوص تنحية بنعرفة لإرضاء الحزبيين من جهة، ومن جهة أخرى لتهدئة الانزعاج الاسباني من عدم إخبارها المسبق بنفي محمد الخامس وكذلك لدفع في اتجاه تنسيق الجهود الاستعمارين الفرنسي والاسباني حتى لا تكون المنطقة الشمالية المستعمرة من طرف إسبانيا قاعدة لانطلاق الكفاح المسلح مستقبلا... كما نستشف استشعار "الاخطار الكبيرة" القادمة التي كانت لدى السلطات الاستعمارية خلال شهر شتنبر 1955 والتي يجب تجنبها بتحية بنعرفة. مما يعني أن السلطات الاستعمارية كانت تسابق الزمن للحيلولة دون انطلاق عمليات جيش التحرير المغربي، فذهاب بنعرفة مرتبط أشد الارتباط بالالتفاف على الخطر القادم. والأخطر من هذا، وفق محمد لخواجة هو الاستنتاج الذي وصل إليه رئيس الوزراء الفرنسي ادكارفور حول اعتماد الفرنسيين على الأحزاب لاستبعاد خطر داهم، لأنه تكونت لدى السلطات الفرنسية قناعة كون الوطنيين لا يستبعد انحيازهم إلى حملة السلاح إذا لم يغادر بنعرفة. ومن هنا ولكون الأحزاب المغربية كانت في جيب الاستعمار، كان الهاجس من المناطق التي يمكن أن تشكل تهديدا حقيقيا للوجود الاستعمار وتنسف التفاهمات التي جرت في إيكس ليبان. فقد حاولت السلطات الفرنسية إفشال انطلاق جيش التحرير بزيارة مسؤول كبير من رئاسة الجمهورية رفقة المقيم العام دولاتور إلى بورد وأكنول وتيزي وسلي يوم 26 شتنبر واعدا بالإصلاحات القادمة. كما عمدت سلطات الاحتلال بذريعة وجود اتفاق مع الجزائريين لقيام عمل مسلح انطلاقا من المنطقة الخليفية الخاضعة لسيطرة إسبانيا، إلى عسكرة الحدود الممتدة من وزان إلى كرسيف وإلى بركان، وشهدت مراكزها العسكرية الفرنسية تكديس القوات خوفا من أن تصبح هذه الجهات أو بعضها مسرحا لانطلاق حرب تحريرية ... وبعد تسرب أخبار غير مؤكدة عن إمكانية وجود مناطق معينة في اكزناية والأطلس المتوسط لها ارتباط بالأخبار المسربة حول تحركات مقلقة، وضعت حراسة مشددة في الطرقات. كما تم استنفار المقدمين والشيوخ والمخبرين المنبثين في الدواوير من طرف ضباط مراكز الشؤون الأهلية. وقد ثبت يوما قبل الهجوم أن "تادي" حاكم بورد كان يسأل عما يروج من كون بعض الأفراد لهم علاقة بالأمر بواسطة رسائل توصل بها، بالإضافة إلى استدعائه للشيخ محمد مسعود اعبابو، ولم يفارقه إلا عند اقتراب منتصف الليل، لتبادل الرأي حول ما يشاع ... وما أدل على كثرة الوشاة المنبثين في القبيلة هو حيازة الفقيه عبد العزيز، قائد هجوم بورد، لمذكرة القبطان بعد فراره من منزله. وجدها مليئة بصور المخبرين، وإلى جانبها تعليقات "تادي". وقد تسلمها منه عباس المساعدي بطلب منه، دون كشف محتواها. وضاع بهذا سيل من الأسرار، كما جاء في مداخلة محمد الخواجة استنادا إلى مذكرات عبد العزيز أقضاض. لقد فوت حرص خلايا جيش التحرير على السرية، الفرصة على المخبرين في منطقة بورد، بخلاف تيزي وسلي التي تسرب فيها الخبر عشية 1 أكتوبر، مما دفع الحاكم الفرنسي إلى تجميع الأسلحة والعسكريين وأبنائهم في المغارات التي أعدت ب "ثاوريث إعذويان"،كما تسرب الموعد المقرر للهجوم كذلك في مرموشة وفق مذكرات ميمون لياس أوعقا، لكن لم يمنع ذلك من نجاح الهجوم.

مناورات جماعة تطوان

أقام أعضاء هذه الجماعة شهورا طويلة بتطوان دون أن يمروا إلى الفعل، وإحداث نقلة إلى الكفاح المسلح رغم توفر السلاح منذ 30 مارس 1955 عبر سفينة "دينا"، كما قاموا بمحاولات لإيقاف عجلة الكفاح بتأكيدهم على أولوية التفاوض واتهام عباس المساعدي بالمتسرع. أورد محمد الخواجة في كتابه "عباس المساعدي الشجرة التي تخفي غابة جيش التحرير" مراسلات لعباس المساعدي التي كان يحث فيها جماعة تطوان للقيام بمهام عملية ملموسة في جبهة القتال، هذه المراسلات يؤكد من خلالها عباس المساعدي أن الكفاح من أجل الاستقلال يستدعي الانتقال إلى العمل الميداني في الناظور والمناطق التي ستشهد انطلاق عمليات جيش التحرير وليس ملازمة تطوان أو ترصد السفريات. إثر ذلك بعث عبد الكريم الخطيب بتاريخ 10 غشت 1955 أي قبل حوالي شهر و22 يوما من انطلاق ثورة 2 أكتوبر 1955 لعبد الله الصنهاجي الرسالة التالية: " ...السيد عبد الله الرجاء منكم الحضور لتطوان يوم الخميس، لحضور الجمع الأول الذي سيتعقد يوم الجمعة صباحا. إننا نؤكد عليكم في ذلك مصحوبين بجميع الحسابات وكناش الاتصالات التي عندكم وكذلك ما تبقى لكم من مال لا زال تحت يدكم مرفقين بالأخ عباس". وعوض الاستجابة لطلبات قيادة مركز الناظور بإرسال العدد الكافي من الأطر والقادة ليساهموا إلى جانب عباس والصنهاجي في العمل الميداني قامت جماعة تطوان بتصرفات غريبة في فترة عسيرة يتم فيها الاستعداد على قدم وساق لانطلاق حرب التحرير، وكان من شأن ذلك تقويض عمل جيش التحرير برمته. اعتبر الصنهاجي، في مذكراته، ذلك مؤامرة تحاك ضد خطة جيش التحرير، الغاية منها وأد حرب التحرير في مهدها، فبعد وصول عباس إلى تطوان على متن طائرة، اتصل بالغالي العراقي هاتفيا يخبره بأنه سيزوره، غير أن هذا الأخير رد عليه بأنه مشغول بالحسابات بالمتجر الذي يشتغل فيه، كما وجد قرار إبعاده عن تسيير مركز الناظور في انتظاره. وتم سجنه لأنه أبدى رأيه في التنظيم المتقاعس بتطوان واستطاع معانقة ثوار الريف والأطلس وأكد للجميع أن الحرب التحررية ستبدأ لا محالة. تراجعت جماعة تطوان عن خطتها، على أساس أن يتحمل الصنهاجي مسؤولية جيش التحرير وحده دون عباس المساعدي فعاد هذا الأخير إلى الناظور مرفوع الرأس. وهنا يتساءل لخواجة في كتابه "عباس المساعدي الشجرة التي تخفي غابة جيش التحرير": كيف تسند مهمة التسيير للصنهاجي؟ وهي تعلم أن دوره كان يقتصر على الجانب الإداري المحض، وأن التنظيم العسكري والاتصالات والتنقلات إلى المواقع من اختصاص عباس المساعدي. كما تملصت هذه الجماعة من وعودها بتوفير السلاح لخلايا جيش التحرير كما ذكرنا في الجزء الخامس من هذه السلسلة من المقالات.

كثافة تحركات عباس المساعدي استعدادا لانطلاق جيش التحرير

استعرض محمد لخواجة في كتابه "عباس المساعدي الشجرة التي تخفي غابة جيش التحرير" النشاط الكثيف لعباس المساعدي خلال شهرين ونصف من وصوله إلى الناظور إلى غاية انطلاق جيش التحرير في 02 أكتوبر 1955، فكان كثير التنقل بين أماكن تدريب المقاتلين، وإعطاء التعليمات للجهات المعنية بالكفاح على طول وعرض جبهة القتال من دار عمر أشهبون غرب "قاسيطا" و"ثلات أزلاف" للقاء عناصر من تيزي وسلي وأكنول إلى "عين زورا" لالتقاء مناضلي جهة مزكيتام ومغراوة وصاكا، وعلى ضفاف ملوية للقاء ثوار بركان وفي الناظور يتم اللقاء بممثلي جهات الأطلس المتوسط بكل قبائله من مرموشة وآيت وراين. وكان يقوم بتوزيع المهام والإعداد الحربي والنفسي للمقاتلين، وتكليف لاجئي الناظور بأنشطة مختلفة (تنظيف الأسلحة، نقلها إلى مناطق التدريب...)، كما قام بعدة مهام في التنسيق مع الخلايا وتشكيل مراكز جديدة لجيش التحرير والتدريب وربط اتصالات مع عدد من المناطق الشمالية الشرقية والاطلس المتوسط...
 
(7): تحديد موعد هجوم 02 أكتوبر 1955

في هذا المقال من سلسلة مقالات حول جيش التحرير سنتناول الحيثيات المرتبطة بتحديد موعد هجوم 02 لأكتوبر 1955، و المعطيات المرتبطة بالوضع الذي أحاط بتلك الفترة بعد مفاوضات أيكس ليبان بين السلطات الاستعمارية الفرنسية والأحزاب المغربية في أواخر غشت 1955، وسعي فرنسا الحثيث لتجنب انطلاقة جيش التحرير المغربي، وموقف الأحزاب من انطلاقة جيش التحرير.

عاشت الخلايا السرية لجيش التحرير ظروفا معقدة وحرجة خلال صيف سنة 1955 إثر توجه الأحزاب للمفاوضات مع السلطات الاستعمارية الفرنسية، وإثر فشل محاولات عديدة لعدد من الخلايا في المدن وفي الاطلس وهو ما زاد من توجس ويقظة السلطات الاستعمارية. فقد وضعت أمام امتحان عسير خلال شهري غشت وشتنبر 1955، وهو وضع لم تختبره هذه الخلايا منذ تشكلها في 1951 باكزناية وفي 1952 بمرموشة... وكانت قد أعدت العدة لانطلاق العمليات الحربية بعد اجراء التداريب اللازمة على الأسلحة، وإثر ربطها لاتصالات مع مركز قيادة الناظور بعد وصول عباس المساعدي إليه وتوزيع الأسلحة، بدأ تحضير مخطط وتوقيت انطلاق عمليات جيش التحرير.

كيف تحدد موعد الهجوم على قوات المستعمر الفرنسي؟

بالرغم من السرية البالغة التي أحاطت عمل وتحضير خلايا جيش التحرير، التي كانت حريصة إلى أبعد الحدود على كتمان تحركات أعضائها، مما جنبها ضربات واعتقالات السلطات الفرنسية على غرار خلايا المدن والأطلس. إلا أن وصول عناصر المقاومة بالمدن إلى الشمال وبداية اتصالاتهم بهذه الخلايا سيعرضها لمخاطر الانكشاف قبل الأوان. وهذا ما توضح فيما يتعلق بموعد تاريخ تنفيذ الهجوم، فرغم حرص عباس المساعدي على سرية الموعد وعدم تبليغه إلا في اللحظات الأخيرة إلا أن هناك الكثير من المعطيات كانت تشير إلى انكشافه للمستعمر. فوفق مذكرات ميمون أوعقا فقد طلب منه عباس المساعدي إلى جانب الدخيسي وأخرين إيصال السلاح من الناظور إلى مرموشة لتوزيعه على خلايا الأطلس خلال النصف الثاني من شهر شتنبر والعودة إلى الناظور، وذكر في مذكراته: "انفرد بي (أي عباس المساعدي) وأمرني بالعودة إلى الناظور بمجرد وصول الأسلحة إلى إيموزار مرموشة وذلك لاطلاعي على تاريخ بدء الهجوم المباغت على المستعمر في المنطقة". وبعد عودته إلى الناظور يقول ميمون أعقا في مذكراته: "أخبرني أن توقيت الهجوم على جميع مراكز العدو بالمناطق المعلومة هو صبيحة يوم الأحد ثاني أكتوبر 1955 على الساعة الواحدة". كما اتفق عباس المساعدي مع عبد العزيز الدوائري العضو المؤسس وقائد جيش التحرير باكزناية على أن التاريخ المحدد لإخباره هو يوم السبت 1 أكتوبر 1955، لكن تفاجأ عباس المساعدي بارتباك في تبليغ توقيت الهجوم على القوات الفرنسية، بعد قيام سعيد بونعلات وهو أحد عناصر مركز القيادة بالناظور بإخبار عبد العزيز الدوائري بتوقيت تنفيذ الهجوم بتاريخ 30 شتنبر 1955 وفق ما جاء في مذكرات عبد العزيز أقضاض. وبخصوص الجهة التي أقرت موعد انطلاق عمليات جيش التحرير، فقد ذكر عبد الكريم الخطيب (الجزائري الأصل والذي لم يحصل على الجنسية المغربية إلا في سنة 1963 عندما أصبح نائبا في البرلمان المشكل حديثا بعد دستور 1962)، أنه اجتمع مع الملحق العسكري للسفارة المصرية بمدريد عبد المنعم النجار بتاريخ 10 شتنبر 1955، وقرروا موعد بدء عمليات جيش التحرير المغربي في 02 أكتوبر 1955، ومنه توصل عباس المساعدي بالموعد بالنظر للعلاقات التي كانت له بعبد المنعم النجار والمخابرات المصرية في عهد جمال عبد الناصر، في إطار محاولة فتح جبهة جديدة للعمل المسلح في غرب الجزائر والمغرب وفق ما جاء به فتحي الديب ضابط المخابرات المصرية في كتابه "عبدالناصر وثورة الجزائر" حيث يشير إلى أسباب اختيار المغرب لإنزال السلاح الذي جلبه الجزائريون، عبر مجموعة من السفن والمتمثلة في الحصار المضروب على شواطئ الجزائر، بعض انطلاق ثورة التحرير الجزائرية منذ 01 نونبر 1954. وتخصيص جزء من ذلك السلاح للمغرب وفق اتفاق 15 يوليوز 1955 المبرم بين مركز قيادة الناظور وجيش التحرير الجزائري، لتفجير بؤرة أخرى للكفاح المسلح.

الأحزاب السياسية المغربية وجماعة تطوان وانطلاقة جيس التحرير

أوضح محمد الخواجة، في كتابه "عباس المساعدي الشجرة التي تخفي غابة جيش التحرير"، أهمية وخطورة هذا الحدث(تسريب موعد انطلاق عمليات جيش التحرير)، وأشار إلى أن إفشاء الأسرار الخطيرة جعلت المستعمر يتوصل بخبر تنفيذ الهجوم في 23 شتنبر1955، حسب ما جاء في مذكرات "إدكار فور" رئيس الوزراء الفرنسي آنذاك، والتي يشير فيها إلى أنه توصل برسالة سرية من الكولونيل "تويا Toya" يخبره فيها أن الاستعدادات قائمة لإشعال انتفاضة في 2 أكتوبر 1955 ابتداء من منتصف الليل، ويشير محمد لخوجة إلى أن الخطيب ورفاقه في جماعة تطوان هم من قاموا بتسريب توقيت تنفيذ الهجوم للمستعمر. فخلال غشت 1955 بدأت الخلافات تتصاعد بين جماعة تطوان وعباس المساعدي ومركز الناظور حول العديد من القضايا، ففي الوقت الذي كانت فيه الأحزاب قد انخرطت مع المستعمر في المفاوضات المعروفة بإيكس ليبان، كان عباس المساعدي وعبد الله الصنهاجي وآخرون بمركز الناظور يواصلون الاستعدادات لانطلاق عمليات جيش التحرير بعد وصلوهم إلى الشمال ووجدوا أن الخلايا قد جرى تشكيلها منذ أكثر من أربعة سنوات وعلى استعداد لخوض معركة التحرير والاستقلال ولا ينقصها إلا السلاح، والذي كان موجودا منذ أواخر مارس 1955 برأس الماء نواحي الناظور وبعلم جماعة تطوان دون أن تحرك ساكنا. وقد حاولت جماعة تطوان في 10 غشت 1955 إبعاد عباس المساعدي عن قيادة جيش التحرير ووضعه تحت الإقامة الجبرية بتطوان كما جاء في مذكرات عبد الله الصنهاجي لكن هذه المحاولة فشلت في ذلك، ووصفها هذا الأخير بالمؤامرة السياسية ضد انطلاقة جيش التحرير المغربي، كما أشار في مذكراته للجان التأديبية التي أسسها حزب الاستقلال لتعقب كل المحاولات التي يقوم بها أعضاؤه لتشكيل الخلايا للكفاح المسلح. وبصدد موقف حزب الاستقلال من جيش التحرير وانطلاقته جاء في مقال بعنوان "تاريخ الحزب" في الموقع الالكتروني لحزب الاستقلال على الأنترنيت ما يلي: "نجح الحزب في القيام بالعمل السياسي المباشر وإحداث خلايا مسلحة. وتم تنظيم العمل في منطقة الشمال بتدريب الفدائيين وتزويد خلايا المقاومة بالسلاح بقيادة الزعيم علال الفاسي، وبمساعدة الأستاذ عبد الكبير الفاسي وعدد من قيادي الحزب بالعديد من المدن والأقاليم، وكان التنسيق كاملا بين مكتبي الحزب في القاهرة ومدريد والأستاذ عبد الخالق الطريس بتطوان. وفي 4 أكتوبر 1955 أعلن زعيم التحرير علال الفاسي من القاهرة ميلاد جيش التحرير المغاربي في بيان مشترك بينه وبين القادة الجزائريين وأعقبه انطلاق العمل الميداني لفصائل جيش التحرير المغربي في الشمال والجنوب." لكن هذه الرواية للأحداث لا تجد أي سند في مذكرات أعضاء جيش التحرير المغربي، فلم يكن لجزب الاستقلال أي علاقة بتأسيس جيش التحرير وفق هذه المذكرات، وميلاد جيش التحرير كان قبل 4 أكتوبر 1955 بأزيد من أربع سنوات إثر تشكل خلاياه منذ 1951، وانطلاق العمل الميداني لفصائل جيش التحرير كان صباح يوم 02 أكتوبر 1955 وليس عقب 4 أكتوبر1955. كما أن هذه الرواية مناقضة لتصريحات ومواقف قادة حزب الاستقلال خاصة علال الفاسي الذي كان على خلاف مع محمد بن عبد الكريم الخطابي في "لجنة تحرير المغرب العربي"، حيث كان محمد بن عبد الكريم الخطابي يرى ضرورة انتهاج الكفاح المسلح من أجل الاستقلال فيما يرى الزعماء السياسيين المغاربة ومنهم علال الفاسي أن هذا الأسلوب قد عفي عنه الزمن وتشبتوا بخيار المفاوضات مع الاستعمار، كما أوضحنا ذلك في المقال الثاني من سلسلة هذه المقالات حول جيش التحرير المغربي. وقال عبد الله الصنهاجي في مذكراته عن موقف حزب الاستقلال، الذي كان قد دخل في مفاوضات مع المستعمر، من عمليات جيش التحرير، ما يلي: "قام بعض الأشخاص البارزين في الأحزاب السياسية يستنكرون أمام الرأي العام هذه الاعمال الوطنية وكانوا يسمونها بالأعمال الإجرامية، وكان الذين صرحوا بهذا القول معروفين عند المقاومين بصفة خاصة ولدى الوطنيين بصفة عامة، وفي مقدمتهم حزب الاستقلال، الذي جاء في تصريح أحد قادته البارزين بمركز الحزب بالرباط، وهو محمد اليزيدي يوم 10 أكتوبر من سنة 1955 بعد معارك جيش التحرير بأسبوع في تصريحه لجريدة لوموند الفرنسية أنه لا علاقة لحزب الاستقلال بحوادث الريف وأهلها".
 
عرض عسكري للقوات المسلحة الملكية المغربية بفاس، 18 نوفمبر 1957. عام واحد بعد نيل الاستقلال من الاحتلال الفرنسي

1705186730186.png
1705186865174.png
1705186926230.png
1705187030824-png.147153

1705187289366.png

1705187655403-png.147155

1705188595385.png
 
عودة
أعلى